قضايا وآراء

هل أيقن «التآمر الدولي» استحالة النصر؟

| منذر عيد

هل اقتنع «نادي التآمر العالمي» على سورية، بعد مضي عشر سنوات من الحرب الإرهابية، باستحالة تحقيق نصر، أو تحقيق خرق إستراتيجي ما على الجبهة السورية، أم إن ما حققه أعضاؤه من خراب ودمار في سورية وإثارة فوضى في المنطقة، يكفيهم لإعادة ترتيب أوراق المنطقة، وفق الرؤى التي تكسبهم ولو جزءاً بسيطاً من تحقيق إنجاز ما، يحافظون به على ماء وجههم، بعد سلسلة من الهزائم سواء أكانت مباشرة في الميدان السوري، أم ثانوية في الملف النووي الإيراني، والعراق، عبر استهداف تلك الجبهات من المنصة السورية.
نقول هزيمة لحقت بأعضاء «نادي التآمر» في الميدان السوري، أو عجزوا عن تحقيق انتصار، لأن مجرد انتقالهم من خطة أساسية إلى أخرى ثانوية، عبر عشر سنوات يؤكد تلك الهزيمة، أو أقله فشلهم في تحقيق ما يصبون إليه، فالمنتصر لا يضطر للانتقال إلى خطة بديلة، أو «ب»، و«ج» ووو..، بدؤوا بحرب عسكرية بالوكالة عبر مجاميع إرهابية، أمّنوا لها كل أسباب الاستمرار، لتندحر جميع تلك التنظيمات الإرهابية في مساحات ضيقة جداً، وينتقل «النادي» إلى الإرهاب الاقتصادي وسياسة تجويع الشعب السوري، وسرقة ثروات وخيرات سورية، ودعم الحركات الانفصالية، وكل ذلك مع كم هائل من التجييش الإعلامي المضلل.
جملة من المتغيرات طرأت على الملف السوري، سواء في الميدان أم السياسة، تدفعنا إلى طرح سؤال هل اقتنع؟ آخرها دعوة المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون أمام مجلس الأمن إلى إشراك الأطراف المختلفة التي لها تأثير في الأزمة السورية، بما يشمل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول العربية، وجميع أعضاء مجلس الأمن، وهل تلك الدعوة مبادرة شخصية من بيدرسون، الذي يعي أن طرح أي مبادرة مصيرها الفشل إن لم يأخذ موافقة أميركا مسبقاً، وهو ما يرجح أن يكون قد حصل، ليؤكد ذلك أن ثمة رغبة أميركية أوروبية بإنهاء الأزمة بلمسة من قبلهما على تفاصيل الحل.
فالأميركي يخاف أن يستأثر الروسي والإيراني بالكعكة السورية منفردين، ويكون بعيداً عن تفاصيل المرحلة القادمة في سورية، ومسألة إعادة الأعمار، فلا يجد حلاً إلا بدفع بيدرسون لطرح مقترح كالذي طرحه بالأمس، ليتلقفه الأميركي سلم نجاة للنزول من أعلى الشجرة السورية، ويعلن الموافقة والخوض في محادثات تضفي إلى حل يرضي الجميع، من دون أي حضور لما يسمى «معارضات» الخارج، من منطلق إذا حضر الأصيل انكفأ دور الوكيل.
كلام بيدرسون سبقه قبل أيام تقرير نشره موقع «ميليتيري» الأميركي أكد خلاله أن البيت الأبيض يفتح مجدداً ملف الانسحاب الأميركي من سورية، وهو ما علّق عليه القائد الأعلى للقوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال كينيث ماكنزي جونيور، بقوله: «أعتقد أن الإدارة الجديدة ستنظر في هذا الأمر، وبعد ذلك سنحصل على التوجيه».
التغير في المواقف الدولية لم يقتصر على تصريح بيدرسون، وفتح ملف الانسحاب الأميركي من سورية فقط، بل سبقه إعلان عربي تمثل في «الإمارات ومصر والنظام السعودي ومشيخة قطر» بضرورة التوصل إلى حل سياسي في سورية، ورغبة في عودة سورية إلى موقعها الطبيعي في الجامعة العربية، وهو ما يعتبر في المفهوم السياسي شقاً لعصا الطاعة عن الأميركي، أو أنه تم بتوجيه من إدارة الرئيس جو بايدن، ليصب ذلك في سياق الحديث عن دوافع كلام بيدرسون.
في الصورة العامة واصلت دول الغرب المتآمر على سورية في الذكرى العاشرة على بدء الحرب الإرهابية على سورية، التأكيد على نهجها إزاء سورية، وهو ما يوصف بالعامّية «تكبير الحجر»، لكن أهم من هذا كله ما يدور خلف الكواليس، وما يتم تسريبه عن اجتماعات الظل، وما يمكن قراءته بين السطور، لينطبق في النهاية المثل العربي القائل: «يلي بدو يضرب ما بيكبّر الحجر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن