رياضة

قبل الانتخابات الكروية القادمة – الحلقة الأولى … المحسوبيات والمجاملات أساس عملية الانتقاء

ناصر النجار :

بدأ العد التنازلي لدورة اتحاد كرة القدم، التي ستودع في التاسع من كانون الأول دورتها لتستقبل دورة جديدة، وبدأ مع هذا العد التجهيز للحملات الانتخابية للطامحين في تصدر هذه الدورة والفوز بمقاعدها.
وقد لا نشهد أي جديد يغير قواعد اللعبة أو يكسر الرتم والروتين المسيطرين عليها، وعلى ما يبدو أنه قدر لرياضتنا أن تسير دون أي تعديل أو تبديل.
والسبب في ذلك أن القائمين على الرياضة لا يريدون ولا يطمحون له، ويتركون الحبل على غاربه، وهو يدل بما لا يدع مجالاً الشك على الإحباط من الواقع أو ربما من أمور أخرى!
والحقيقة التي لا يمكننا تجاهلها أن الرياضة باتت مربوطة بالتكتلات والزمر، فمن كانت زمرته أقوى فاز بالمناصب والمكاسب.
والقضية دون أدنى شك، محسوبة بالرغبات الشخصية وبالميل لفلان ولآخر، وبالتكتيكات المستقبلية، وكل هذه القواعد بعيدة كل البعد عن عوامل الكفاءة والخبرة والنزاهة، وبالتالي هي بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة.

الميزان
للأسف فإن معايير الترشح وضعت ضمن (الهوى) الشخصي لمن يملك حق منح هذه الورقة، وقناعتنا أن من يملك حق المنح بات ملك زمانه، وباتت الأنظار تتجه إليه، وبات قبلة المرشحين، وقد يضطر البعض للسجود أملاً في الحصول على الرضا والرحمة لنيل صك البراءة والدخول في الامتحان للفوز بالسباق.
و(الطابو) هذا موجود في الأندية، فهي التي تملك حق المنح وحق الفيتو والرفض.
وحسب الأخبار الواردة فإن الزحمة اليوم نجدها على باب نادي الوحدة الذي وقع في إحراج ما بعده إحراج أمام وفرة (طالبي القرب) ومعلوماتنا تفيد أن أكثر من عشرة يريدون ورقة الترشح إلى الرئاسة أو العضوية، والنادي لا يملك إلا ثلاث ورقات، فلمن سيمنحها؟
والمعلومات أيضاً أن رئيس نادي الوحدة (طار) إلى الإمارات ولن يعود إلا بعد انتهاء (الطبخة)، وهو بذلك هرب من الحرج (نظرياً) فقط!
وما ينطبق على نادي الوحدة، ينسحب على بعض الأندية الأخرى التي تعج بالخبرات المؤهلة، على حين أن أغلب الأندية حسمت أمورها، فخبراتها ضيقة، ومرشحوها معروفون، وخصوصاً أندية الهيئات.

المعايير
أمام كل ما سبق ربما تغيب المعايير الحقيقية في عملية الانتقاء، فيتم منح هذه الورقة لمن يكون قادراً على تسيير الأمور الخاصة، لا تسيير أمور كرة القدم.
ومن الطبيعي كما جرت العادة، وللأسف أصبحت قاعدة، فإن الشرط الأهم هو أن ينطبق على المرشح مقولة (هذا معنا) فلكي يحصل المرشح على ورقة الترشح يجب أن يكون مرضياً عنه من النادي ويحمل ورقة (تزكية) أو هاتف واسطة (من فوق) ونقصد هنا القيادة الرياضية ليتم منحه الترشيح، وتغيب هنا المعايير الفنية وغيرها في التفاضل بين المتقدمين.
ولا نستبعد أبداً أن تكون تصفية الحسابات الشخصية من أهم عوامل الانتقاء أو الاختيار، فهذا أمر وارد جداً، وهو مأخوذ بعين الاعتبار، وله الأولوية في التقييم.

في الخفاء
كل ما يجري اليوم يتم بالخفاء، ومن تحت الطاولة، فالمرشحون ما زالوا غامضين وغير واضحين، ولم يعلن أحد ترشحه رسمياً إلا ما ندر، وهذا خطأ كبير يواجه هذه العملية المهمة.
ومن المفترض أن نجد كل شخص ينوي الترشح إلى رئاسة أو عضوية اتحاد كرة القدم أن يدلي ببيان، يقدم فيه نفسه مرشحاً جاداً وحقيقياً، وهذا أولاً، وأن يقدم برنامجه الانتخابي وما يتضمن من أفكار وخطط سيقدمها لكرتنا وهذا الأهم، ويكون هذا البيان هو الحكم على أهلية المرشح، على أن تتم محاسبته مستقبلاً على وعوده، حتى لا تكون كلمات البيان، مجرد وعود أو زوبعة انتخابية.
والواقع الذي عايشناه في الدورات السابقة، وفي كل الاتحادات الكروية التي مرت على كرتنا في العقود الخمسة الماضية كشفت كل أوراق المرشحين، وباتت ذاتياتهم واضحة، لذلك أمام هذا (المجهر) لا بد من تحكيم الضمير أولاً، ووضع معيار المصلحة العامة قبل منح أي ورقة لأي مرشح أخفق في الدورات الكروية السابقة، حتى لا ينطبق علينا المثل (من جرب المجرب، فعقله مخرب)!

تدخل مسؤول
من غير المنطق أن تبقى القيادة الرياضية على الحياد، في أهم عملية انتخابية تواجه أهم اتحاد رياضي على الإطلاق.
ونرى هنا ضرورة التدخل الإيجابي لمصلحة كرة القدم، ولمنع المتطفلين من الدخول إليه، ولمنع كل من أخفق سابقاً في موقعه وساهم في تراجع كرة القدم.
فهناك أشخاص آذوا كرتنا، وهناك أشخاص لم يكونوا جديرين بمهمتهم وغلب على وجودهم المصلحة الشخصية، وهناك أشخاص كانوا مثل حجر الشطرنج، وأشخاص آخرون لم نسمع بوجودهم أصلاً، لأن وجودهم لم يتعد مستوى (البريستيج)!
هذه الزمر كلها يجب أن تمنع من الترشح بقرار قيادي معلل بأسباب مقنعة، ومصدق عليها من المكتب التنفيذي أو المجلس المركزي، وهذا الاقتراح تم العمل به بعد حل اتحاد الدكتور أحمد الجبان رغم وجود ظلم وقتها لبعض القرارات، ويمكن العمل به الآن، وهو اليوم أكثر ضرورة من ذي قبل، وهذا أفضل من قرارات منع تجري في الخفاء وعبر الموبايلات وهي دليل على ضعف القرار المسؤول القادر على المواجهة!
على أن يترافق هذا القرار بشروط يجب أن يتمتع بها المرشحون قبل دخولهم الاستحقاق الانتخابي، وفي ذلك انتقاء وغربلة للمتقدمين، حتى يخلو اتحاد كرة القدم من كل من هب ودب.
هذا غيض من فيض، وفي الحلقة القادمة سنتعرف إلى المزيد من الطروحات والأفكار، أملاً في اعتبار الدورة الانتخابية القادمة دورة تطوير وإقلاع لكرتنا، بعد سنوات من العمل الضبابي الكروي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن