من دفتر الوطن

شيء من الماضي!

| عصام داري

عنوان هذه الزاوية ليس اسم فيلم عربي رومانسي، أو فيلم رعب أميركي، ولا حتى عنوان رواية كلاسيكية من الحب العربي أو الغربي، بل هو دعوة للعودة ولو في الخيال إلى الزمن الذي نقول عنه إنه (الزمن الجميل).
ذلك الزمن الذي كان حيث البهجة والفرح، فهل نتوق إلى زماننا الذي مضى هرباً من واقعنا المؤلم والمزري؟ أم نحن إلى الشباب وأيام الحب والفرح الذي صار ذكرى جميلة كأنها حلم تبدد عبر الأيام وصار سراباً؟
اليوم نكتب عن الفرح وكأنه عملة نادرة، أو كنز مدفون في باطن الذكريات الحلوة، لكنني أقول دائماً إن الفرح ﻻ يأتي على صحون من فضة وذهب، فنحن من يصنعه، أو يسهم في صنعه، أو أن نبعده عنا آﻻف اﻷميال.
الفرح نبتة ﻻ تنمو من دون رعاية ورغبة في الحياة، ومن اعتاد على التشاؤم، ورفع الراية البيضاء أمام الهموم والنكد والعبوس والغضب والأحزان، وأغلق أبوابه أمام الابتسامة فلن يزوره الفرح ﻷن الفرح ﻻ يعيش في سجون الوحشة والكآبة والاستسلام للحزن.
هي دعوة إلى الفرح والحياة والحب الذي هو نواة كل فرح وبوابته الإجبارية.
لماذا لا نبدأ يومنا بابتسامة؟ ودعونا نتوقع يوماً يحمل بعض الفرح نتغلب فيه على كل ما يسبب الإزعاج والغضب، وما أكثر المنغصات والهموم والمشكلات التي تحيط بنا وتحملها لنا الأخبار على مدار الساعة.
أعرف مسبقاً أن الهموم اليومية قد تسرق ابتساماتي بعد ساعة أو أكثر أو أقل، وأن دوامة الحياة ستخطفني وتطحنني فأغرق في حوارات معظمها تشبه حوار الطرشان، مع ذلك أن أبدأ بابتسامة خير من التجهم والتفكير المتعب بما سيواجهني في هذا اليوم من صعوبات وإشكالات ومتاعب ليس لها آخر.
أبحث عن دقائق من الفرح الهاربة من فك الأحزان، وأتمنى ألا تضيع فرص جديدة فقد أضعنا مئات الفرص.
في الزمن الأغبر تصبح لحظة فرح واحدة بحجم ساحات واسعة، وتتحول ابتسامة صبية إلى مهرجان بهجة وطوفان أزاهير وشلالات عطر.
نتذكر علاقات حب قديمة عندما يواجهنا القحط والجفاف والكراهية والبغضاء التي صارت من أكثر العملات تداولاً في هذا الزمن الموبوء المسكون بالأنانية والمصالح الخاصة الرخيصة في كثير من الأحيان.
نعشق الماضي بكل حلاوته ومرارته التي هي أحلى من حلاوة هذه الأيام العصيبة والغريبة والرهيبة.
حولوا أيامكم إلى فرح، ذلك الفرح الذي نبنيه حجراً فوق حجر ونزرعه وروداً في حدائق الحياة والحب و.. ابتسموا من فضلكم.
ها أنا اليوم أستعيد اللحظات الحلوة التي مرت في حياتنا كلما حاصرتنا الهموم والمشكلات والأحزان.. هل لاحظتم كم أنا فرح وسعيد اليوم؟
هل خمنتم سبب سعادتي المنقطعة النظير التي أشرقت شمسها عليّ في اللحظة التي باشرت فيها كتابة هذه الكلمات؟
وهل عرفتم سرّ هذه السعادة الفاخرة التي هبطت عليّ بالمظلة من (غامض علمه)؟ وسبب الفرح الطفولي الذي هجم عليّ بشكل مفاجئ؟
لن أنتظر الأجوبة.. فأنا باختصار هربت من طوابير الخبز ودور السكر والرز والشاي والزيت والبنزين كي أصنع لحظة فرح وهمية، فلربما يصبح الحلم ولو للحظة واحدة بلسماً لكل الجراح!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن