بذار مغشوشة
نهى شيخ سليمان
يقول المثل الشعبي (بعد الموت عصة القبر) هذا المثل ينطبق على حال مزارعي الساحل الذين كلما ألمت بهم كارثة كانوا على موعد مع كارثة أكثر عصفاً وتخريباً بممتلكاتهم.
الموسم الفائت كان استثنائياً حيث تناوبت فيه النوائب الطبيعية والوضعية، إذ لم يشهد الساحل انخفاضاً مريعاً في درجات الحرارة كالذي حصل، ما أدى لخروج معظم الإنتاج المحمي ومعه كميات كبيرة من إنتاج الحمضيات خارج حسابات المنتجين.
غدر الطبيعة عندما يتكشف عن وجه عبوس لا يمكن احتماله أو التخفيف من حدته، ولهذا سلمنا به واعتبرناه قدراً محتوماً، لكن ما لا نستطيع احتماله أو التسليم به، هو ما يحصل في سوق البذار التي تباع بأسعار مجنحة مستعيرة بذلك أجنحة الدولار الأخضر.
مزارع الساحل هذا الموسم كما ذكرنا، تناوبت عليه النوائب من غدر الطبيعة إلى غدر أصحاب الصيدليات الزراعية الذين باعوه بذاراً بأسعار خيالية لكن لاحياة بها، فالمزارع المسكين بذَر البذار وانتظر فيض المواسم، إلا أن أحلامه تبخرت واكتشف بعد فوات الأوان أنه ضحية لصوص اعتدوا على جيوبه حتى آخر ليرة مجموعة بعرق جبينه، وتبين أن البذار مغشوشة، ونسبة الإنبات فيها لا تتجاوز 5%، وهذا الأمر لم يتصل ببذار البندورة المحمية فقط، بل تعداها إلى بذار أخرى من بذار فاصولياء وكوسا وخيار وغيرها، يحصل هذا في الوقت الذي لا نعتقد فيه أن مزارعنا كان ينقصه بعد غدر الطبيعة غدر ذوي القربى.
والمحزن أكثر أن البذار مستورد ويمر عبر مؤسسات تدعي تحالفها العنيد مع المزارعين ومنتجاتهم، وهنا يتقدم السؤال النازف: أين دور الرقيب على منتجات تباع بلا رقيب؟!!!
الرقابة والمحاسبة باتتا ضروريتين في هذه الأوقات التي كثرت وتنوعت بها كل صنوف اللصوصية والسمسرة.. ودعوة من جديد لتكثيف عمليات تشديد الرقابة حماية للمستورد وللفلاح الذي يتعامل مع مواد وسلع من المفروض أن تكون على درجة عالية من الجودة..!