هنا الأصح أن أقول لا تختبئ من المصائب، فمعظم السوريين خلال هذه السنوات زادت مصائبهم وتلونت وجاءت بأشكال مختلفة.
والحياة بذاتها لم تخل يوماً من النوائب والمشكلات على اختلاف درجاتها، فمنها ما يبدو قاسياً جداً، ومنها ما يكون ألماً يمكن احتماله.
لكن أصعب الأشياء عندما تكون هذه المصائب عميقة أو أن تتوالى في وقت متقارب بحيث تشبه ضربات متواصلة ما إن تستوعب واحدة حتى تأتيك الثانية.
إذاً ماذا يفعل الناس في هذه الحالات التي أصبح من الممكن أن تقول إنها ظواهر في المجتمع السوري وليست مجرد حالات عابرة.
اعتاد البشر- كل البشر- على طرق تقليدية باتت معروفة حسب علماء النفس في مواجهة المصائب.
أول ما يفعله البشر عادة هو حالة عدم التصديق والإنكار وتستمر هذه الفترة مرحلة تطول أو تقصر حسب شدة الحزن أو الألم لكنها تنتهي وتبدأ مرحلة جديدة من مواجهة الابتلاء.
هذه المواجهة هي الأساس التي يمكن أن تحدد كل الأشياء التي بعدها.
في هذه المرحلة يسلك البشر إما التقبل أو الجزع.
علماء النفس سموا هذا النوع من المواجهة الجزع لأنها تتضمن شكوى وتذمراً وكثيراً من المشاعر السلبية على حين مرحلة التقبل والتي تعني ترويض النفس وفي الأديان يكثر الحديث عن الصبر.
إلا أننا هنا نتحدث عن معالجة علم النفس لهذه الحالات التي عادة ما تترافق مع تأثيرات نفسية وجسدية ملموسة.
ففي حال الجزع وهو الأكثر شيوعاً فإن ذلك يعتبر مدخلاً لكثير من الأمراض التي تظهر على الإنسان خلال فترة بسيطة، ومن الحالات النفسية التي تحدث هنا ما يطلق عليه تعبير «الانسحاب الاجتماعي» حيث يبدأ ميل الإنسان للعزلة والاكتئاب وهما المدخلان الواسعان لكل الأمراض الأخرى.
أما الطريق الأمثل لكل مصيبة هو ترويض النفس على تقبل الأمر ومواجهته.
بمعنى آخر الانسحاب الاجتماعي يعني أن تختبئ من الحياة على حين مواجهة المشكلات تعني البدء بمعالجتها كما لو كانت معركة لابد من خوضها، وكل معركة لابد من الخروج منها منتصراً، وخلق نجاحات في مجالات مهمة بحياتك حيث يصبح التعويض مهماً هنا.
هنا لا نتحدث عن مواعظ، بل نتحدث عن حاجة لنواجه مشكلاتنا كما هي.. ولعل الأمر لا ينطبق على الأشخاص فقط بل أيضاً ينسحب على الأزمات الحكومية التي غالباً ما تبدأ بالإنكار وتنتهي ببقاء الأزمة على ما هي عليه.
نحن أمام مهمة تقبل الحياة كما هي…
المشكلة أننا لا نريد أن نختبئ من الحياة… لكننا نطمح ألا تختبئ منا الحياة.
أقوال:
الجزع عند المصيبة، مصيبة أخرى
ستمضي مع الأيام كل مصيبة وتحدث أحداثاً تنسي المصائبا
الحياة شاقة بالفعل أليست هي التي تفتك بنا في النهاية
هذه معركتي وسأنتصر بها وعليها