ثقافة وفن

مهندس الكوميديا أطلق الزعيم.. معتبراً إياه تلميذه البكر والذكي المُميِّز

| سوسن صيداوي

درب الكوميديا شائك حتى ولو كان الفنان في طبعه مرح، فدعوة الجمهور لإطلاق الضحكات أمر معقد، وخصوصاً عندما يكون «الكوميديان» آخذاً على عاتقه الفن بالعموم كرسالة والكوميديا على محمل الجدّ، وبالتالي الاستخفاف والتهريج أمر ممنوع.
فؤاد المهندس من رواد الكوميديا المصرية، وحسّه العالي بإثارة الضحك أوقعه بالكثير من المشاكل في مواقف الحياة العادية والتي لا يجوز فيها حتى الابتسام كالحضور مثلاً لتقديم التعازي، لكن الجمهور المصري والعربي أحبّه بعمق، ولم يتجاهل يوماً هذه المحبة، لهذا أبدع في العروض المسرحيّة والأفلام التي قدمها لنا.
واليوم في موضوعنا نتطرق إلى العلاقة التي ربطت المهندس بالزعيم عادل إمام، الأخير الذي كان ينتظر فرصته ليتقدم للجمهور بالشكل اللائق، وبالفعل تم اللقاء واجتمعا وتعاونا في العديد من العروض المسرحية والأفلام السينمائية.

في اللقاء

مسيرة فنية حافلة بالعطاءات المتنوعة التي تركها لنا فؤاد المهندس كإرث فني متنوع المناهج لشباب سيحترفون التمثيل يوماً، فلقد قدم لنا ما يزيد على 200 عمل فني متنوع ما بين سينما ومسرح ودراما وإذاعة، متصدراً اسمه أفيشات الأفلام السينمائية. وبالمقابل فإن مسرحياته كانت الأكثر تهافتاً من الجمهور لحضور العرض، في هذه الفترة كان هناك شاب تميّز بعوده النحيف وسُمرة النيل المُلوحة عليه، يبحث عن دور يطلقه في عالم التمثيل، لتشاء الأقدار بأن يفتح لهذا الشاب باب المسرح الأستاذ الكبير فؤاد المهندس وليضمه إلى عرضه المسرحي مشاركاً بإحدى شخصياته، محققاً نجاحه الأول في الكوميديا، وليتابع من بعدها تتلمذه على يد أستاذه المهندس، وليصبح فيما بعد الزعيم عادل إمام.
«تلميذي البكر» بهذا الوصف تحدث المهندس عن الفنان عادل إمام خلال لقاء تليفزيوني، ذكر خلاله تفاصيل اختيار إمام لدور «دسوقي» سكرتير المحامي خلال مسرحية «أنا وهو وهي»، مشيراً بوقتها إلى أن عادل إمام تم اختياره من بين عشرين شاباً ترشحوا للدور، ولكنه تمكن خلال تجربة الأداء أن يضفي للدور الكثير مقدماً موهبته الكوميدية بطريقة لافتة ومختلفة عن الآخرين، ويتابع فؤاد المهندس: «رأيت فيه موهبة لم أرها من قبل.. كوميديان من العيار الثقيل… نعم لقد ساعدته ومنحته فرصة في مسرحية (أنا وهو وهي)، من بعدها بدأ يعمل بجهد ويكوّن ذاته حتى أصبح من النجوم، وهنا في هذه المرحلة تعاونا مجدداً معاً في مسرحية (حالة حب) ولكن فيها أعطيته دوراً كبيراً، ومن بعدها قدمنا معاً مسرحية (أنا فين وأنتي فين)، وهنا لابد أن أشير إلى نقطة مهمة، بأن عادل أمام شخص ذكي وقادر على التمييز والمقارنة بين الأشياء الجيدة والسيئة».
بالمقابل كان عادل أمام تحدث عن لقائه بأستاذه المهندس وكيف شارك معه في المسرح، قائلاً في إحدى اللقاءات: «إن أول لقاء جمعني بالفنان الكبير فؤاد المهندس عندما كان يقوم بتدريب فريق الجامعة، وفي حينها كان يبحث عن ممثل في مسارح التلفزيون ليقوم بدور وكيل محامي، وقتها جاءت إليّ إحدى الموظفات، وأخبرتني أن المهندس يبحث عن شاب يؤدي الدور، وتقدمت وقابلته وأتذكر تماماً بأن فؤاد المهندس استقبلني استقبالاً جميلاً وكأنه يعرفني منذ 100 عام، وهذا الأمر اعتدت عليه لاحقاً، لكون المهندس رجلاً عظيماً ويحب الجميع، ونحن تربينا في مدرسته وفي معيّته، وأخيراً فؤاد المهندس كان رائداً لجيله ولن يأتي مثله».
وهنا لابد من القول: إن التلقائية والعفوية عنصران جمعا مهندس الكوميديا وزعيمها، فعمل الأخير بمقولة أستاذه التي لطالما ردّدها وهي أن الكوميديا معقدة وتحتاج جهداً مضافاً أكثر بكثير من التراجيديا، وبالتالي نجح عادل إمام بالمعادلة ولم يخرج من عباءة أستاذه إلا بعد أن احترف وتمكن من فرض مقومات مدرسته الفنية الخاصة.

في تشاركية الأعمال

من المسرحيات التي قدمها عادل أمام مع فؤاد المهندس «أنا وهو وهي»، و«حالة حب»، و«أنا فين وأنتي فين».
وفي السينما كافأت الأقدار الشاب الطموح عادل إمام ليتصدر مع السنين أفيشات الأفلام، ما دفعه للاجتماع بأستاذه المهندس طالباً منه التعاون في العديد من الأفلام نذكر منها: فيلم «أنا وهو وهي»، و«خلي بالك من جيرانك» بمشاركة كل من لبلبة ومديحة يسري، وأيضاً فيلم «خمسة باب» بمشاركة نادية الجندي، وقدما معاً فيلم «زوج تحت الطلب» مع ليلى علوي وهالة صدقي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن