ثقافة وفن

«المأساوي والسخري في الشعر الأندلسي في عصر الدولة الأموية».. كتاب يبحث في جماليات الشعر الأندلسي

| سارة سلامة

صدر حديثاً عن «الهيئة العامة السورية للكتاب» مؤلف جديد بعنوان «المأساوي والسُّخريّ في الشعر الأندلسي في عصر الدولة الأموية»، تأليف قاسم القحطاني، وصمم الغلاف الفنان عبد اللـه القصير، ويقع في 335 صفحة من القطع الكبير.
ويتناول دراسة الشعر الأندلسي في عصر الدولة الأموية دراسة جمالية، ويتخذ المقولتين الجماليتين (المأساوي والسُّخري)، وهما من القيم الأساسية التي تمثل أحجار الزاوية في البناء الجمالي، ميداناً للبحث والتطبيق، إذ كان من المتوقع أن هذا الشعر في هذه المرحلة قد تمكّن، خلال أكثر من مئتين وثمانين عاماً، من تأصيل مفهوماته الجمالية وقيمه الفنية.
إن دراسة الشعر الأندلسي بمجمله دراسة شاقة، لهذا كان لا بد من الاهتمام بمرحلة محددة منه، وبما هو جوهري فيها، من غير الوقوع فيما هو عرضي أو ثانوي. وهذا ما دعا المؤلف إلى حصر مرحلة الدراسة في عصر الدولة الأموية.

ظاهرة جديدة

ويرى الباحث قاسم القحطاني مؤلف الكتاب أن أهمية هذه الدراسة تنبع من معالجتها ظاهرة جديدة في الشعر الأندلسي لتحقيق عدد من الأهداف منها خدمة تراثنا العربي واستنباط جماليات الشعر الأندلسي وتعميق فهم الأدب ورفد المكتبة العربية بدراسة جمالية تطبيقية تضاف لدراسات سابقة للشعر منذ الجاهلي إلى المعاصر.
ويقدم الباحث القحطاني في الفصل الأول من الكتاب تأسيساً نظرياً لمفهوم المأساوي في تاريخ الفكر الجمالي متطرقاً لهذا المفهوم عند اليونان والغرب ولعلاقته بالمفاهيم الأخرى ثم تجلياته في الشعر الأندلسي بدءاً من مأساة الموت فالشجن ثم مأساة سقوط قرطبة.
ويعرض في الفصل الثاني منه تأسيساً نظرياً لمفهوم السخرية وعلاقتها بالقبح والضحك في تاريخ الفكر الجمالي ثم مفهوم السخرية عند العرب وتجلياتها في الشعر الأندلسي بعصر الدولة الأموية من خلال السخرية والهجاء ومواقف الشعراء من الوضعين الاجتماعي والسياسي والسخرية من طباع الناس وأخلاقهم وهيئاتهم.

الظاهرة الجمالية

اهتم الدارسون والباحثون في المجالات كلها، اهتماماً بالغاً بحضارة الأندلس وتراثه، وأثمر اهتمامهم هذا كثيراً من الدراسات والأبحاث المهمة، التي أضاءت جوانب من هذا التراث، وكشفت حقائقه، وسبرت أغواره، ومضت من بينها الدراسات والأبحاث الأدبية، وهي مجال اختصاصنا، تنهل من مناهج البحث الأدبي المتعددة والمتنوعة، ليأتي أصحابها بكل طريف وجديد، وعلى الرغم من أن علم الجمال يدرس الظاهرة الجمالية، لم يفد النقد الأدبي العربي الحديث كما ينبغي من هذا العلم، الذي ما زال حكراً على دارسي الفلسفة، ونرى ضحالة الإفادة من علم الجمال، في النقد الأدبي الحديث، في حين توجد دراسات نظرية جمالية عدة، في المكتبة العربية، إلا أن هناك قصوراً واضحاً، على صعيد الدراسات الجمالية التطبيقية، وإذا كان تراثنا العربي قد فاز بعدد من تلك الدراسات، فإن نتاجه لا يزال ينتظر من الباحثين الجماليين الاهتمام اللائق.
ولهذا انعقد العزم على دراسة الشعر الأندلسي دراسة يكون ميدانها علم الجمال، والكلام على علم الجمال يعني الحديث عن العلاقات الإنسانية في الواقع، فالعلاقات الجمالية لا تقتصر على الفن فحسب، بل تشمل أيضاً موقف الإنسان من محيطه، وإن كان الفن يشكل ذروة هذه العلاقات، وهذا ما جعل الدراسات الجمالية تهتم به أولاً.

دراسة الظواهر الاجتماعية

تنبع أهمية هذه الدراسة من أنها تعالج ظاهرة جديدة في الشعر الأندلسي في عصر الدولة الأموية، ولا ينفي الباحث وجود دراسات جمالية أخرى مماثلة سابقة، لكن أن يكون الشعر الأندلسي في عصر الدولة الأموية هو مجال هذه الدراسة فهذا ما لم يتحقق في الدراسات الجمالية العربية، التي تناولت هذا الجانب من جوانب علم الجمال، فيما تناهى إليه علم الباحث.
ودراسة القيم الجمالية في الشعر، هي أساسها دراسة الظواهر الاجتماعية الجمالية والفنية، التي تناولها الشعر أو طرحها، إذ إن القيم الجمالية نتاج علاقة الكائن الاجتماعي بالمحيط الذي يعيش فيه ويعايشه، والاختلاف بين علماء الجمال ما زال قائماً وواضحاً حول ماهية الجمالي وطبيعة المفاهيم الجمالية.

وختم الكتاب بمجموعة من النتائج وعرض لمحتوى ما حققه في كل فصل من نتيجة وفائدة، ويذكر أن الباحث القحطاني يحمل دكتوراه في الشعر الأندلسي من جامعة دمشق التي يدرس فيها وله كتاب ابن فركون الأندلسي شاعر غرناطة إضافة إلى مجموعة من البحوث والدراسات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن