قضايا وآراء

وعود سيد البيت الأبيض حبر على ورق

| دينا دخل الله

على الرغم من أن الرؤساء الأميركيين يقطعون وعوداً كثيرة أثناء حملاتهم الانتخابية إلا أن معظم هذه الوعود لا ترى النور، فالرئيس الأميركي جو بايدن وعد الأميركيين باتباع سياسة خارجية أكثر دبلوماسية وتعاوناً مع المجتمع الدولي بعد أن ورث تركة كبيرة من المشكلات الداخلية والخارجية، بما فيها حروب عالمية متناثرة الأطراف كلفت الآلاف من الأرواح وتريليونات من الدولارات، لذلك قد يكون من الصعب تفهم التصعيد المفاجئ مع كل من روسيا والصين، بعد أن وصف بايدن نظيره الروسي «بالقاتل» ووجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتهامات حادة للصين في أول لقاء بين البلدين بعد تسلّم بايدن الحكم.
ولعل أفضل مثال على عدم التزام بايدن بوعوده هو ملف إيران النووي، فقد وعد بايدن الشعب الأميركي في حملته الانتخابية بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ومع مرور أكثر من شهرين على وصول بايدن إلى البيت الأبيض لم نر أي تقدم في هذا الملف، بل إن بايدن أبقى على العقوبات الاقتصادية التي فرضها سلفه ترامب على إيران، لكن لماذا مازالت واشنطن تصر على لغة التصعيد مع إيران وغيرها مع أن هذه الإدارة انتقدت كثيراً سابقتها على سياساتها التصعيدية؟!
يبدو أنه من الصعب أن يحصل بايدن على دعم كامل من الكونغرس إذا رغب في العودة إلى الاتفاق النووي، وذلك لانضمام الكثير من الديمقراطيين لصفوف الجمهوريين في مطالبتهم بعدم العودة للاتفاق السابق، وهم لا يرغبون في تطبيق سياسة خارجية أكثر عقلانية مع إيران لأن هذا يظهرهم بمظهر «المتساهلين مع أعداء أميركا»، فهل ستخضع الإدارة الأميركية لصقور الكونغرس أم إنها ستعمل على إنهاء الحروب الخارجية التي أثقلت كاهل دافعي الضرائب الأميركيين؟
أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخراً من مؤسسة «يوغوف» و«ذا اكونوميست» أن نحو ثلثي الأميركيين، بما فيهم 84 بالمئة من مؤيدي بايدن، يدعمون قيام محادثات مباشرة مع إيران حول برنامجها النووي، حيث يرى الكثيرون أن الحرب مع إيران ستقوض أي جهود تحاول تخليص السياسة الخارجية الأميركية من العسكرة التي تسيطر عليها منذ عقود، فالتحول إلى سياسة أكثر دبلوماسية وعقلانية سيساعد الإدارة الأميركية على توجيه جهود أكبر نحو المشكلات الحياتية التي يعاني منها الشارع الأميركي.
ربما تكون إدارة بايدن قد حولت اهتمامها من الشرق الأوسط إلى آسيا حسب المحللين، ما قد يجعلها تلجأ إلى الإبقاء «على الوضع الراهن» في الشرق الأوسط، أي ملفات إيران وسورية واليمن، ما قد يكون دليلاً كافياً للاعتقاد أن حروب أميركا الشرق أوسطية ستستمر إلى أجل غير مسمى.
قد يكون السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف لنا أن نطلب من واشنطن أن تفي بوعودها بخصوص قضايا ومشكلات تخص العالم وهي لا تفي بوعود تمس حياة شعبها بشكل مباشر؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن