سورية

الإرهاب قضى على كنوز أثرية فريدة في سورية

| وكالات

أتت عشر سنوات من الحرب الإرهابية التي تشن على سورية، على معالم أثرية عريقة وقضت على تراث رمزي ثمين من دون رجعة، حيث حولت التنظيمات الإرهابية مدناً قديمة إلى ساحات قتال، وإلى دمار الأسواق الأثرية دماراً، ونهبت قطعاً من مواقع أثرية أو متاحف كانت تحفظ بين جدرانها روايات من التاريخ.
وقالت وكالة «أ ف ب» في تقرير لها، أمس: «قد يكون النزاع الذي اندلع في سورية في آذار 2011 أنتج الكارثة الإنسانية الأسوأ خلال القرن الماضي، لكن الهمجية التي ضربت التراث الثقافي أسوأ ما مرّ أيضاً على أجيال كثيرة».
وأشارت الوكالة إلى أنه خلال سنوات قليلة، تحوّلت مدن قديمة إلى ساحات قتال وإلى دمار الأسواق الأثرية، ونهبت قطعاً من مواقع أثرية أو متاحف كانت تحفظ بين جدرانها روايات من التاريخ.
ونقلت الوكالة عن مدير متحف تدمر خليل حريري معاناته مع فريقه لإنقاذ ما أمكن من قطع أثرية قبل وقوعها في أيدي تنظيم داعش الإرهابي الذي استولى على المنطقة في عام 2015.
وروى حريري كيف ترك عائلته لنقل قطع أثرية إلى مكان آمن خارج تدمر، مستعيداً لحظة عودته إلى المدينة بعد سيطرة الجيش العربي السوري عليها، قائلا: «يوم خروجي من تدمر كان صعباً (…)، لكن اليوم الأصعب في حياتي كان يوم عودتي إليها ورؤيتي للآثار محطمة والمتحف مخرّباً»، وأضاف «كسّروا وحطّموا كل وجوه التماثيل التي بقيت في المتحف ولم نتمكن من إنقاذها».
وبيّنت الوكالة أن تاريخ مدينة تدمر المعروفة بـ«لؤلؤة الصحراء» أو «عروس البادية»، يعود إلى أكثر من ألفي عام وهي مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي الإنساني.
وأكدت الوكالة، أن وحشية تنظيم داعش خرّبت المدينة، فدمر الإرهابيون تمثال أسد أثينا الشهير ومعبدي بعل شمين وبل بالمتفجرات، كما قضوا على عدد من المدافن البرجية، وحولوا قوس النصر الشهير إلى رماد، مشيرة إلى أن آثام داعش لم تقتصر على تدمير آثار المدينة فحسب، إذ ارتكب مسلحوه أشنع جرائمهم فيها، واستخدموا المسرح الروماني لتنفيذ عمليات إعدام جماعية بثوا صور بعضها عبر أدواتهم الدعائية.
وأضافت: إنه بعد أيام قليلة من سيطرة داعش الإرهابي على تدمر، أعدموا مدير الآثار السابق للمتاحف في المدينة خالد الأسعد (82 عاماً) بقطع رأسه وتعليقه على عمود كهرباء في ساحة المدينة، بعدما عذبوه، محاولين أن يعرفوا مكان القطع الأثرية التي تم إنقاذها.
ونقلت الوكالة عن المؤلف والمؤرخ جاستين ماروزي، قوله: «إنها كارثة ثقافية، عندما يتعلق الأمر بسورية والشرق الأوسط على وجه الخصوص، لا يسعني إلا التفكير على الفور بتيمور، أو تيمورلنك الذي تسبب بجحيم هنا عام 1400».
وأضاف ماروزي: «على كلّ منا أن يولي أهمية لتدمير التراث السوري، لأن هذه المواقع والمدن والآثار القديمة، فضلاً عن كونها سورية وعربية، تشكل جزءاً من تراثنا الثقافي المشترك، وبالتالي فإن كل ضرر لحق بها هو بمثابة جرح للبشرية جمعاء».
ونقلت الوكالة عن مدير عام للآثار والمتاحف مأمون عبد الكريم قوله، «منذ نحو ألفي سنة، لم يمرّ في تاريخ سورية أسوأ مما مرّ خلال فترة الحرب»، مضيفاً: «إنها حالة شمولية من الدمار، لا نتحدث عن زلزال في منطقة معينة أو حريق في مكان معين أو حرب في مدينة معينة، نتحدث عن الجغرافيا السورية بأكملها».
وأشار عبد الكريم إلى تعرّض المواقع الثابتة لأضرار كبيرة، وخصوصاً المدينة القديمة في كل من حلب وتدمر، مقدراً نسبة ما تضرّر بقرابة عشرة بالمئة من الآثار.
وأشارت الوكالة إلى تقرير نشرته مؤسسة «جيردا هنكل» والجمعية السورية لحماية الآثار ومقرها باريس، العام الماضي، وأشار إلى أن أكثر من 40 ألف قطعة أثرية نُهبت من المتاحف والمواقع الأثرية منذ بداية الحرب.
وأوضحت الوكالة إلى أن الفوضى في ذروة الحرب أتاحت بتهريب قطع أثرية يمكن نقلها، كالعملات المعدنية والتماثيل وقطع فسيفساء، إلى أنحاء العالم مع انتعاش سوق سوداء للآثار، مبينة أنه تم في بعض الحالات إعادة قطع مسروقة إلى سورية والعراق المجاور، لكنّ الخسائر تبقى هائلة.
وأكدت أن في سورية ستة مواقع مدرجة على قائمة منظمة يونسكو للتراث العالمي، لم يبق أي منها بمنأى عن أضرار الحرب.
وأوضحت الوكالة أنه إلى جانب المدينتين القديمتين في تدمر وحلب، تعرضت دمشق القديمة ومدينة بصرى لبعض الأضرار، وشهدت قلعة الحصن بحمص التي تعدّ من أهم القلاع الصليبية الأثرية في العالم، معارك ضارية، وهو ما جرى أيضاً في بعض القرى القديمة التي تُعرف بـ«المنسية» قرب الحدود التركية شمالاً.
ووصف المدير العام الحالي للمتاحف والآثار محمّد نظير عوض ما تعرّض له تراث سورية، حسب الوكالة، بـ«كارثة على المستويين الوطني والعالمي»، مبديا أسفه لغياب بعثات الآثار الأجنبية عن سورية منذ بداية الحرب، بعد أن شكل البلد فردوساً لعلماء الآثار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن