معرض «أماكن».. متابعة للخط الليّن … فداء منصور لـ«الوطن»: لست المؤسس للتجربة الدائرية لكنني المتبني لها
| سارة سلامة
يبتعد الفنان التشكيلي فداء منصور عن الخطوط الإنشائية أو الهندسية ويميل بطبعه للعفوية والصدق للطفولة في عبثيتها عندما تبدأ بخطوط منحنية مستديرة مبتعدة عن السطور المستقيمة، بكل ما تحمله من عفوية وصدق، يسير باحثاً في منحنياتها وتطلق لتفكيره العنان وتكسبه مساحة أكبر للإبداع، في تجربته السابعة الآن يكشف سرّ هذا النهج وجماليته حيث يجسد في صالة الفنان «مصطفى علي» شخوصاً متعددة بلوحات تحمل ألوانا صريحة وواضحة وتعطيه تميزاً وتفرداً في انحناءاتها.
يجسد خواطره
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» يبين التشكيلي فداء منصور أنني: «أقدم التجربة الدائرية السابعة لي في هذه المدرسة الدائرية التي بدأت بها، وبطبعي لا أضع برنامجاً أسير عليه بل الفنان تخطر له حالات جميلة أنثوية أو حالة حلم وخواطر تمر عليه يجسدها بلوحة، وتشدني غالباً الحالة الأنثوية بما تمثله من جمال ومعنى الأرض والعطاء والحب، وكثرت معارضي ربما عن المقدم عادة في المعارض الفنية وذلك لأنني أطرح تجربة جديدة مثيرة للجدل، حتى تأخذ مداها ونثبت إمكانياتنا في العمل على أكثر من موضوع أو نطوع أي شيء، ضمن الخط الدائري».
ويوضح منصور أن: «قوة الخط جاءت من ممارسة طويلة للرسم إضافة للخط العربي وخاصة الديواني الذي يعطي رشاقة ومرونة، حتى أصبح ذلك بالنسبة لي أسلوب تفكير، وتشكل الدائرة بالنسبة لي كتلة قوية، والحياة دائرة وفيها الأرض دائرة ودوران، هي بالنسبة لي تعني التماسك والصلابة والمرونة والجمال الحقيقي يكمن من دون أي زوايا حادة».
البعد عن المستقيم
«كما أنني بعيد كل البعد عن الخط المستقيم ولكن ممكن أن نراه عندي في تجارب أخرى، كما أنني لامست المدرسة التجريدية في أكثر من معرض من خلال حوار الدوائر ولكن الغوص بها يحتاج إلى تراكم أكبر، وأرى أن الطلب على اللوحات والاقتناء من الناس يدلّ على عالمية الفكرة. كما أشعر حيال تلك التجربة بالصمت أو التجاهل في محاولة لإحباط الفنان، وهناك مقالات عديدة تناولت معرضي ومنها هناك شيء لفتني إلى أن (الناس لا تكره نجاحك.. إنما تكره تميزك)».
النهج والأسلوب
«لم أبتكر الأسلوب، ربما الفن الروسي عالج نوعاً كهذا سابقاً عبر أعمال قليلة ولكنها بغير أسلوبي، وأنا أسير في هذا النهج كخط، ومثلما بيكاسو اشتغل على التكعيب إلا أن براغ سبقه إليها، لكن بيكاسو تبنى الفكرة أكثر وأصبحت على اسمه، وأقدم الآن أشياء أنضج وأحتاج لوقت أكثر لأنني قدمت 7 تجارب وهي كمية كافية خلال عامين، وأحتاج لاستراحة عام لتحقق اللوحة نضوجاً أكثر».
الغالب هي المرأة
«المرأة هي ملهمة الفنان الأول كأم وصديقة وحبيبة وزوجة وهي موجودة دائماً في حياة الفنان، تمثل بالنسبة لي الوطن والجمال والصديقة والحياة، كل حالات المرأة جميلة حتى بأحلامها وشكلها وتكوينها، وتعطي دائماً اللوحات العالمية خصوصية، والفنان بطبيعته لديه هاجس لجمال المرأة ملهمته الأولى.
وبما أن زوجتي ترافقني دائماً فكانت أغلب اللوحات والأشكال تشبهها».
الديمومة رغم الظروف
«تمر سورية في أزمة صعبة وهذا شيء محزن جداً ويؤثر فينا بطريقة سلبية، إلا أنني عندما أرى أعداء البلد يريدون لنا الجمود أو الموت أعتبر أن من واجبي مقاومة هذه الحالة وأرى أن العمل أهم من الشكوى، وفي النهاية ليس من الضرورة الفنان أن يصل للعالمية لأنها تحتاج إلى وقت بل يجب أن ينجح وينطلق من بلده».
وأخيراً: «أقول إنني لست المؤسس لهذه التجربة لكنني المتبني لها، ورسالتي مهما غادرنا وسافرنا تظل أو تبقى بعض الأماكن تسكن أرواحنا».
تجربة خاصة
الفنان التشكيلي مصطفى علي يقول رأيه في هذه التجربة التي تعتمد الحركة اللينة أن فداء: «كفنان يتمتع بتجربة خاصة يعتمد فيها الحركة اللينة أو كما يسميها التجربة الدائرية البعيدة عن الزوايا الحادة القاسية، كما أن اللون عنده يحمل تجاوراً وانسجاماً وتضاداً فهو يحب الألوان الصريحة القوية، وغالباً ما يختار موضوع التشخيص من خلال عنوان معرض يجمعه بفكره معتمداً الشكل الإنساني بحالات تعبيرية مختلفة وبانطباع بسكون وسكينة وبحركة مغلقة أو منفتحة».
وأضاف علي: «إن الإنسان عندما يبدأ بالنجاح يكثر منتقدوه، فالانتقاد نجاح وسرّ، كما يؤدي النجاح إلى تقلص عدد المحبين إلا أنني أشجعه على هذه التجربة، لفتني شغله وعملت له أول معرض بناء على هذه التجربة، وقد تكون خارجة من تجارب أخرى لفنانين معروفين بالعالم، وهذا الشيء طبيعي لأن الفن يتكون من بعضه ولا يوجد شيء يخلق من العدم، وطبيعي أن الفنان يتأثر ولكن الأهم أن يبني أشياء جديدة وتجربة مميزة، ويكفي إذا تعرفنا على عمله مرة واحدة سنستطيع أينما ذهبنا أن نميزها».
وفداء منصور من مواليد مدينة جبلة تخرّج في كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1999، وأكمل فيها الدراسات العليا، وهو مدرس في معهد الفنون التشكيلية والتطبيقية، له العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها، وأعماله مقتناة ضمن مجموعات خاصة.