ثقافة وفن

«أبو الفنون» يحتفي بيومه العالمي بعد 60 عاماً على أول احتفال … بداية المسرح كانت عند الإغريق وعرفه العرب في بداية القرن التاسع عشر

| وائل العدس

يحتفل العالم يوم 27 آذار من كل عام بـ«اليوم العالمي للمسرح» ولكن الاحتفال اليوم له طبيعة خاصة، حيث يواكب مرور 60عاماً.

طرحت فكرة الاحتفال باليوم العالمي للمسرح عام 1961 أثناء انعقاد فعاليات المؤتمر العالمي التاسع للمعهد الدولي للمسرح بمدينة «فيينا» في عام 1961 وذلك باقتراح من رئيس المعهد آنذاك، حيث كلف «المركز الفنلندي» التابع للمعهد في العام الذي تلاه 1962 بتحديد يوم عالمي للمسرح يوم 27 آذار من كل عام.
تم اختيار هذا اليوم تحديداً لأنه يوافق تاريخ افتتاح موسم «مسرح الأمم» في باريس ومنذ ذلك الحين، يتم الاحتفال باليوم العالمي للمسرح كل عام في هذا التاريخ على نطاق عالمي.

وتم الاتفاق على احتفال موحد في العالم كله بحيث تفتح أبواب جميع المسارح مجاناً أمام الجمهور وقبل تقديم العروض يتم إلقاء كلمة المسرح العالمي التي يقوم بكتابتها سنوياً أحد كبار المبدعين المسرحيين وتترجم إلى جميع اللغات.
وفق الموقع الرسمي للمعهد الدولي للمسرح، فإن أهداف يوم المسرح العالمي هي تعزيز هذا الشكل الفني في جميع أنحاء العالم، وزيادة الوعي بأهمية هذا الفن، ودفع قادة الرأي إلى إدراك قيمة مجتمعات الرقص والمسرح، إضافة إلى تقوية فكرة الاستمتاع بهذا الفن كهدف بحد ذاته.

طريق إبداعية

وقع اختيار الهيئة الدولية للمسرح على الفنانة الإنكليزية هيلين ميرين (76 عاماً)، لكتابة وتلاوة رسالة اليوم العالمي للمسرح لهذا العام التي تترجم لأكثر من 50 لغة وتوزع في 90 مركزاً للهيئة على مستوى العالم.

وقالت: «كان هذا وقتاً صعباً للغاية بالنسبة للفنون الأدائية الحية، كافح فيه العديد من الفنانين والفنيين والحرفيين والنساء في مهنة هي في الأصل محفوفة بانعدام الأمن».
وتابعت: «ولربما كان انعدام الأمن الذي ارتبط دائماً بهذه المهنة، هو ما مكّن هؤلاء الفنانين من النجاة في ظل جائحة كورونا، متسلحين بالكثير من الذكاء والشجاعة، ففي ظل هذه الظروف الجديدة، حوّل الفنانون خيالهم إلى طرق إبداعية وترفيهية مؤثرة ليتمكنوا من التواصل مع العالم، ويعود الفضل في ذلك بشكل كبير بالطبع إلى شبكة الإنترنت».

وأضافت: إنه ومنذ بدء الخلق ونحن البشر نستخدم السرد القصصي كشكل من أشكال التواصل بيننا، ولذلك فإن ثقافة المسرح الجميلة ستبقى طالما بقينا نحن هنا.

واختتمت رسالتها قائلة: «لن تختنق أبداً الرغبة الإبداعية للكتّاب، والمصممين والراقصين والمغنيين والممثلين والموسيقيين والمخرجين، وفي المستقبل القريب ستزدهر تلك الرغبة مرة أخرى تدفعها طاقة جديدة وفهم جديد للعالم الذي نتشاركه جميعاً؛ وكم أحترق شوقاً لذلك».

من هيلين ميرين؟

هي ممثلة مولودة من أب روسي وأم إنكليزية، لها في مجال السينما 136 عملاً، بدأت منذ أواخر الستينات في تمثيل مسلسلات للتلفزيون الإنكليزي، وظلت ﻷكثر من ثلاثين عاماً لا يعرفها العالم، حتى أتمت سن الخمسين وقدمت دوراً مسانداً في فيلم «جنون الملك جورج» عام 1994 رُشحت عنه لجائزة الأوسكار، ثم عام 2001 حينما اختارها المخرج روبيرت ألتمان للمشاركة في البطولة الجماعية لـ «Gosford Park» لترشح للأوسكار المُساند للمرة الثانية.

تأتي بصمتها الحقيقية عام 2006 حين قدمت دورها المذهل في فيلم «theQUEEN» والذي أدت فيه دور الملكة « إليزابيث الثانية» والضغوط التي وجدت نفسها فيها في الأيام التي تلت اغتيال الأميرة ديانا عام 1997.

وقدمت أيضاً من خلال الفيلم ما اعتبره النقّاد واحداً من الأعظم أداء في السينما، ونالت عنه كل الجوائز التي رشحت لها ولم تترك أي شيء لمنافسيها، ليكون مسك ختام جوائزها هو فوزها بالأوسكار في 25 شباط 2007 كأفضل ممثلة رئيسية، وتنال لقب «الديم» من القصر البريطاني.

في عام 2009 رشحت للمرة الرابعة للأوسكار من خلال فيلم «The Last Station» الذي قدمت من خلاله دور «صوفيا تولستوي» زوجة الكاتب الروسي الكبير «ليو تولستوي» ودورها في حياته وتأثيرها عليه من خلال الأزمات التي يمر بها، لتصبح واحدة من بضع ممثلات فقط رشحن للأوسكار هذا العدد من المرات بعد سن الخمسين حيثُ بدأ الجزء المضيء من مسيرتها، وفي عام 2010 قدمت فيلم «Red» لتقدم دور أكشن لأولِ مرة وهي في سن الخامسة والستين.

وقد وقع اختيار الهيئة الدولية للمسرح عليها لشهرتها ونجوميتها العالمية ولكونها من النجمات العالميات التي تحب المسرح وتعشقه وتتابعه بشغف في كل بلدان العالم.

نشأة المسرح

يعد المسرح فناً قديماً، عرف منذ القدم عند الفراعنة واليونانيين، وقد ارتبط في البداية بالشعائر الدينية، إلا أنه ما لبث أن أصبح فناً قائماً بذاته، لا تقتصر غايته على الإمتاع، بل تشمل أهدافاً فكرية وتثقيفية وترفيهية للمشاهدين، ولذلك يوصف بأنه مدرسة الشعوب.

ويذهب معظم الكتّاب الذين درسوا فن المسرح إلى أن ما يتمتع به هذا الفن من ازدهار عند اليونانيين القدامى، وتعود بداية ظهوره عند الإغريق إلى القرن الخامس قبل الميلاد، إلا أن ازدهار المسرح في ذلك الوقت لا يعني أنه لم يكن موجوداً عند الحضارات السابقة للإغريق، وعليه فإن فكرة عدم وجود فن المسرح قبل الإغريق يعد إنكاراً لقدرة الإنسان من مختلف الثقافات على الترفيه عن نفسه، خاصة أن المسرح وسيلة للترفيه وليس للتعبير فقط.

ولهذا يعد المسرح على اختلاف أشكاله وأنماطه، فناً من الفنون التعبيرية التي أوجدها الإنسان منذ قديم الزمان، ويصعب تحديد مكان النشأة الحقيقيّة الأولى للمسرح وزمنها؛ فقد ظهرت التراجيديات وكانت تمثل في أثينا في القرن السادس قبل الميلاد، وبلغت ذروة ازدهارها في القرن الخامس قبل الميلاد؛ حيث كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاحتفالات الخاصة بتمثيل الطقوس والشعائر الدينية القديمة.

وعرف العرب المسرح في العصر الحديث على إثر احتكاكهم بالثقافة الغربية في بداية القرن التاسع عشر الميلادي؛ حيث ظهرت بعض الفرق المسرحية في بلاد الشام، ثم انتقلت إلى مصر ولاقت فيها قبولاً وتشجيعاً كبيرين، ما أدى إلى ظهور فرق تمثيلية جديدة. ومع بداية القرن العشرين، تم إنشاء العديد من المسارح الحكومية الجديدة، وكانت أغلب المسرحيات المؤداة مقتبسةً أو مترجمةً من لغة إلى أخرى، أو منقولة من القصص الشعبية العربيّة، أما نجاح المسرح فقد كان الدافع الأساسي الذي جعل الكتاب يتجهون إلى كتابة فن المسرح، ومع بداية خمسينيات القرن العشرين انتشر المسرح في العالم العربي انتشاراً كبيراً، وأصبح معترفاً به في معظم المؤسسات الثقافية الرسمية، كما تم تأسيس معاهد خاصّة للتمثيل، وشهد المسرح العربي تطوراً كبيراً على أيدي كبار الممثلين والمخرجين العرب، وزادت الفرق المسرحيّة التي تقدم الفن المسرحي العربي داخل الوطن العربي وخارجه، كما ظهر مسرح خاص للأطفال في مختلف الدول العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن