من دفتر الوطن

المحارب بالكلمة

| حسن م. يوسف

«هذا هو القول الصحيح في الوقت الصحيح من الرجل الصحيح!»
ذلك أول ما خطر ببالي عندما انتهيت من قراءة كتاب الأب الجليل المحارب بالكلمة الياس زحلاوي «حرب وسلم في سورية» الذي صدر عن دار دلمون الجديدة بدمشق، باللغتين العربية والانجليزية، في الخامس عشر من الشهر الحالي الذي يوافق الذكرى المشؤومة العاشرة لبدء الحرب التي تشنها الفاشية العالمية على دولتنا السورية، وقد تصدرت الكتاب مقدمة ساخنة بقلم آلان كورفيز المستشار الفرنسي في الإستراتيجية الدولية، يقول فيها: «عرفت الأب الياس منذ بدء الاعتداءات الإرهابية على وطنه فسحرني للتو، بغنى شخصيّته، وثقافته، ووطنيته الحارة ». يعلن كورفيز قراءته لما يجري في سورية بصريح العبارة إذ يقول: «ما يحدث إنما هو مخطط جديد، وضعه الأميركيون وحلفاؤهم الأوروبيون، من أجل تدمير بلد لا ينصاع لأوامر القوتين اللتين تعتقدان أنهما اختيرتا لتقودا العالم: الولايات المتحدة وإسرائيل… إن جميع أنواع الأكاذيب استخدمت في محاولة لتزييف الواقع».
ويتفق المستشار الفرنسي مع الأب الياس زحلاوي في أنه: «ليس ثمة نموذج آخر، من حيث التطاول على الأعراف الدولية تمكن مقارنته بالفظائع التي ارتكِبت في سورية، تحت غطاء أكاذيب فاضحة».
ويستنتج كورفيز أنه «… ما من حيوان في العالم، يمكنه أن يسلك سلوك البرابرة الذين اجتاحوا سورية، للأسف، بدعم معلن أو خبيث، من القوى الغربية».
في كتاب «حرب وسلم في سورية» يخاطب الأب الياس زحلاوي القارئ الغربي بلغة الحقائق والوثائق التي يفهمها، فهو لا يقدم رأيه الشخصي بما جرى في منطقتنا، بل يقدم لنا استعراضاً تاريخياً دقيقاً لما جرى في منطقتنا من خلال إيراد مقاطع وردت في كتب ودراسات أهم الكتاب الغربيين موثقة باسم الكاتب والكتاب والصفحة. وفي ضوء أقوال الكتاب الغربيين الموثقة يقوم الأب الياس بفضح ازدواجية معايير الدول الغربية، وانصياعها للكيان الغاصب وإنكارها للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وتوسعها المتواصل بالقوة، على حساب الدول المجاورة من دون الاعتراف بأي من قرارات الأمم المتحدة.
يقع الكتاب وترجمته في مئتي صفحة، وسنكتفي هنا بالوقوف عند الفصل الأول منه وهو بعنوان: «يسوع في مواجهة إلغائه» في هذا الفصل يتوقف الأب زحلاوي في تسع محطات، هي المشروع الصهيوني، اختيار فلسطين، الازدواجية الغربية، قرار تقسيم فلسطين، ظهور إسرائيل، دولة العدوان، طلائع ما يسمى (الربيع العربي)، الحرب الكونية على سورية. والنقطة التاسعة مسؤولية الكنيسة في الشرق والغرب معاً.
يستشهد الأب الياس بما جاء في كتاب «بركـان الشـرق الأوسط» الذي يقول فيه نعوم تشومسـكي: «سياسة الولايات المتحدة حيال سورية، كانت دائماً انتهازية جداً… في عام 1990، كان جورج بوش الأب يؤيـد كل التأييد بقاء سورية في لبنان، لأنه كان يريد لها أن تنضم إلى التحالف المعادي للعـراق… إلا أن واشـنطن عـادت عـبر السنوات، إلى موقف مختلف، لأن سـورية لا تخضـع لأوامـر واشنطن… ففي معظم البلدان، ينحني المسؤولون أمام الولايات المتحدة بكل بساطة. أما سورية، فلا… واليوم تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً قوية للإطاحة بالنظام السـوري، ولكـن لا للأسباب التي تدّعيها الولايات المتحدة. إن دافعها الحقيقي هو الـدافع عينه الذي استخدمته في قصف صربيا: لأنها غير مطيعة. إن الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة إلى معارضة سـورية، ليست نبيلة البتة. ويسعنا أن نقول الأمر نفسه عن فرنسا… أن ما دفع الولايات المتحدة بإصـرار لإخراج سورية من لبنان، يعود إلى أن سورية رفضت الانضمام إلى الحرب الثانية التي شنت على العراق عـام 2003، بـل تبنّـت، بالمقابل، موقفاً معادياً… ولذلك قررت الولايات المتحدة معاقبـة النظام السوري».
قصارى القول: إن كتاب الأب الجليل الياس زحلاوي «حرب وسلم في سورية» هو وثيقة ذات أهمية تاريخية بالفعل وهو جدير بأن يقرأ في مدارسنا ويطبع ويوزع في سفاراتنا.
وفي الختام أود أن أتوقف عند عبارة لتيري مارياني، عضو البرلمان الأوروبي: «في سورية كما في كل مكان، الديمقراطية لا تنمو تحت القصف… ولا تثمر إذا صنعت في الخارج. دعونا لا نضيف جريمة إنسانية إلى جريمة الحرب».
فهل من أذن تسمع؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن