لا يمر يوم لا أتساءل فيه هل وباء كورونا طفرة في تسلسلات الحمض النووي لفيروس غير مؤذ تحول إلى وباء فتاك؟ إنه فيروس مصنوع في المخابر البيولوجية بقصد تخليص كوكب الأرض من فقرائه؟ والحق أن هذا السؤال طرح نفسه عليّ بقوة عندما قرأت أمس أن معظم الجرعات المضادة للفيروس ذهبت للدول الغنية التي لا يتعدى عدد سكانها 16 بالمئة من عدد سكان العالم، على حين باقي الدول لم يصلها شيء يذكر.
صحيح أن وباء كورونا يضرب الدول الغنية والفقيرة، لكن فقراء الدول الغنية يتساوون في فرصة النجاة مع فقراء الدول النامية، فقد تسبب وباء كورونا بموت نحو نصف مليون مواطن أميركي. لأن ثمن اللقاح في أميركا ألفا دولار، وهذا مبلغ كبير لمن ليس لديه تأمين صحي.
تتحدث شركات الأدوية الكبرى عن «الإنسانية والمسؤولية الأخلاقية تجاه الجنس البشري» لكن هدف ما تفعله هو السيطرة على السوق وجني الأرباح على حساب حياة البشر، ما جعل البعض يتحدثون عن إمكانية تصنيف بعض القائمين على شركات الأدوية كتجار حرب.
ونظراً لانعدام العدالة في توزيع اللقاحات، فقد انتشرت دعوة تقودها كل من الهند وجنوب إفريقية وتدعمهما أكثر من ثمانين دولة نامية، تطالب الشركات المصنعة للقاحات كورونا بأن تتنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحاتها، حيث يمكن إنتاجها في مختلف البلدان، وهذا سيسمح بحماية صحة فقراء العالم وتسريع الجهود لوضع حد لهذا الوباء الذي شلّ الاقتصاد العالمي، لكن هذا الطلب جوبه بالرفض من البلدان التي تملك شركات الأدوية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسويسرا، إضافة إلى أستراليا وبريطانيا واليابان والنرويج وسنغافورة.
المؤسف في الأمر هو أن بعض صيادي الفرص بدؤوا يستغلون لهفة الناس للحصول على اللقاحات، فقاموا بتزييفها وبيعها في السوق السوداء، وقد اعتقلت الشرطة المكسيكية مؤخراً ستة أشخاص في ولاية نويفو ليون الواقعة على الحدود الشمالية مع أميركا، بتهمة الاتجار بلقاحات مزيفة. وأوضح مساعد وزير الصحة، هوغو لوبيز غاتيل، أن «المشتبه بهم عرضوا اللقاحات للبيع بما يعادل 2000 دولار للجرعة».
وقد نشرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن السلطات الصينية ألقت القبض على عصابة تروج لقاحات مزيفة لكورونا، وذكرت الصحيفة أن العصابة قامت بتصميم عبوات مماثلة لعبوات اللقاحات الأصلية وباعت منها 58 ألف جرعة مزيفة معبأة بمحلول ملحي أو مياه معدنية عادية. فحققت أرباحاً تقدر بأكثر من 2.5 مليون دولار، وجرى ترويج بعض اللقاحات داخل الصين، كما تم شحن الباقي إلى الخارج.
الشيء المقلق هو أن دراسات أولية أجريت في الصين وألمانيا وبريطانيا ودول أخرى خلصت إلى أن «المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد يطورون أجساماً وقائية مضادة للفيروس كجزء من النظام الدفاعي لجهاز المناعة في الجسم، وهذا أمر جيد، لكن الأمر السيئ هو أن تلك الأجسام لا تظل فعالة سوى لبضعة أشهر فقط. وقد أفاد دانييل ألتمان، أستاذ علم المناعة من جامعة (إمبريال كوليدج لندن) بأن «تأثير الأجسام الوقائية المطورة ذاتياً، في الغالب، يخبو سريعاً».
ما لا شك فيه هو أن كورونا كارثة كونية، والحق أنني مندهش من عدم استجابة كل من روسيا والصين لمجموعة الدول التي تطالب بالتنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات كورونا، وخاصة أن الدولة الأولى كانت شيوعية، والثانية لا تزال!