العاطلات عن العمل… بنك الفقراء يمكن أن يكون مفيداً للنساء خاصة بعد صدور قانون التمويل
| طلال ماضي
تعددت الرؤى والمداخلات التي تناولت تمكين المرأة اقتصادياً في سورية لكنها اجتمعت على أن التمكين الاقتصادي هو الدرجة الأولى في سلم تمكينها على جميع الصعد والسؤال كيف يمكن تمكينها اقتصادياً…؟
المكتب المركزي للإحصاء بيّن في الإصدار الثالث والسبعين للمجموعة الإحصائية السنوية، أن نسبة الإناث العاطلات عن العمل 62.2 بالمئة بتعداد يقرب من مليون ومئتين وخمسين ألف عاطلة عن العمل من الإناث، وذلك من إجمالي القوة العاملة من كلا الجنسين والتي يقرب تعدادها من 5 ملايين و400 ألف قادر على العمل، في حين بلغت أعداد غير المتزوجات من كل الفئات العمرية ما يقرب من 800 ألف أنثى، منهن ما يزيد على 230 ألف أنثى فوق سن الثلاثين، من دون أن يشمل هذا الرقم النساء الأرامل والمطلقات.
الدكتور همام مالك كناج اعتبر في تصريح لـ«الوطن» أن النسبة المرتفعة للعاطلات عن العمل في سورية تظهر تحدياً جلياً أمام الحكومة، ما يستوجب العمل باكراً وجدياً بالشراكة مع المجتمع لتمكين المرأة تجنباً لما يمكن أن تسببه حاجتها وضعفها من مشكلات اجتماعية قد تتفاقم إلى مشكلات مزمنة مع مرور الوقت، لافتاً إلى أن ظروف الحرب والإجراءات القسرية أحادية الجانب أدت إلى بلوغنا مستويات كارثية من الفقر، كما تفيد التقديرات بوقوع أكثر من 80 بالمئة من السوريين تحت خطه.
الدكتور كناج أشار إلى تجربة بنك القرية «بنك جرامين» والتي عرفت ببنك الفقراء في بنغلادش كواحدةٍ من أهم التجارب في العالم نجاحاً واستمراريةً في مكافحة الفقر لفئة النساء الفقيرات وتمكينهن.
واعتبر الدكتور كناج أن بنك الفقراء تجربة اجتماعية في ثوب اقتصادي يمكن الاستفادة من هذه التجربة في سورية وخاصة بعد صدور قانون (مصارف التمويل الأصغر) بهدف دعم مشاريع محدودي ومعدومي الدخل والأعمال والمشاريع الصغيرة وتحقيق التنمية والوصول إلى النساء الريفيات وتمكينهن.
وحول مخاطر القروض الصغيرة والمتناهية الصغر على النساء لكون ملكيتها تكون في الحدود الدنيا وبعض المجتمعات لا تورث النساء، بيّن الدكتور كناج أن التجربة عبر التاريخ أثبتت أن المقترضين من بنك الفقراء والبنوك الأخرى المشابهة أكثر التزاماً بالسداد واستفادةً من الإقراض، على حين أن الشخص كلما ازداد قوةً وغنىً ازداد إساءةً في استخدام القرض والتحايل على عدم رده، لذا فإن الإنسان الذي لا يملك شيئاً له الأولوية الأولى في الحصول على القرض من وجهة نظره.
وحول سبب نجاح بنك الفقراء في بنغلادش اعتبر كناج أن السبب الأساسي يعود إلى وضع مفهوم متميز يقوم على مداخل عديدة اقتصادية واجتماعية تتم بالمشاركة الكاملة في صنع القرار بين العاملين في البنك والمقترضين منه.
ودعا الدكتور كناج القائمين على تطبيق القانون 8 لعام 2021 إلى استخلاص الدروس المستفادة من تجربة بنك بنغلادش للنهوض بواقع المرأة السورية اقتصادياً وتمكينها ومنحها الفرصة لشق طريق الاستقلال المادي بالرغم من عثراته.
عدد لا يحصى من الأمثلة الصريحة لسيدات الأعمال في سورية اللواتي نجحن في مشاريعهن كالدكتورة مروة الأيتوني عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق التي اعتبرت أن العمل لدى النسوة يحتاج في المقام الأول إلى الرغبة والخروج من ثقافة أن مصروف المرأة على أبيها أو زوجها، لافتة إلى أن الظرف الاقتصادي الذي نمر به اليوم يتطلب العمل من جميع أفراد الأسرة.
وأشارت الأيتوني إلى أن تمكين المرأة اقتصادياً يحتاج في المقام الأول إلى تقديم الدعم المعنوي من محيطها المنزلي والمجتمعي قبل تقديم الدعم المادي وتحفيز النسوة على تقديم الأفكار التي تناسب مشاريعهن.
وبيّنت الأيتوني أن القانون رقم 8 من شأنه الوصول إلى النساء الريفيات وخلق فرص عمل حقيقية لهن، لكنه يجب بالدرجة الأولى التحول من الضمانات العينية إلى الضمانات المجتمعية والوصول إلى النساء الراغبات في العمل وتقديم مستلزمات عمل المشروع لهن بعد التدريب والتأهيل على كيفية إدارة المشروع والإنتاج وتصريف المنتجات.
تمكين المرأة اقتصاديا شعار ترفعه المنظمات الدولية في كل عام وتتغنى فيه وسائل الإعلام في سورية، لكنه اليوم أمام النسبة العالية من العاطلات عن العمل فيجب دق ناقوس الخطر والوصول إلى منزل كل سيدة لديها رغبة في العمل وتوفيره حسب ظروفها وإمكانياتها فهل سننجح في ذلك…؟