رياضة

السلة الأنثوية غائبة أم مغيّبة والحلول على الدنيا السلام

| الوطن

شهدت السلة الأنثوية في عهد الاتحاد السابق نقلات نوعية على صعيد المسابقات المحلية والمنتخبات الوطنية، وكانت نتائجها جيدة قياساً على فترة الانقطاع الطويلة التي عانت منها رياضتنا الوطنية بشكل عام منذ بداية الأزمة التي شهدتها البلاد، ولم ينصب عمل الاتحاد على المسابقات والمنتخبات فقط، بل كانت هناك خطوات تسجل له من حيث زيادة جماهيرية اللعبة، واتساع رقعة انتشارها، فظهرت أندية جديدة في محافظة السويداء، وكذلك الحال في ساحلنا الجميل حيث برز فريق الساحل كفريق مهم، ونشطت اللعبة فيه وحقق لقب كأس الجمهورية، وتطورت اللعبة في أندية محردة والسلمية، وظهرت أندية جديدة مارست السلة الأنثوية أمثال نادي التضامن باللاذقية، والتي شهدت فئاته العمرية تطوراً ملحوظاً وحققت ألقاباً، وفي حلب حافظت اللعبة على رونقها وإن تأثرت في ناديي الاتحاد والحرية غير أنها عادت بقوة، كل هذا التطور لم يلق أدنى درجات الاهتمام عند الاتحاد المؤقت الذي وضع اللعبة في آخر اهتماماته، فبدلاً من متابعة نهج الاتحاد السابق واستمراريته في دعم اللعبة، قام بوضعها في آخر أولوياته، وأكبر دليل على صحة كلامنا أنه حتى كتابة هذه السطور لم يشكل أي لجنة خاصة بالسلة الأنثوية لأسباب غير معروفة.

عدم الاهتمام

رغم التطبيل والتزمير الذي يمارسه اتحاد كرة السلة المؤقت لتفوقه وإنجازاته التي يعتبرها خارقة وفريدة واستثنائية، غير أنه من المؤكد لم يطلع على واقع السلة الأنثوية منذ فترة طويلة ليشاهد التراجع المخيف بمستوى أنديتها، وكيف غابت اللعبة في أندية وتراجعت في أخرى، وهو كالشاهد الذي لم يشاهد شيئاً، وإن كانت بعض الأندية المجتهدة كقطرة المعقم الوحيدة للعبة، إلا أنها باتت أشبه بحالة استثنائية في الظرف العام الذي تمر به السلة الأنثوية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ازدادت المشكلة تعقيداً بعدما أهملت اللعبة في عهد الاتحاد المؤقت وهو يضم نجمة كبيرة لمنتخباتنا الوطنية لسنوات طويلة.

تراجع

كل من شاهد وتابع مباريات مرحلة الذهاب من عمر دوري سلة السيدات يدرك أن هناك تراجعاً مخيفاً في مستوى أغلبية الأندية التي كنا نراها في المواسم السابقة نشطة ومجتهدة وحققت نتائج مشرقة، لكن يبدو أن اللعبة في عهد هذا الاتحاد بدأ خطها البياني يشهد تراجعاً مخيفاً دون أن تكون هناك حلول ناجعة لاجتثاث الأمراض المستعصية التي أرهقت السلة الأنثوية، وإذا تحدثنا بصراحة وبعيداً عن المجاملة نجد أن سلة سيدات الوحدة في أضعف حالاتها، والفريق أصبح فريقاً وديعاً لا يحسب له حساب بعد أن كان بعبعاً وحجر العثرة في وجه أقوى الفرق.

أما سلة نادي بردى فيبدو أنها اقتنعت بمكانها في الدرجة الثانية، وسلة الثورة ما زالت تصارع ظروفها وعثراتها وشح إمكاناتها المادية ورغم ذلك بقي الفريق محافظاً على سمعته ومستواه ونتائجه على لائحة الترتيب، أما السلة الأنثوية في نادي الجيش فحدث ولا حرج بعدما نسيت الإدارة اللعبة من أساسها وتلاشت دون رجعة منذ سنوات طويلة.
وفي حمص فالسلة الأنثوية غائبة ومعدومة، وكذلك الحال في مدينة حماة.

أما في حلب فالوضع مختلف وهناك من يجتهد ويعمل وأندية بدأت تتطور، وإن بدا تطورها على حساب ضعف بعض الأندية، إلا أن خطواتها الأولى كانت صحيحة ولابد من أن تصل لنهايات مثمرة ومفيدة، وفي ساحلنا الجميل تكاد اللعبة تلفظ أنفاسها وما تكاد تصعد فرقه لدوري الأضواء حتى تعود أدراجها لدوري الثانية والسبب ضعف وشح الإمكانات المادية التي تصرفها أغلبية إدارات الأندية على اللعبة المدللة كرة القدم.

أما دوري الدرجة الثانية في عهد الاتحاد الحالي المؤقت فالسلة الأنثوية أصبحت كزهرة من زهرات الخريف لا لون ولا رائحة لها، فإذا كانت أندية الدرجة الأولى شبه عاجزة عن دعم فرقها السلوية، فكيف هو الحال في أندية تعيش على التبرعات والهبات وتفتقد كل مقومات الاستثمار والاحتراف؟

خلاصة

ظهرت مواهب وخامات في بعض الأندية تبشر بالخير، وكل ما تحتاجه هو الرعاية والاهتمام والدعم، وبدلاً من صرف أموال المنظمة على معسكرات للسياحة والسفر وشم الهواء كان حرياً دعم اللعبة الأنثوية في جميع الأندية، وتأمين المناخات الملائمة لها.

والسؤال هنا: ألا يشكل هذا التراجع مؤشراً مرعباً ليلفت انتباه الاتحاد المؤقت لواقع اللعبة؟ ألا يدل على أن السلة الأنثوية قد اجتازت الأزمة في ظل هذا الإهمال المتعمد؟ نعم لقد اجتازتها بالفعل ولكن ليس إلى العافية بل إلى الهاوية.
فإذا كنا نريد كرة سلة أنثوية متطورة يجب أن يعلم المؤقتون أن لهذا الأمر شروطاً كثيرة يجب توافرها، وإن كنا نريد كرة سلة تحبو دون أن تستطيع أن تمشي، فنعتقد أن الوضع الحالي قادر على وضعها في غياهب النسيان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن