من دفتر الوطن

هل تصبح المصلحة هي المبدأ؟

| عبد الفتاح العوض

الموضوع واسع الطيف..
فالمعركة بين المصالح والمبادئ قديمة جداً، ومستمرة أبداً..
في حياة الأشخاص يمكن أن نقرأ هذا الصراع بين المبادئ والمصالح قراءة واقعية.
فالناس بشكل عام تعشق المبادئ، لكنها تعبد المصالح.
أقول بشكل عام فلا شك أن فئة من الناس حافظت على مبادئها مع إغراءات المصالح وتوابعها.
قبل أن أتوسع في معركة المبادئ والمصالح عند الأشخاص أريد أن أتحدث عن المبادئ الوطنية.. والمصالح الوطنية.
السؤال هنا هل يمكن أن يكون التناقض صارخاً في عالم السياسة بين المصالح الوطنية والمبادئ الوطنية؟
من حيث الجوهر يمكن الاعتماد على واقعية السياسة للقول إن المصالح الوطنية هي أعلى المبادئ، ثم أنه لا تناقض بين مبادئ نبيلة ومصالح مشروعة.
عندما تكون هناك مصلحة وطنية فهذا يعني أنها قيمة عليا ومبدأ عام، لأن المبادئ في جوهرها قواعد لتحقيق مصالح عامة.
وبالتالي من المفترض ألا يكون هنا كثير تعارض بين المبادئ والمصالح.
والحديث على أن عالم السياسة لا يعبأ كثيراً بالحديث عن الأخلاق ربما يكون تحت هذا الباب. والصفات البشرية للأخلاقيات لا تتسم بها الدول.. فلا نستطيع أن نقول عن دولة «كريمة» أو دولة «متواضعة» في علاقاتها مع منافسيها من الدول الأخرى!
فغالباً الدول تتحدث عن مصالح مشتركة وليس عن مبادئ مشتركة، ومن الواضح تماماً أن «الأيديولوجيات» كانت مرحلة عابرة وربما تعود أيضاً إلى زمن عابر أيضاً.
أعود معكم للفكرة الرئيسة هنا وهذا الصراع عند الإنسان بين مبادئه ومصالحه.
إغراءات المصالح غالباً ما تتغلب على قوة المبادئ وهذا تعبير عن الضعف البشري.
وإن اعتبرنا الدنيا هي ممثلة المصالح.. والعقائد هي المبادئ.
الإمام الحسين عليه السلام لديه مقولة بليغة جداً.. يقول: «الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحاوطونه ما درّت معايشهم، فإذا مُحّصوا بالبلاء قلّ الديانون».
ما يريد أن يقوله: إن الناس يتحدثون ويدعون إلى الدين ما دامت مصالحهم بخير، فإذا حصل البلاء وتناقضت المصالح مع المبادئ «قل الديانون».
القصة هنا ليست مجرد حديث عن طبائع بشرية بل عن سلوك يؤثر كثيراً في أحداث كبرى.
فما حدث في سورية ومشاركة سوريين في الطعن ببلدهم ماكان إلا لأن مبادئهم نامت أمام مصالحهم.
حتى في علاقات الناس اليومية تجد كثيراً من الناس يركعون أمام من يملك مصالحهم.
لا نريد أن نقدم أحكاماً على الناس.. فلا أحد منا إلا ولديه قصص ضعف، إلا أن تفسير الأمر لا يعني تسويغه.
وستبقى هذه الحرب بين المصالح والمبادئ ما دام على الأرض بشر.

أقوال:
– لايوجد ماهو أشد خطراً على مبادئ إنسان من حالة يأس.
– إنسان بلا مبادئ.. كساعة بلا عقارب.
– كُل الأفكار العاهرة تُسَمي نفسها الآن مبادئ وتزني بالحقيقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن