من دفتر الوطن

الساعة الذكية!

| عصام داري

قرأت أمس الإثنين، وفي هذه الصفحة من «الوطن» خبراً مفرحاً بالنسبة للبشرية جمعاء، وللسوريين بصفة خاصة.
يقول الخبر إنه تم تطوير «ساعة ذكية» لتصبح قادرة على القيام بفحص طبي للأشخاص في غضون ست دقائق فقط، وهذه هائلة في عالم التكنولوجيا والاختراعات الذي يفوق الخيال.
هذا الاختراع يحتاجه السوريون أكثر من غيرهم في ظل ارتفاع فواتير (راشيتات) أو وصفات الأدوية التي يكتبها الأطباء، والحال ليس على ما يرام بالنسبة للأغلبية العظمى من الشعب السوري المكافح.
لكنني تساءلت فيما بيني وبين نفسي: ترى كم يبلغ سعر هذه الساعة؟وهل وصلت، أو قد تصل لبلدنا في ظروف الحصار والعقوبات الأميركية الغربية وحتى العربية، دون أن ننسى أن الاختراع في أميركا التي تقود العالم في سياسة العقوبات والحصار؟.
كيف لنا كمواطنين سوريين درجة أولى الحصول على الساعة الذكية التي تكشف وأنت في بيتك (الصحة العامة وهشاشة القلب والأوعية الدموية) وهل بإمكاننا الحصول عليها في ظل تآكل الرواتب والأجور وزيادة الفجور عند بعض المضاربين بالعملة الصعبة والسهلة؟وأذكركم بأن قدرتنا الشرائية محصورة في طبق بيض وزجاجة زيت نباتي سعة لتر، أو ربطة خبز وباقة بقدونس!.
هل لاحظتم شيئاً مميزاً في الخبر أعلاه؟.. انتبهوا (على طريقة بعض المحللين!) فبإمكان الساعة الذكية تنبيهنا في حالة (هشاشة القلوب) وهل هناك هشاشة قلوب أكثر من السوريين؟وهل هناك من يحتاج أكثر منهم إلى طبيب جراح قلوب الناس يداويها بالإذن من أبو وديع الجميل؟.
المهم أن الذي حصل وفي لحظة تأمل وتفكير عميق قفزت واقفاً وصرخت بأعلى صوتي على طريقة المغفور له أرخميدس: وجدتها.. وجدتها!.
نعم وجدت الحل الذي قد يرضي جميع الأطراف، فأنا أقترح على السيدة «تكامل» استيراد الكمية المطلوبة من الساعات الذكية وتوزيعها على المواطنين عبر رسائل(sms) على طريقة توزيع السكر والرز والشاي ولاحقا الزيت والبصل والكزبرة والزوجات والأزواج، وربما الأولاد والأحفاد!.
هذا جزء من الحل، وهناك تتمة له لو سمحتم لي: فنحن نحتاج إلى ساعات ذكية تضبط بعض القرارات الارتجالية التي تتخذها جهات ما في المؤسسات الحكومية وتضيء باللون الأحمر عند كل قرار قد يحدث موجة غضب شعبي لا نعرف إلى أين سيؤدي لاحقاً.
نحتاج إلى ذكاء صناعي بعد تبخر النسبة الأكبر من الذكاء البشري للنظر في أمور ومشاكل ومعاناة المواطن المسحوق المنتوف الذي صار عاجزاً بكل ما لهذه الكلمة من معنى عن توفير كسرة خبز له ولأسرته وهو يدعو اللـه عز وجل أن (يعطيه خبزه كفاف يومه)!.
نحتاج إلى ذكاء صناعي وساعات ذكية تعطي أصحاب الدخل المحدود والمهدود طرقاً سحرية تمكنهم من الوصول إلى منتصف الشهر أو حتى إلى اليوم السابع من الشهر دون أن يطير الراتب كعصافير التين!.
باختصار عندي الحلول لمعظم مشاكلنا وأزماتنا لكنني لن أفصح عنها إلا بطلب رسمي من الحكومة، وبتوقيع اتفاق بيني وبينها مقابل كيلو سمنة وكيلو جبنة وصحن بيض وثلاثين ربطة خبز شهرياً!
و… انتظروا ساعاتكم الذكية، وإذا لم تأت قريباً فإن (السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللـه يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ) صدق اللـه العظيم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن