اقتصادالأخبار البارزة

النشاط الصناعي في المناطق الحرة «متواضع» … درويش لـ«الوطن»: نطالب الحكومة بدعم النشاط الصناعي بالمناطق الحرة وإلغاء معاملة المواد المصنعة بالحرة معاملة المستوردة

| هناء غانم

أكد رئيس اللجنة العليا للمستثمرين في المناطق الحرة، فهد درويش، في تصريح لـ«الوطن» ضرورة إعادة النظر في العديد من القضايا التي تتعلق بالمناطق الحرة لما فيه دعم للاقتصاد الوطني. مطالباً الحكومة بتشجيع النشاط الصناعي في المناطق الحرة، من خلال إلغاء القيود والمواد القانونية التي تعوقه، وأهمها المادة 148 من قانون الجمارك، موضحاً أن النشاط الصناعي في المناطق الحرة يقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، شبيهة بالتي يقدمها مثيله في المدن الصناعية، ما يستوجب من الحكومة واللجنة الاقتصادية تقديم حوافز تشجيعية مشابهة.
واعتبر درويش الذي يشغل عضو مجلس إدارة اتحاد غرف التجارة أن النشاط الصناعي في المناطق الحرة يمكن أن يكون قاطرة نمو إضافية للتنمية الوطنية، خاصة في ظل الحصار والعقوبات، وذلك مرهون بأن يأخذ حقه من معالجة الصعوبات.
واعتبر درويش أن تطبيق المادة 148 على النشاط الصناعي عند وضعه بالسوق المحلية أدى إلى تراجع المستثمرين عن إقامة نشاط صناعي بالمناطق الحرة، ولأن المستثمر يعتبر السوق المحلية والخارجية مجالين متكاملين لتصريف منتجه، الأمر الذي يجعله وفق المادة 148 عاجزاً عن تصريف بضائعه محلياً، ناهيك عن تأكيد المادة نفسها على أنها تعامل منتجاته ضمن السوق السورية معاملة المواد المستوردة وتحملها تكاليف إنتاج أعلى ورسوم منتج نهائي تصل إلى 30% ما يجعله خارج المنافسة.
وأوضح درويش أن المادة 148 من قانون الجمارك السوري تنص على معاملة المواد المصنعة في المنطقة الحرة معاملة المواد المستوردة، حتى لو اشتملت على مواد محلية داخلة في تصنيعها أو مواد مستوردة سبق دفع رسومها الجمركية.
وأضاف: إن تصريف منتجات النشاط الصناعي في المناطق الحرة مخصص أساساً للتصدير إلى الأسواق الدولية، وإنه في حال الرغبة بتصريف جزء من منتجه في السوق المحلية، فيمكن إعفاء المواد الأولية الداخلة في إنتاجه والأصناف التي سبق تأدية رسومها وضرائبها قبل إدخالها إلى المناطق الحرة، وليس اعتباره مادة مستوردة بالكامل، مبيناً أن دعم الصمود الاقتصادي الوطني يستوجب استقطاب نشاطات صناعية إلى المناطق الحرة تكون داعمة ومكملة لحاجة السوق المحلية، وقادرة على كسر الحصار والعقوبات.
ولفت إلى أن هناك أسباباً أخرى إلى جانب المادة /148/ أدت إلى تراجع النشاط الصناعي في المناطق الحرة، مقارنة بمثيله في المناطق الحرة في دول العالم، مثل تطبيق أحكام التجارة الخارجية على النشاط الصناعي بالمناطق الحرة، وعدم قيام الحكومة بتقديم حوافز تفضيلية، لتشجيع المستثمرين على النشاط الصناعي في المناطق الحرة، إضافة إلى أنه في الوقت الذي تقدم فيه الحكومة كل الدعم والتسهيلات للنشاط الصناعي والصناعيين في المدن الصناعية، تقف مكتوفة اليدين أمام تشجيع النشاط الصناعي في المناطق الحرة.
وضرب مثالاً على ذلك، هو توجه كل دول العالم نحو توفير كل الإمكانات لعمل المناطق الحرة واعتبارها حواضن ازدهار اقتصادي تستقطب صناعات ومستثمرين من كل الدول، ما جعل عددها بالآلاف، وهناك تجارب ناجحة في مصر والأردن والإمارات يمكن الاستفادة منها.
وبالمقابل، تعاني المناطق الحرة السورية من ضعف النشاط الصناعي، وأبرز مثال هو المنطقة الحرة في حسياء، إذ إن النتائج متواضعة جداً، إضافة إلى خسارة موازية بالرسوم والإشغالات والإيجارات التي لم تحدث لعدم وجود النشاط الصناعي أصلاً، وذلك على الرغم من أن الدولة صرفت المليارات على تجهيزات المنطقة وبناها التحتية وفق أعلى مستوى دولي، إضافة إلى تمتعها بموقع جغرافي اقتصادي وخطوط نقل ومساحات واسعة ويد عاملة خبيرة ومدربة.
وأوضح أن الصعوبات لا تتوقف عند هذه المادة، فهناك اتفاقية التجارة الحرة العربية، وهناك اتفاقيات ثنائية مع الدول الصديقة حجبت المزايا الممنوحة للمنتجات المصنعة داخل المناطق الحرة، وأصبحت عاجزة عن منافسة منتجات قادمة من الدول العربية بسبب ارتفاع تكاليفها مقارنة بالإعفاءات والميزات التفضيلية للمدن الصناعية.
وأشار إلى أن الحديث عن استقطاب المستثمرين على الاستثمار في المدن الصناعية يستوجب أولاً استقطابهم على الاستثمار في المناطق الحرة، وجعلهم يلمسون الأثر والجدوى الاقتصادية لتحفيزهم على الانتقال بصناعاتهم إلى الداخل، مبيناً أن حماية الصناعة الوطنية لا تعني وضع قيود تعجيزية على النشاط الصناعي بالمناطق الحرة، وأنه يمكن البدء بالبضائع الممنوع استيرادها، أو المنتجات الكهربائية والدوائية والتكنولوجية والكيميائية والنسيجية، كذلك إقامة صناعات تلبي حاجة السوق المحلية، وصناعات تصديرية للسوق الدولية، والاستفادة من المواد الأولية المحلية بتصديرها ضمن منتج صناعي يحقق قيمة مضافة محلية بدلاً من تصديرها مواد أولية بأسعار متدنية جداً.
ولفت درويش إلى فوائد أخرى يقدمها النشاط الصناعي في المناطق الحرة، مثل: تخفيض فاتورة الاستيراد وتحسين مستوى المعيشة من خلال الأجور العالية لليد العاملة، والعوائد المالية المجزية بالقطع الأجنبي لخزينة الدولة من الرسوم والضرائب والإيجارات والفواتير، كما أن المستثمر لا يتملك العقار المصنع وتبقى عائديته للدولة في نهاية المدة الاستثمارية، وتستطيع أن تستفيد منه، إضافة إلى تنمية اقتصادية مرافقة في المنطقة المحيطة بالمنطقة الحرة، وازدهار الخدمات التجارية المتصلة بالنشاط الصناعي مثل النقل والتخليص الجمركي والتأمين والمصارف، وتشجيع الترانزيت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن