ثقافة وفن

«آخ يا أمي».. قصة واقعية … محمد نصر اللـه لـ«الوطن»: أطلب من أي جهة إنتاجية المساعدة في مثل هذه الأفلام

| سارة سلامة

اعتدنا في عيد الأم على الأفلام أو المسلسلات التي تقدم حكاية مشوقة تجتمع فيها تفاصيل العطاء والأمان والحنان، وهي كلها مقومات الأم جمعها المخرج محمد نصر اللـه ليقدمها لنا كهدية تلفزيونية في عيدها.
حيث صنع عدة أعمال تخص الأم بكل كينونتها وحنانها وعاطفتها وكان آخرها فيلم «آخ يا أمي» الذي عرض عشية عيد الأم، على القنوات السورية للكاتبة الجزائرية عبلة بلعمري، بطولة: الفنانة القديرة فاديا خطاب بدور الأم، علي كريم، نزار أبو حجر، فاضل وفائي، صفوح الميماس، وأمية ملص.
ويروي الفيلم حكاية أم ربت وتعبت وكبّرت أبناءها وكان ذنبها فقط أنها أم هي كالشجرة متمسكة بجذورها، ثابتة في ترابها، ترفض رفضاً قاطعاً الخروج من بيتها والاقتلاع من جذورها.
وفي حديثنا إلى المخرج نصر اللـه أخبرنا أكثر عن تفاصيل الفيلم وطبيعة اختياره لهذا النوع من الأفلام والتعاون مع الفنانة فاديا كرمز للأم المعطاءة في هذا التصريح:

الوطن يحتوينا كما الأم

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بيّن المخرج محمد نصر اللـه أن: «الفيلم عبارة عن قصة حقيقية أو شبه حقيقية بأحداثها، وتحكي عن أم ترفض أن يباع بيتها التي عاشت فيه وأنجبت فيه أطفالها، وأشير هنا إلى رمزية التضحية عندما ربّت أولادها وابن زوجها الموجود معها، لأخرج المشاعر الحقيقية عند الأم، التي لا تميز بين أطفالها الذين من لحمها ودمها وبين طفل يكون من أم أخرى لزوجها».

وأضاف نصر اللـه: «الرسالة من هذا الفيلم هو بيان مدى ارتباط الأشخاص بالأماكن التي يقطنون بها، وارتباط الأم بالبيت الذي عاشت به، حيث تواجه مشكلة حقيقية عندما يعرض هذا البيت للبيع مثلاً، كما حدث في الفيلم أنه اقتضت مصلحة الأبناء بيع البيت، وأصبح لكل منهم له إرهاصاته المادية وتوجهاته، ليقرروا تطوير ذواتهم من خلال البيت الذي يعود عليهم بالكثير من النقود، فاتخذوا القرار ببيع البيت، وكانت العقبة بالنسبة لهم هي الأم التي رفضت ذلك، لأن هذا البيت يعني لها الكثير وله علاقة بتاريخها ووجودها، فهي ضحت الكثير من أجل أن يبقى وربت أولادها».

وأفاد نصر اللـه: «ما أريد إيصاله هو تشبثنا بأماكن سكنا بها وخلقنا فيها والحفاظ عليها هي بالنتيجة الحفاظ على الوطن بأكمله، فالوطن يحتوينا كما الأم هي التي تلمنا بحنانها وعاطفتها، وهذا ما دفع الأم في الفيلم لتترك البيت لأنها لا تملك القدرة على تحمل قرار البيع، وتذهب سيراً في شوارع دمشق ولا تتجرأ على الموافقة، إلا أن النهاية تكون عندما تتخذ ابنتها موقفاً إيجابياً، فتخرج وراءها وتطلب منها الرجوع إلى البيت، وفي هذا المشهد تكون الأم على وشك التعرض لحادث سيارة، فتنقذها مسرعة وتعانقها بشدة، ومع نزول المطر، الذي يعبر عن الخير والعطاء، ويغسل القلوب والأرض، وتعمدت أن أظهر تفاصيل المكان في مدينة دمشق وهي تتلمس بيديها حجارة الشام، هذه الحجار القديمة التي تدل على الارتباط الحقيقي بالمكان والتاريخ، والرمزية قريبة مننا وهي رسالة بأن الأزمة التي نمر بها ستمر ويجب ألا نتخلى عن بيوتنا أو نتخلى عن تراب بلدنا لأن هذه الرمزية الأم هي بسيرورة نفسي اعتبرتها هي أم كل شهيد وأم كل جريح وأم كل مخطوف هي الأم سورية بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى».

وأوضح نصر اللـه: «هذه التجربة الخامسة لي مع الفنانة القديرة فاديا خطاب واعتبرها مصدر إلهام بالنسبة لي بما يخص الأم، لأننا إذا ما نظرنا فيها نرى بعيونها العطاء والحنان، والست فاديا هي مثال حقيقي للأم السورية للأم التي تنبض بالحقيقة للأم كيفما تعاملت معها أو نظرنا إليها نرى من خلالها الوطن، لأنها تمتلك من الأحاسيس ما لا يمتلكه الكثير، وتملك إحساساً عالياً جداً والحقيقة أفتخر وأعتز أننا قدمنا خمس تجارب سوية بما يخص موضوع الأم، وهي (زيارة خاطفة، وأم الشهيد، وآخ يا أمي، وأم للبيع، ويا أمي)، هذه مجموعة من الأفلام أعتز بأننا قدمناها سوية».

وأخيراً يقول نصر الله: «أرغب من الجهات الوصائية على أي إنتاج تلفزيوني بغض النظر إن كان نقابياً أو وزارة الإعلام أو لجنة صناعة سينما أن تساعدنا في هذه وهي ليست مشروعاً ربحياً، بل نقدمها لنتذكر دائماً القامة العظيمة التي هي الأم لأنه لا شك بأننا نواجه معوقات كثيرة خلال إنتاج هذه الأفلام، ومن خلال تجاربي في هذه الأفلام لم نستطع أن نسترد ما وضعناه كحالة إنتاجية، بل تعمل على الجانب الإنساني، فالأم بالنسبة لي هي الوجود، هي الأوكسجين الذي أتنفسه، هي سورية هي الوطن».

ويذكر أن المخرج نصر اللـه عمل في عدة مفاصل وساهم بصناعة الدراما عبر ثلاثة عقود في أعمال محفوظة في ذاكرة الجمهور، الأمر الذي أكسبه مقدرات وخبرات أهلته لكي يعمل في سلك الإخراج مقدماً في سنوات الحرب أعمالاً عديدة ذات طابع درامي وكوميدي تمحورت حول معاناة الإنسان السوري والعربي جراء الحروب والعدوان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن