ثقافة وفن

طابع البريد.. ثقافة عابرة للقارات

| هبة اللـه الغلاييني

ورقة ذات أطراف مخرمة، مصمغة، منقوش عليها رسم أو صورة أو زخارف رمزية، ورقم يوضح ثمنها، يبلل وجهها الصمغي، وتلصق على المراسلات البريدية، وتعد من أهم ملحقات البريد منذ إصدارها حتى يومنا هذا، تسمى (الطابع البريدي) والذي لم يعد فقط ورقة صغيرة تلصق على ظهر مظروف الرسائل، ولكنه أصبح وسيلة تعريفية لبلد إصداره، ونافذة مصغرة لتاريخه ونتاجه الفكري والمعرفي وحاضره وإنجازاته ومناسباته المختلفة.

تاريخ الطوابع

عام 1837 كانت إدارات البريد في بريطانيا تعاني صعوبة تحصيل الأجور، وكان السير (رونالد هيل)، يجد ثقلاً في دفع أجرة الخطاب في كل مرة يود فيها إرسال واحد، لذلك أتى بفكرة تعفيه من هذا الأمر، وتسهل عمل الإدارات، وهي فكرة أوراق مدموغة تلصق على الغلاف، تسمى (الطابع)، برسوم تعادل أجرة البريد، من أجل توحيد أجرة الرسائل بغض النظر عن المسافة واعتماداً على وزنها فقط. تم وضع أول طابع للتداول عام 1840، يحمل صورة لرأس الملكة فكتوريا، على خلفية سوداء، وكانت قيمته بنساً واحداً، وقد أطلق عليه لقب (البنس الأسود) لهذين السببين. كانت الطوابع في بدايتها متنوعة بين المربع والمستطيل والدائري، ومستقيمة الحواف، غير مخرمة، وتفصل عن قاعدتها بمقص، حتى عام 1847، حيث اقترح ثقب محيطها ليسهل فصلها، فأخذت شكلها المعروف حالياً.
بعد بريطانيا، والتي كانت الدولة الوحيدة التي لا تكتب اسمها على طوابعها، أصدرت أميركا طابعاً بريدياً عام 1842، عليه صورة الرئيس الأميركي جورج واشنطن، ثم البرازيل وسويسرا عام 1843، أما فرنسا فقد تأخرت في إصدار طابعها البريدي الأول حتى عام 1849، حيث أصدرت طابعاً يرمز للحرية، عرف بالطابع المسنن.

تاريخ الطوابع في سورية

وقعت سورية تحت الحكم العثماني حتى عام 1918، وكانت الدولة العثمانية قد بدأت باستخدام الطوابع البريدية منذ عام 1843 في تركيا وفي جميع الدول التي تقع تحت سيطرتها ومن ضمنها سورية، لذلك يعتبر هواة جمع الطوابع المهتمون بتلك المرحلة أن كل طابع بريدي عثماني (أو مغلف بريدي) ممهور بخاتم يعود إلى إحدى المدن السورية هو طابع سوري ويصنف معها.

مع دخول قوات الثورة العربية الكبرى بقيادة الأمير فيصل (ابن الشريف حسين قائد هذه الثورة) إلى دمشق وبقية المدن السورية وتحريرها من سلطة الدولة العثمانية توقف استخدام الطوابع العثمانية في مكاتب البريد واستعيض عنها بطوابع (خالص الأجرة) التي أحضرتها معها القوات العسكرية البريطانية المرافقة لقوات الثورة العربية باعتبار أن هذه الطوابع كانت تستخدم في العديد من الدول العربية التي كانت قواتها فيها مثل مصر وفلسطين والأردن، واستخدمت لفترة زمنية بسيطة حتى قامت دوائر البريد في سورية بجمع ما يتوافر لديها من طوابع عثمانية، ووشحت بختم خاص كتب عليه (الحكومة العربية) أو (الحكومة السورية العربية).

بلغ عدد فئات الطوابع التي وشحت بهذا الختم ستة وسبعين طابعا بكميات غير محددة أو محصورة وبعضها بكميات قليلة جداً، ثم وشحت بعض الطوابع العثمانية الأميرية بعبارة (الحكومة السورية العربية) واستخدمت جميعها بالبريد. ووشح أحد طوابع هذه المجموعة بعبارة (تذكار استقلال سورية المتحدة 8 آذار 1920) وذلك بمناسبة تتويج الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على سورية في ذلك التاريخ، في أثناء الاحتلال الفرنسي لسورية في عام 1921 وشح ما تبقى من طوابع الحكومة الفيصلية الموجودة في مكاتب البريد بعبارة (O. M. F Syria) وبالقيمة المعدلة لسعر الطابع واستخدمت لتخليص الرسائل.
بعد جلاء القوات الفرنسية أعلن استقلال سورية وسميت باسم (الجمهورية السورية) واستمر ذلك حتى الثاني والعشرين من شباط 1958 حين أعلنت الوحدة بين سورية ومصر، خلال تلك الفترة كانت الطوابع تصدر تحت اسم (الجمهورية السورية)، وكانت أول مجموعة سورية صدرت بعد الاستقلال هي (مجموعة الحصان).

هواة الطوابع

برزت هوية جمع الطوابع مع صدور أول طابع بريدي 1840، وأول هاو للطوابع هو الدكتور جون إدوارد جري، الذي كان يعمل موظفاً في المتحف البريطاني، وأصدر أول كتالوج للطوابع 1962.
أما في الإمارات، فقد تأسست جمعية الإمارات لهواة الطوابع عام 1996، والتي من مهامها تشجيع أصحاب هذه الهواية وتنميتها لديهم، ونشرها بالطرق المختلفة، وتوثيق روابط التعاون والتعارف بينهم في جميع الدول العربية، وإجراء الأبحاث والفعاليات الخاصة بهذه الهواية، وقد وصل عدد المسجلين في الجمعية إلى ما يقارب 380 شخصاً.

أنواع الطوابع

للطوابع نوعان، طوابع عادية وطوابع تذكارية. العادية هي المخصصة للاستعمال اليومي، وتباع في مكاتب البريد لمدة غير محدودة، وتطبع منها كميات كبيرة تناسب احتياجات البيع، وتصاميمها لا تتغير إلا بعد فترة طويلة. أما التذكارية، التي صدر أول طابع منها عام 1870 لإحياء الذكرى الـ20 لإنشاء السكك الحديدية في البيرو، فهي تصدر لمدة محددة، ولتكريم أو إحياء ذكرى معينة أو حدث أو مناسبة أو شخص، وتراعى فيها النواحي الجمالية، لتناسب أذواق هواة جمع الطوابع، وتبرز الموضوع الذي أصدرت من أجله، كما أنها تحمل هدفاً دعائياً.

أغلى طابع بريدي

(وحيد الأصفر) كما أطلق عليه، هو أغلى طابع بريدي على مستوى العالم، تم إصداره عام 1856، كان صغيراً وبلون أصفر ، ولقب باللقب السابق لأن الطوابع في تلك الفترة كانت باللون الأخضر، وقد جاء هو بخطأ جعله أثمن الطوابع البريدية في العالم، وقد بيع في مزاد بـ20 مليون جنيه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن