في كلمته أمام مؤتمر «عقد من الحرب على سورية– مسارات مستقبلية» في لندن … الجعفري: التطرق إلى الوضع الإنساني في سورية يكون برفع العقوبات وليس عبر توزيع المساعدات أو اتهام الحكومة السورية بشكل غير بنّاء
| الوطن
شدّد نائب وزير الخارجية والمغتربين بشار الجعفري على ضرورة رفع الإجراءات القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها أميركا ودول غربية على الشعب السوري، مؤكداً أن التطرق إلى الوضع الإنساني في سورية لن يكون متحققاً عبر توزيع المساعدات أو اتهام الحكومة السورية بشكل غير بناء وإنما يكون عبر رفع العقوبات.
الجعفري وفي كلمة ألقاها عبر الفيديو أمام المشاركين في المؤتمر العالمي الذي ينظمه «المركز الأوروبي لدراسات التطرف EuroCSE» في جامعة كيمبريدج ببريطانيا، تحت عنوان: «عقد من الحرب على سورية– مسارات مستقبلية»، أوضح أن ميثاق الأمم المتحدة يدعو إلى احترام السيادة ووحدة الأراضي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لافتاً إلى سورية عضو مؤسس في الأمم المتحدة.
وبعد أن عرض الجعفري لتارخ العلاقات ين سورية والدول الأوروبية، تساءل: لماذا لم يعد الاتحاد الأوروبي مستقلاً في التعامل مع الوضع السوري وفضل أن يدور في الفلك الأميركي؟ ماذا فعلنا نحن السوريين للأوروبيين كي يتعاملوا معنا بهذه الطريقة غير العادية وغير العادلة وغير المبررة؟ وهل نحن سبب الحربين العالميتين اللتين نجم عنهما إراقة دماء ملايين الضحايا؟ وهل نحن السوريين مولنا ميليشيات أوروبية انفصالية؟ وهل لنا سجل استعماري في القارة الأوروبية؟
وأضاف الجعفري متسائلاً: هل نحن السوريين من أقام معاهدة «سايكس بيكو» وقسم المنطقة ورزع إسرائيل فيها؟ وهل نحن من أقام «معارضة معتدلة» في أوروبا؟ وهل فرضنا عقوبات على قادة أوروبيين وأسرهم ووزير خارجيتهم؟ وهل نحن من سمح للإرهابيين وتسهيل عبورهم إلى أوروبا عبر الحدود التركية؟، وهل نحن من دعم داعش وموله لتدمير الدول الأوروبية؟ وهل نحن من فرض إجراءات قسرية أحادية الجانب وعقوبات على الشعب الأوروبي؟ وهل نحن من يجري مؤتمرات دولية للمانحين لأوروبا من دون استشارة مسبقة من أوروبا؟ وهل نحن سيسنا ملف اللاجئين؟ موضحاً أن هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج لإجابات عادلة، ولكن فوق كل هذا هنالك الإرادة السياسية والموقف الأخلاقي للاتحاد الأوروبي في وضع نهاية عادلة واضحة لمعاناة السوريين.
ولفت الجعفري إلى أن معاناة السوريين واضحة ويجب الحد منها، مشيراً إلى أن بعض الدول تحتفل اليوم بما يسمى الذكرى العاشرة لـ«النزاع» السوري.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي تبنى الخميس الماضي قراراً يجعل أوروبا جزءاً من المشكلة بدلاً من الحل، واصفاً القرار بالمتحيز، ولافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي انضم إلى مجموعات أخرى من أجل «شيطنة» دور الحكومة السورية وقائد البلاد وأسرته.
وبعد أن لفت الجعفري إلى أن نسبة الفقر في سورية زادت على 80 بالمئة، تساءل: ألم ينضم الاتحاد الأوروبي إلى الإجراءات القسرية وفرض عقوبات على سورية لتجويع السوريين؟ أليس ذلك إرهاباً اقتصادياً؟ أليست جريمة ضد الإنسانية؟
وأشار الجعفري إلى أن بعض الدول تورطت في الأزمة في سورية وقد اعتادت على دعم وإرسال عشرات الآلاف من الإرهابيين الذين استهدفوا الدولة السورية وشعبها، لافتاً إلى أن خطر هؤلاء الإرهابيين لم يعد يقتصر على سورية بل إنه يهدد كافة الدول حول العالم بما في ذلك أوروبا نفسها.
كما لفت الجعفري إلى أنه ولأول مرة في التاريخ الحديث ظهرت ظاهرة جديدة وهي استخدام الإرهاب كسلاح سياسي، مشيراً إلى أن الحكومات المعتدلة نفسها التي شنت حرباً على سورية تدعي أنها تهتم بأمن وسلام الشعب السوري.
وذكر الجعفري أن نظام الأمم المتحدة المعني بمكافحة الإرهاب تجاهل عن عمد حقيقة الحرب على سورية التي تعرضت لها منذ 2011 نتيجة ممارسات سياسية واقتصادية قامت بها أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، لافتاً إلى أن هذه الدول كانت تستغل بشكل سلبي عضويتها في مجلس الأمن وهدفها تشويه الحقائق وشيطنة موقف الحكومة السورية وتوفير التغطية الإعلامية والسياسية للجماعات الإرهابية المسلحة.
وأضاف: «كان من الفضاضة عندما استمرت الممثلة الدائمة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة أيام حكومة دونالد ترامب لعدة أشهر في إنكار وجود تنظيمات إرهابية معروفة مثل «جبهة النصرة»، الذي أجرى مذيع قناة «الجزيرة أحمد منصور مقابلة مع قائده» المدعو أبو محمد الجولاني وأعطاه حرية التعبير لترويج الإيديولوجية الإرهابية.
وأشار الجعفري إلى أنه مع بداية 2014 أصبح الخطر مستشرياً في سورية والعراق وبدأت الإشارة إلى أن خطر الإرهاب لن يتوقف ضمن حدود هاتين الدولتين وذلك مع توسع ظاهرة الإرهابيين الأجانب وتهديد السلم والأمن العالميين، موضحاً أن الرأي العام العالمي وتحديداً في الدول الأوروبية بدأ بطرح أسئلة جدية حول دور تلك الدول وتورطها في التعامي عن سفر مئات آلاف المتطرفين من أوروبا إلى سورية والعراق وانضمامهم إلى مجموعات إرهابية مثل القاعدة والنصرة.
وأضاف: «لقد بدأ السحر ينقلب على الساحر وبدأت بضائع الإرهاب المهربة إلى سورية ترتد إلى الدول المهربة منها لتشكل خطراً على الأمن الأوروبي، مشيراً إلى أن هذه الحالة تزامنت مع مواجهة روسيا والصين لها في مجلس الأمن ومواجهة موقف أميركا وبريطانيا وفرنسا ومحاولاتها تشويه الحقائق حول الإرهاب الذي تعاني منه سورية والممول من حكومات على رأسها تركيا وقطر إسرائيل، وبعدها ظهرت قرارات بخصوص «النصرة» وداعش و«هيئة تحرير الشام» في مجلس الأمن ودورها في نشر الإرهاب وسرقة النفط والآثار لتمويل الإرهاب، حيث بدأ المجلس يتطرق إلى ذلك نظرياً لا عملياً، وبقيت الحكومات تسهل انتقال مئات آلاف الإرهابيين من دول عديدة والأسلحة إلى سورية واصفة الإرهابيين بأنهم «معارضة معتدلة».
وأوضح أن أميركا منعت في مجلس من تصنيف العديد من المنظمات الإرهابية وأفرادها على قوائم المجلس، فهي تعتبر أن الإرهاب في سورية محلل، أما في أماكن أخرى فيستوجب العقوبة إلى أن فرضت عقوبات على «جبهة النصرة» في 2013 وحتى عندما غيرت الحرباء جلدها إلى «تحرير الشام» رفضت أميركا وضع هذه المجموعة على قوائم مجلس الأمن.
ودعا الجعفري إلى توحيد الجهود والتعاون والتنسيق مع الحكومة السورية، موضحاً أن ذلك يحتاج إلى أن يكون طبقاً لقرارات مجلس الأمن وبطريقة لا تنتهك السيادة السورية، معتبراً أن رفض بعض الحكومات التقيد بقرارات مجلس الأمن ورفضها تتبع الإرهابيين الأجانب وأسرهم يكشف عن نفاقها، مؤكداً أن سورية عازمة على القضاء على بقايا الإرهاب.
وأكد الجعفري رفض سورية لمؤتمر بروكسل الذي سينعقد تحت شعار «مساعدة سورية» في حين أن الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على سورية والتي فاقمت معاناة السوريين، واصفاً ذلك بأنه «مفارقة أن نشهد فرض الاتحاد الأوروبي إجراءات قسرية إجرامية ضد الشعب السوري مع التزامه بحماية الشعب السوري».
وأوضح الجعفري أن الحكومة السورية كانت دائماً مشتركة بإيجابية في مسار الحل السياسي طبقاً للقرارات الوطنية، وطبقاً لذلك التزمت باستقلال اللجنة الدستورية والتي أكدت أن العملية السياسية يديرها الشعب السوري حصراً دون تدخل خارجي.
وأضاف: «تحقيقاً لهذه الغاية ندعو الأمم المتحدة إلى القيام بدورها كوسيط صادق غير متحيز من أجل منع بعض الدول من التدخل في شؤون اللجنة وفرض أجندات عليها أو توجيه توصيات مشبوهة إلى وفد الأمين العام».
ولفت إلى أن بعض الدول الغربية متأثرة بأميركا التي تعرقل المسار السياسي وتسيس المساعدات الإنسانية وتستخدمها كذريعة لتحقيق أجنداتها السياسية.
وقال: «التطرق إلى الوضع الإنساني لن يكون متحققاً عبر توزيع المساعدات أو اتهام الحكومة السورية بشكل غير بناء وإنما يكون عبر رفع العقوبات».
وأوضح الجعفري: «نحن ضحايا لكننا لن نسمح لأي شخص بأن يرسم مصيرنا وقدرنا».