ثقافة وفن

ثنائيات تمثيليّة بقيت محفورة في الوجدان … فؤاد المهندس وشويكار جمعهما الحب ليقدما أكثر من 160 عملاً فنياً متنوعاً

| سوسن صيداوي

اليوم ثنائيتنا جمعها المسرح ومن ثم الحب ومن بعدها الزواج، فالكيمياء بين الشخصيتين كانت مكشوفة من الجمهور، الذي شهد على الحب ومن ثم على عرض الزواج، فلم يجمعهما سقف واحد بل أيضاً أكثر من مئة وستين عملاً تنوعت بين المسرح والسينما والغناء.
محطتنا نتوقف فيها عند لامعين في سماء الكوميديا عموماً، حيث تمكنا من تحقيق جماهيرية ساحقة في مصر والوطن العربي،
وهما فؤاد المهندس وشويكار.

في البداية لم يرد مهندس الكوميديا الاشتراك بالمسرحية لوجود شويكار فيها، لأنها بنظره غير قادرة على أداء الدور، ولكن عندما اعتلى الخشبة معها اختلفت نظرته إليها، بل قرر الالتزام معها عائلياً لعشرين عاماً، وفنياً كشريكة له في العديد من الأعمال كما ذكرنا. وللمزيد من المحطات التي جمعت ثنائيتنا نترككم مع التفاصيل.

تتجوزيني يا بسكوتة

بداية تزوجت شويكار من المحاسب حسن نافع، وبموته أصبحت أرملة بعمر ثمانية عشر عاماً، لتقودها الأقدار إلى رجل عُرف بغرامه الدافق نحوها.

بدأت قصة الحب بين الثنائي في بداية الستينيات، وكان الجمهور شاهداً على شرارة الحب الأولى بينهما، خلال مشاركتهما في مسرحية «السكرتير الفني»، وذلك حينما صرح المهندس في أحد العروض بحبه لشويكار طالباً منها الزواج. ولكن فؤاد المهندس لم يكل أو يمل من التلميح والتصريح، حتى إنه كرر التقدّم بالزواج منها على خشبة المسرح أثناء عرض مسرحية «أنا وهو وهي»، وفي وقتها تقصّد الخروج عن النص، فقال لشويكار: «تتجوزيني يا بسكوتة؟» فردت على الفور «وماله». وأخيراً دخلا القفص الذهبي أثناء تصوير فيلم «هارب من الزفاف»، في آخر يوم تصوير حينما كانت شويكار ترتدي فستان الزفاف الأبيض المطلوب لأداء المشهد، فقررا أن يعقدا القران، وبالفعل توجها إلى المأذون من دون أن يكون هناك أي ترتيب مسبق أو وجود معازيم من الأصدقاء أو الأقارب.

وبعدها أكدت شويكار بإحدى المقابلات التلفزيونية، بأن أول أعوام في زواجهما لم تكن مستقرة أبداً، فلقد تعرضا لحرب طوال 5 سنوات في البيت وفي العمل، وأرجعت السبب لنجاح علاقتهما معاً في المنزل، وللتمييز الذي حققاه كثنائي في الفن، وخصوصاً أن البعض كان يريد لهما الانفصال الزوجي أو الانفصال الفني، ولكنها علّقت: «سنكيدهم على طول»، وأكدت أن قرار الانفصال لن يحدث إلا بوفاة أحدهما، هذه هي أمنيتها التي توفت دون أن تحققها، وبالفعل حصل بينهما الانفصال بعد عشرين عاماً من الزواج، لكن ذلك لم يعق صداقتهما الوطيدة، وظلت شويكار ترسل الطعام إلى منزل فؤاد المهندس وخاصة أنه من عشاقه. لتقول بأحد اللقاءات التلفزيونية «فؤاد كل شيء في حياتي، هو الحبيب والصديق والزوج والأخ والمعلم، وإذا لم يكن الحب الأول في حياتي، لكنه الحب الأخير، وأعتقد أنني كنت الحب الأول والأخير في حياته، حتى عندما انفصلنا استمرت علاقتي به حتى آخر لحظة في حياته».

وبعد مرور وقت طويل على الانفصال اضطر الثنائي للحديث عن أسباب الانفصال، وذكرت شويكار أن فؤاد كان يصغي لمن حوله من بعض المغرضين الذين دفعوه لإنهاء العلاقة بسبب الغيرة الفنية، بينما أكد المهندس أنه لم يكن أبداً يغار من نجاحها، وإنما كان يخاف عليها ويحبها أكثر مما تحب هي نفسها، الأمر الذي دفعه للانفصال عنها في نهاية الطريق.

في الثنائية

فؤاد المهندس قامة فنيّة كبيرة تعجز الكلمات عن ذكر عبقريته المهنية، وخصوصاً أنه اعتبر فنه رسالة سامية لهذا لم يبخل من جهد واهتمامه وحتى وقته عليها بأي شيء، سواء لنفسه وحتى للآخرين، فعرف عنه مرونته وعطاؤه المبذول لكل من يقف أمامه على المسرح، ولم يتعامل يوماً مع أحد على أنه الأستاذ القدير، بقي متمسكاً بتواضعه وإنسانيته رغم قطافه المستمر لثمار نجاحاته المتتالية في المسرح والسينما، ونختم هنا بأن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب كان يتصل بالمنتج جمال الليثي ليطلب عملاً من أعمال فؤاد المهندس مسرحية أو فيلماً ويقول له: «أنا لا أستطيع أن أنام إلا بعد أن أشاهد عملاً لفؤاد المهندس».

إذاً هذه الأمور انعكست أيضاً على شريكته شويكار التي تمتعت بعفوية وتلقائية شديدة كسبت بها قلوب الجماهير، ليبدأ الاثنان مشوارهما الفني عبر مسرحية «السكرتير الفني» المأخوذة عن مسرحية فرنسية عنوانها «توباز» وكان اقتبسها نجيب الريحاني، من إعداد المؤلف سمير خفاجة. بداية وعند البحث عن نجمة لتمثل دور البطولة أمام فؤاد المهندس رشح المنتج جمال الليثي شويكار، ولكن كما ذكرنا سلفاً المهندس اعترضت لشكّه بقدرتها على أداء الدور، ولكن شويكار بسحرها وخفة دمها أطلقت ضحكات الجمهور وساهمت في نجاح المسرحية، ليقرر المهندس أن يستمر عرضها لشهور. ليتوالى نجاحهما إلى أن تخلى التلفزيون المصري عن فكرة الفرق المسرحية وقام بتصفيتها، لكن ذلك لم يؤثر في شغف المهندس ليجتمع المهندس وعبد المنعم مدبولي وسمير خفاجا مؤسسين فرقة الفنانين المتحدين، وليقدموا مسرحيات مثل «سيدتي الجميلة» المأخوذة عن مسرحية جورج برنارد شو «بيجامليون»، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه رغم انفصال فؤاد المهندس وشويكار عن الفنانين المتحدين لبعض الخلافات الإدارية والمالية، لكنه كوّن فرقته المسرحية الخاصة وقدم عروضاً ناجحة منها: «إنها حقاً عائلة محترمة» و«سك على بناتك».

في الأعمال

الكاريزما المتطابقة بين شخصيتي ثنائيتنا كانت من أسباب استحواذهما المراتب الأولى سواء في المسرح أم السينما، وليكونا من فناني الأجور الأعلى، وهذا ما دلّ عليه تهافت المنتجين على التوقيع مع ثنائيتنا في السينما في الكثير ونذكر منها: شنبو في المصيدة، أخطر رجل فى العالم، أرض النفاق، غرام فى أغسطس، سفاح النساء، إجازة بالعافية، الرجل ده حيجنني، أنا وهو وهي، عالم مضحك جداً، مطاردة غرامية، إنت اللي قتلت بابايا، ومدرسة المراهقين.
وفى المسرح قدم كل من فؤاد المهندس وشويكار العديد من العروض التي ستبقى مخلدة في الذاكرة ومنها: السكرتير الفني، سيدتي الجميلة، روحية اتخطفت، أنا فين وانت فين.

حتى بعد طلاقهما قدما العديد من الأعمال معاً منها نذكر: ربع دستة أشرار، العتبة جزاز، فيفا زلاطا، إجازة غرام، اعترافات زوج، هارب من الزواج، أخطر رجل في العالم.

وفي المسرح من العروض التي قدماها: حواء الساعة 12، إنها حقاً عائلة محترمة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ مسرحية «روحية اتخطفت» هي آخر الأعمال التي جمعت بين ثنائيتنا.

ختاماً لابد من الإشارة إلى أنّ كلاً من فؤاد المهندس وشويكار، تشاركا غنائياً أيضاً في أغنية «الراجل ده هيجنني» والتي أصبحت بمرور السنوات، طقساً لا يمكن الاستغناء عنه ضمن الاحتفالات بشهر رمضان، وصولاً إلى مشاركة «شويكار» بصوتها في مسرحية «سك على بناتك».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن