ثقافة وفن

ثنائيات تمثيليّة جمعها الفن وبقيت محفورة في الوجدان … شادية وصلاح ذو الفقار حبهما تبدّى بفيلم «أغلى من حياتي» وفرّقهما الطلاق مرتين

| سوسن صيداوي

«لا وكتاب اللـه ده مش تمثيل، ده بحق وحقيق» الجملة المشهورة التي قالتها الفنانة سهير البابلي في مسرحية «ريّا وسكينة»، والتي مازلنا حتى اليوم نرددها بمزاح عندما نصادف الحقائق في حياتنا، ولكن السؤال هذه الجملة أعلاه، هل يمكن أن نُطلقها أيضاً عما يحصل أثناء التمثيل، بمعنى هناك الكثير من الممثلين الذين يدخلون الحالة ويعيشون الشخصية، ونصل نحن معهم بنتيجة بأن نصدق كل ما نشاهد، هذا الإبداع بالملَكة أمر رائع، ولكن هل يمكننا التعميم فيما يتعلق بالثنائيات وبانجذابها لبعضها ما بين الفنانين والفنانات، بحيث ينقلب السحر إلى واقع، ولتمتد العلاقة فيما بعد انتهاء التصوير إلى حقيقة وفي كثير من الأماكن يتم الارتباط ويُعلن عنه.
اليوم الحديث يطول ثنائية من زمن العمالقة، فلم يجمعهما الانسجام المطلوب في المهنة، بل وأيضاً عاطفة الحب. هما شادية وصلاح ذو الفقار، حيث جمعهما فيلم «أغلى من حياتي» وليصبحا عبر شخصيتي «منى وأحمد» وعلى مدار أجيال عديدة أيقونة للحب والألم والفراق.

اللقاء الأول

«فارس أحلامي حبيب قلبي وحبيب أيامي» رفعت شادية هذا الشعار بعدما التقت بصلاح ذو الفقار لأول مرة في فيلم «عيون سهرانة» عام 1957، وفي هذه الفترة كانت معبودة الجماهير متزوجة من الفنان عماد حمدي وكانت حياتهما مليئة بالتوتر والقلق والذي نتج عنهما الانفصال في العام نفسه.

لكن الثابت، ووفقا للكاتب المصري محمد سعيد الذي أرّخ لشادية سينمائيا وغنائيا في عدد من الصحف المصرية والعربية، وعبر كتابه «أشهر مئة في الغناء العربي»، أن علاقة الحب بين شادية وصلاح ذوالفقار لم تشتهر ولم تعرف للناس إلا عندما قدما معا فيلم «أغلى من حياتي» عام 1965، وهو الفيلم الذي شهد اللقاء الثاني بينهما.
ويتابع بأن شادية تزوجت صلاح ذو الفقار مرتين لا مرة واحدة، ففي تشرين الثاني 1967، وبعد قصة حبهما وتأثرهما بفيلمهما «أغلى من حياتي»، تزوجا وعاشا حياة سعيدة جدا، لكن شادية شعرت مرة أخرى بالحنين للإنجاب، وحملت ومكثت في البيت قرابة الخمسة أشهر لا تتحرك حتى يثبت حملها، لكنها وللأسف فقدت الجنين، الأمر الذي أثر على نفسيتها وحياتها الزوجية فوقع الطلاق بينهما في عام 1969.

من مذكرات الدلوعة

لم يكن أصدق من البوح عما دار ما بين شادية وصلاح ذو الفقار إلا حروف كلمات مذكراتها، والتي خصصنا لكم منها ما كتبته أولا حول الإنجاب: «لا أعرف متى ولا كيف صرت مولعة بالأطفال لكنني كأي امرأة في الوجود تهفو إلى احتضان طفلها بين ذراعيها، تتلهف إلى كائن صغير يخلع عليها أسمى الألقاب ماما وأقدسها، ومع كل زيجة لي كان يتجدد الأمل وتصحو الأمنيات لتصبح مرادفاً لحياتي كلها، مازلت أذكر كيف بزغ فجر الحلم الجميل لأول مرة عقب زواجي من الفنان عماد حمدي، لم أرضخ لأوامر وتعليمات الأطباء ولم أبال بكافة تحذيرات طبيبي الخاص بعدم الإنجاب حفاظاً على صحتي، رأيت لأول مرة ضوء الفجر يعلن لي الفرحة القادمة، ومع قدوم الشهر الثالث سقط الجنين، تبخرت الأحلام واضطررت إلى طي الجراح والتعايش مع الآلام».

وتابعت: «أما المرة الثانية فكانت أثناء فترة زواجي من الفنان الراحل صلاح ذو الفقار فقد كاد الحلم يتحقق مرة أخرى بعدما أخذ الجنين يتحرك في أحشائي، فرحت أشتري كل مستلزمات الطفل المنتظر لكن بكل أسى انقلب الحلم الوردي كابوساً حزيناً ومؤلماً».

هذا وفي أحد اللقاءات اعترفت شادية أن صلاح ذو الفقار راجل «رغاي» خاصة في التيلفون، وأضافت إنه لا ينتظرها حين تقرر الخروج، ويتركها بالدقائق أمام المصعد حتى يرتب المنزل، واكتفت بالقول « ده من ضمن عيوبه».

ولكن عن زواجها كتبت في مذكراتها: «تم الزواج بيني وبين صلاح ذو الفقار في 6 من عام 1967، عشنا سنوات من الحب والسعادة والتفاهم، ثم عاودني الحنين إلى الأمومة والإنجاب، فبقيت في منزلي أربعة أشهر كاملة من أجل تحقيق هذه الأمنية الغالية في أن يكون لي طفل، ولكن الجنين أجهض في الشهر الرابع، فانقلبت حياتي إلى جحيم، تسلل حزن أسود إلى قلبي، أظلمت الدنيا في عيني، عشت أياماً طويلة في كآبة وشقاء وتعاسة لولا رحمة السماء إذ شاءت الأقدار في أعقاب وقوع الطلاق بيني وبين صلاح ذو الفقار بعد أن دبت الخلافات الزوجية بيننا أن أتولى تربية ورعاية أبناء شقيقي طاهر أقرب أشقائي إليّ بعد أن انتزعت فكرة الإنجاب من رأسي كلياً، والحمد لله لم أحرم كلمة ماما لعدم انجابي فقد ظل أبناء شقيقي طاهر يناودنني بلقب ماما طوال فترة إقامتهم معي حيث قضوا معظم فترات طفولتهم وصباهم في بيتي».

وأخيراً بعد الطلاق الثاني بين شادية وصلاح ذوالفقار في عام 1973، قررت ألا تكرر تجربة الزواج مرة أخرى، واكتفت بأن تعيش لتربية أبناء إخوتها، الذين ملؤوا عليها حياتها، وكانت ترى فيهم التعويض المناسب عن حلمها المفقود في أن تصبح أماً.

من الأعمال المشتركة

بقي أن نذكر لكم عدداً من الأعمال الفنية التي جمعت صلاح ذو الفقار مع شادية، وهي كثيرة ولكن منها: عيون سهرانة 1956، أغلى من حياتى 1965، مراتي مدير عام 1966، كرامة زوجتي 1967، عفريت مراتي 1968، لمسة حنان 1971». كما أنتج لها فيلم «شيء من الخوف» ولم يقم هو ذو الفقار بدور البطولة، بل كان الفنان الراحل محمود مرسى هو بطل العمل، في دور «عتريس»، كما اشتركا أيضاً في المسلسلين الإذاعيين «جفت الدموع 1966 – صابرين 1972».

ومن أشهر الأغاني التي قدمتها الفنانة شادية في أفلامها مع صلاح ذو الفقار، «فارس أحلامي»، و«إيمالادوس».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن