سورية

باحثة فرنسية توجه انتقاداً لاذعاً لسياسية بلادها في سورية: بإمكاننا التوقف عن العويل مع الذئاب

| الوطن- وكالات

وجهت الباحثة الفرنسية كارولين غالاكتيروس انتقاداً لاذعاً للسياسية التي تنتهجها بلادها تجاه سورية منذ بداية الحرب عليها، معتبرة أن فرنسا ضاعت أخلاقياً وسياسياً واستراتيجياً في سورية، وفي مواضيع أخرى كثيرة.
وفي مقال لها نشره الموقع الإلكتروني لمجلة «إفريقيا ـ آسيا»، أشارت غالاكتيروس إلى أن الغرب يحاول عن طريق اتباع سياسية الإنكار إخفاء دوره في تبعات دعمه للحرب على سورية، والتي خلفت عشرات آلاف الضحايا والجرحى وشردت الآلاف، مؤكدة ضرورة «إنهاء العمل الذي بدأ بشكل سيئ جداً ودمر هذا البلد الرائع ذا النفوذ الكبير، لكنه لم يهزمه».
الباحثة الفرنسية، لفتت إلى أنه من الناحية العسكرية، فإن ما حصل في سورية هو إخفاق ذريع للمعسكر الغربي، حيث ما زالت الحكومة السورية الشرعية والرئيس بشار الأسد أيضاً في مكانهما، وذلك بعد عشر سنوات من القنابل والعقوبات و«الإرهاب والأكاذيب والدعاية المضللة»، علاوة على ذلك فقد تمكنت الدولة السورية من استعادة جزء كبير من أراضيها، أما تنظيم داعش والأشكال الأخرى الكثيرة المنشقة عنه مثل تنظيم القاعدة التي تم تشجيعها وتأهيلها وتدريبها وتسليحها من تحالف أعداء سورية الذين يدعون أنهم «أصدقاؤها»، فلم ينجحوا في تفجير هذا البلد.
ولفتت غالاكتيروس إلى أنه بدلاً من أن يعترف الغرب بهزيمة مشروعه في سورية، عاد ليدعم أهدافه التي فشلت خلال سنوات الحرب العشر، عبر تجويع الشعب السوري بعد الفشل في ترهيبه، فدعم حرق المحاصيل وقام بحصاره عبر «قانون قيصر»، لتجويعه وكسره، واصفة هذا الأسلوب في الحرب على السوريين بـ«الدنيء»، والذي يحمل حسابات خاطئة أيضاً، لأن الناس يعرفون من أين يأتي شقاؤهم، وهو بالتأكيد لا يأتي من دمشق.
الباحثة الفرنسية، اعتبرت أن واشنطن لن تعترف بالهزيمة إطلاقاً، وهي اليوم تقوم بتحريك تابعها التركي، وحلفائها العرب في المنطقة، لطمأنة حليفتها «إسرائيل»، وهي من أجل ذلك لا تتردد في زعزعة استقرار لبنان الهش بشكل خطير جداً، وأمام هذا الوضع لم تكن مصلحة فرنسا إلا في الابتعاد عن دعم التحالف والاتجاه نحو دعم استقرار البُنى الحكومية من أجل إنقاذ نفوذها في لبنان وسورية، ومحاولة القيام بدور الوسيط النزيه في الوقت المناسب، لكنها ضاعت أخلاقياً وسياسياً واستراتيجياً في هذا الموضوع وفي مواضيع أخرى كثيرة، فقامت بتشجيع وتسليح قطيع الإرهابيين الذين تحولوا إلى «متمردين مؤدبين يقومون بعمل جيد»، واندفعت بشكل مُخجل في المنطق الأميركي لتقسيم الشرق الأوسط، فانكشف غباؤها الإستراتيجي في هذه المنطقة، وسقطت مصداقيتها.
ولفتت الباحثة الفرنسية إلى أن أحداً لم يعد يرغب بالإصغاء إلى باريس ما دامت خارج التداول، لكن من الممكن أن يكون الملف السوري ملف الخلاص الإستراتيجي بالنسبة لها، عبر الابتعاد عن دعم «التحالف» وجميع العقوبات المفروضة في «قانون قيصر»، والتوقف عن فرض شروط سياسية مقابل دعم إعادة الإعمار، وأضافت: «بإمكاننا التوقف عن العويل مع الذئاب، علينا اتخاذ مبادرات قوية وإعادة فتح سفارتنا وقنصلياتنا، واستئناف تعاوننا في مجال الاستخبارات، إن الأمر المخزي هو هذا العناد في الخطأ وتخريب علاقة الاحترام والصداقة التي كانت تربط الفرنسيين مع السوريين، علاقة كانت تجعلنا محبوبين وجديرين بالاحترام ويمكن الاعتماد علينا في هذا البلد وهذه المنطقة».
وأكد المشاركون في ندوة جمعية الصداقة الفرنسية السورية التي عقدت الأربعاء الماضي أن العقوبات الغربية المفروضة على سورية وما تعرضت له من حرب إرهابية تشبه حرباً عالمية مصغرة نتيجة لصراع دولي وأن الدولة السورية صمدت في وجه هذا الإرهاب.
وقال مدير المركز الفرنسي للأبحاث والاستخبارات والذي نشر عشرات المقالات والكتب عن الحرب والمجتمع في سورية يريك دينيسي: «إننا نشهد في سورية حرباً عالمية مصغرة، لا بل أطول من الحربين العالميتين وإن سورية تتعرض للاعتداء من كل جيرانها لكنها صمدت دون أن يطرح الرأي العام العالمي أي سؤال عن ثبات الدولة السورية»، متسائلاً: لو كانت الدولة السورية تحكم بنظام ديكتاتوري كما يدعون فكيف يصمد بلا الشعب، مؤكداً أن سورية ضحية حملة عسكرية منظمة وحملة إعلامية ممنهجة وحصار اقتصادي وطبي وإنساني خطير أضيفت إليها حرب كوفيد 19 «كورونا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن