نتفق على أن المشهد السلوي هذا العام كان ضبابياً بل كان رمادياً باستثناء إشراقة فوزنا على منتخب إيران الذي دغدغ أحلامنا وآمالنا معاً، وبتنا بحاجة لإعادة صياغة أسلوب عملية بناء سلتنا بجميع مفاصلها، لكننا نختلف مع الذين يفصلون مابين واقع أنديتنا وواقع منتخباتنا الوطنية لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفصل ما بين الواقعين، فلا يمكن أن نصل أو أن نبني منتخبات قادرة على المنافسة عربياً وقارياً في ظل أندية مهترئة ومفلسة، فعملية التطوير الرياضي حلقة متكاملة لا يجوز إهمال حلقة على حساب الأخرى.
معادلة ناقصة
لن نخترع جديداً عندما نقول إن أندية قوية ومستقرة ودورياً قوياً ومستقراً لابد أن ينتج منتخبات وطنية قوية والعكس صحيح، ونسأل هنا، هل واقع أنديتنا بالمرحلة الحالية بخير، وهل احترافنا الذي طالما نادينا به بخير، وهل عملية البناء تبدأ من القاعدة أم من القمة؟ أو ليس إخفاق الأبناء سيؤدي إلى إخفاق الآباء؟ فما بالكم إذا كان الفشل هنا مزدوجاً، فأنديتنا لا تمتلك المال ولا أشخاصاً متخصصين أكاديميين يرسمون إستراتيجيات لأنديتهم، وهذا من شأنه أن يساهم في تراكم المزيد من الأخطاء التي أوصلت بعض الأندية لحد الهاوية، وهناك أمثلة كثيرة.
عثرات
مضى على دخول الاحتراف أكثر من عشر سنوات ونيف والنتيجة صفر، وما زالت أنديتنا لا تعرف من الاحتراف سوى قبض الأموال وتعبئة الجيوب، وعلى العكس فقدنا ميزات كثيرة كانت حاضرة في أنديتنا أهمها الانتماء الذي بات عملة نادرة لدى لاعبينا الذين تحولوا إلى سلعة تباع وتشترى في عصر لغة المال، ومن أهم ما تعاني منه أنديتنا في هذه المرحلة.
– ضعف إدارات الأندية واضطرابها وعدم استقرارها عبر الاستقالات أو الإقالات إضافة لوجود أشخاص في الإدارات ليسوا على دراية كاملة وفهم عميق بالعملية الرياضية السلوية.
– دخول رجال الأعمال على خط الرياضة أمر حيوي ومهم وساعد على إنعاش صناديق الأندية المالية، وهذا ضروري لكن تدخلهم بالعملية الفنية لم يكن صائباً مئة بالمئة ما أدى إلى ابتعاد الكثير من الخبرات عن أهم أنديتنا.
– إهمال الفئات العمرية وقواعد الأندية وذلك بعد الاهتمام إدارات الأندية بفرق الرجال وبالتعاقدات، وهذا سيؤدي إلى تدمير قواعدها السلوية وإهمال مواهبنا الشابة وهذا أمر خطر، علينا الانتباه إليه كثيراً، ورغم أننا لا نعارض موضوع التعاقدات فلكل ناد الصلاحية والحق في التعاقد مع من يشاء لكن من الضروري ألا يكون حصر المال بفريق الرجال ومنعه عن فرق القواعد التي تعد الركيزة والأساس ومصدر النجاح لأي نادٍ.
– ضعف الثقافة الاحترافية لدى كوادر جميع أنديتنا ولاعبينا للأسف، فقد فهم البعض أن الاحتراف مال فقط ونسوا الولاء والانتماء للنادي الذين ينتسبون إليه ويلعبون من أجله.
غياب الإستراتيجيات
الجميع يتفق على أن أنديتنا تعيش في دوامة ما بعدها دوامة والجميع أيضاً يحمل في أجندته مشاريع عديدة قادرة على علاج أمراض أنديتنا والدفع بها نحو الأمام، لكن مجمل هذه الأفكار يصطدم بسلسلة كبيرة من الروتين ما يؤثر على تنفيذ هذه المشاريع، إضافة لعدم قدرة هذه الإدارات على وضع تصورات مستقبلية لأنديتهم، أعطونا نادياً واحداً يعمل ضمن إستراتيجية معروفة وواضحة في أي لعبة، فبالتأكيد لا يوجد لكون هذه الأندية تعمل بطريقة عشوائية، لذلك لا ضير من وجود أشخاص أكاديميين مؤهلين لوضع تصورات مستقبلية ترفع من مستوى النادي فنياً واستثمارياً وغير ذلك ستبقى أنديتنا تدور في حلقة مفرغة لا مفر منها.
تطوير الاستثمار
تعيش أغلبية أنديتنا على الهبات والأعاطي من هنا وهناك، لأنها لا تمتلك استثمارات تفي بالحاجة المادية، لذلك لابد من البحث عن استثمارات تجارية كبيرة وليس دكاكين وأكشاكاً، لكون بلدنا معطاء وخيّراً وقد منّ على الرياضيين بالمنشآت الرياضية الجيدة، ونحن مقبلون على مرحلة جيدة من الاستقرار بعد أن دخلنا في مرحلة التعافي بعد أزمة مرهقة، وعلينا إيجاد المناخات الملائمة للاستثمارات بعد أن باتت على طبق من الذهب، وما على الأندية سوى أن تخرج من عملها الروتيني والتأسيس لأرضية استثمارية تقيها شر الهبات والإعانات، وهذا من شأنه أن يعود عليها بالفائدة المادية التي ستحقق نجاح الشرط الفني وتطويره في جميع الألعاب.
خلاصة
ختاماً أنديتنا أمانة في عنق من أحبها، فليترك الجميع مصالحه الشخصية جانباً، وعليهم العمل بمحبة وانتماء، ولنصفق ونثني على كل مبادرة إيجابية تخرج بنا من واقع أنديتنا الهزيل إلى كل ما هو إيجابي.