أزمة التأليف مستمرة في لبنان.. والرئيس عون يدعو الحريري لتشكيل الحكومة وفق الأصول والأخير يتمسك بما قدمه
| وكالات
بعد أن خير الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بتشكيل فوري للحكومة بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية، أو التنحي عن التأليف في حال عجز عن الأمر، رد الحريري بنوع من الاستهزاء بأنه مستعد لزيارة فخامة الرئيس للمرة السابعة عشرة لمناقشته بتشكيل الحكومة!
ومساء أمس وفي كلمة له أشار عون، حسب موقع «النشرة» إلى أن «كلّ شيء يهون أمام معاناة اللبنانيين واللبنانيات التي بلغت مستويات لا قدرة لشعب على تحمّلها».
ولفت إلى أن «الوباء يتربص وأيضاً العوز والبطالة والهجرة وزوال القدرة الشرائية. كذلك انقطاع المواد والتخبط في مختلف السلطات الدستورية والإدارات المعنية بتأمين مستلزمات العيش، بينما لم نخرج بعد من فاجعة انفجار المرفأ… كل يوم يحمل أثقاله، فيتفاقم القلق بفعل العجز عن أبسط أساليب الحياة الكريمة».
وأضاف: «آثرت الصمت إفساحاً في المجال أمام المعالجات على مختلف المستويات، وتفادياً لأي حدث من جرّاء التجاذبات والانقسامات الحادّة في المواقف السياسيّة وانهيار المنظومة الاقتصاديّة والماليّة نتيجة سياسات خاطئة لعقود خلت».
وأكد عون أنه «سلكت درب المساءلة الوعرة في ظلّ نظام تجذّر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي واستشرى، وارتفعت أمامي كلّ المتاريس، وأنتم تعرفون أنّي ما اعتدت الإذعان والرضوخ دفاعاً عن كرامتكم وعيشكم الحر الكريم».
وقال: «بعدما تقدم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعناوين مسودة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، أدعوه إلى قصر بعبدا من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير، وفي حال وجد الحريري نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه أن يفسح المجال أمام كل قادر على التأليف».
وأضاف: «دعوتي للرئيس المكلف تأتي من منطلق مسؤوليّته الدستوريّة وضميره الإنساني والوطني، ذلك أن مثل هذه المعاناة الشعبيّة لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال، ودعوتي مصمّمة وصادقة للرئيس المكلّف إلى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين، حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علّنا ننقذ لبنان».
وشدّد عون على أن «لا فائدة من كلّ المناصب وتقاذف المسؤوليّات إن انهار الوطن وأصبح الشعب أسير اليأس والإحباط، حيث لا مفرّ له سوى الغضب».
في المقابل جاء رد الحريري عبر بيان قال فيه إنه «بعد أسابيع عديدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار والشروع بإعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ في بيروت، منتظراً اتصالاً هاتفياً من رئيس الجمهورية ميشال عون ليناقشني في التشكيلة المقترحة لإصدار مراسيم الحكومة الجديدة، وهي أسابيع زادت من معاناة اللبنانيين التي كانت قد بدأت قبل اختياري من قبل النواب لتشكيل الحكومة بأشهر طويلة، تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعاً، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من أجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة، كما قال فخامته».
ولفت الحريري إلى أنه «بما أنني قد زرت فخامة الرئيس 16 مرة منذ تكليفي بنفس الهدف الذي وضعه فخامته، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، فإني أجيبه بالطريقة نفسها إنني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشر فوراً إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ أسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى إعلان تشكيل الحكومة».
وفي تمسك واضح بمواقفه السابقة التي حالت حتى الآن من تشكيل الحكومة أكد الحريري أنه «أما في حال وجد الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون على فخامته أن يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن افساح مجال الخلاص أمام المواطنين، وأن يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة أعوام، تماما كما اختاروني رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة قبل خمسة أشهر».
وفي وقت سابق من يوم أمس، أفادت صحيفة «اللواء» اللبنانية، بأن «الحكومة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، قد تبصر النور خلال 72 ساعة»، مشيرة إلى تعيين اللواء عباس إبراهيم وزيراً للداخلية.
وقالت الصحيفة: إن «معلومات تعممت بشأن اتفاق على تأليف الحكومة خلال 72 ساعة، على أن تضم 20 وزيراً».
يأتي ذلك على وقع انهيار قياسي لليرة اللبنانية التي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة، ما دفع اللبنانيين إلى تنظيم احتجاجات وقطع الطرقات في معظم المناطق اللبنانية، حيث أفاد موقع «النشرة» عن تجمع لمحتجين في محيط القصر الجمهوري، الأمر الذي استدعى تعزيزات أمنية في المكان، كما تجمع عدد من المحتجين أمام منزل وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمه في بيروت.
ويطالب المحتجون وزير الاقتصاد بعدم رفع الدعم عن المواد الغذائية والتموينية وغيرها، مع العلم بأن المسؤول عن تمويل الدعم هو مصرف لبنان المركزي، أما وزارة الاقتصاد فهي تعتمد في أي إجراء تتخذه على الأموال المتاحة لها من المصرف المذكور.
وكان بعض المحال التجاريّة أغلق أبوابه في حين ازدحم المواطنون أمام محطات الوقود التي توقف كثير منها عن الخدمة.
وخسرت الليرة اللبنانية حتى الآن نحو 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، في حين لا يزال سعر الصرف الرسمي يساوي 1507 ليرات مقابل الدولار الواحد.