عربي ودولي

طرح مبادرة لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط ووقّع وثيقة تعاون شامل مع إيران … وزير خارجية الصين في زيارته للمنطقة يضع لبنة إستراتيجية جديدة على طريق تعزيز العلاقات الإستراتيجية

| الوطن

أنهى مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي جولة تاريخية للمنطقة شملت ست دول فيها، أطلق فيها رسمياً مبادرة بلاده المكونة من خمس نقاط لضمان الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ووقع على اتفاق إستراتيجي مع إيران، وأكد عمق وتاريخية العلاقة التي تجمع بكين بدول المنطقة.
وانغ يي الذي زار كلاً من السعودية وإيران والبحرين والإمارات وعمان وتركيا، أطلق جملة من المواقف والتصريحات التي كشفت ثبات الموقف الصيني ووضح رؤيته تجاه ما يجري في المنطقة، مؤكداً أن الصين طرحت مبادرة من خمس نقاط لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وتأمل أن تتمسك دول المنطقة بروح الاستقلال، وتستكشف إطاراً أمنياً يلبي الحاجات الإقليمية، وتجد مسار تنمية يناسب ظروفها الوطنية.
ومن الرياض محطته الشرق أوسطية الأولى كشف مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني، عن مبادرة من خمس نقاط لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، وقال في حديث لوسائل إعلام سعودية من الرياض: «ندعو للاحترام المتبادل بين دول الشرق الأوسط».
وأكد وانغ يي الذي التقى في الرياض كلاً من نظيره السعودي فيصل بن فرحان، وولي العهد محمد بن سلمان، والأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، أن بلاده تدعو لعدم انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط، مضيفاً: «يجب دعم جهود دول المنطقة لضمان خلوها من الأسلحة النووية»، لافتاً إلى أهمية دعم جهود دول المنطقة فيما يتعلق بملفي سورية واليمن.
المبادرة التي تحدث عنها وانغ يي بخصوص تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والمكونة من خمس نقاط، حصلت «الوطن» على تفاصيلها، حيث أكدت مقدمة المبادرة على أنه نظراً «لوجود قضايا ساخنة كثيرة ومعقدة في منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها قضايا خطرة تؤثر في الأمن والاستقرار العالميين، يجب على المجتمع الدولي كصاحب مصلحة، القيام بدور إيجابي في تدعيم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وفي هذا السياق يحرص الجانب الصيني على طرح مبادرته بشأن تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط».
وفي ملخص للنقاط الخمس للمبادرة الصينية نجد أن النقطة الأولى فيها نصّت على الدعوة إلى الاحترام المتبادل، وتعتبر أن الشرق الأوسط يتمتع بنظام سياسي واجتماعي نابع من تاريخ الحضارة الفريدة، فيجب احترام الخصائص والأنماط والطرق للشرق الأوسط، وتغيير العقلية القديمة، وعدم النظر إلى الشرق الأوسط بنظرة المنافسة الجيوسياسية فقط.
النقطة الثانية في المبادرة الصينية تدعو إلى الالتزام بالإنصاف والعدالة، وتعتبر أن حل القضية الفلسطينية وتحقيق حل الدولتين أمر يمثل أهم محك للإنصاف والعدالة في الشرق الأوسط، حيث تدعم الصين جهود الوساطة الحثيثة للمجتمع الدولي بغية تحقيق هذا الهدف، وتدعم عقد مؤتمر دولي ذي مصداقية في حالة نضوج الظروف، أما النقطة الثالثة في المبادرة فهي تدعو إلى تحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، وتعتبر أنه يجب على الأطراف المعنية تقريب المسافة فيما بينها بخطوات ملموسة انطلاقاً من طبيعة تطورات ملف إيران النووي، والبحث في وضع جدول زمني وخريطة طريق لعودة الولايات المتحدة وإيران إلى الوفاء بالتزامات الاتفاق الشامل بشأن ملف إيران النووي.
النقطة الرابعة في المبادرة الصينية تدعو للعمل معاً على تحقيق الأمن الجماعي، وتؤكد على أن تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط أمر يتطلب مراعاة الهموم المشروعة لكل الأطراف، كما تؤكد على وجوب مكافحة الإرهاب بحسم، ودفع عملية نزع التطرف، في حين تعتبر النقطة الخامسة أن تحقيق الأمن والأمان الدائمين في الشرق الأوسط، يتطلب التنمية والتعاون والترابط.
وانغ يي عبّر خلال لقائه أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عن استكمال المفاوضات بين بلاده ومجلس التعاون الخليجي بشأن اتفاقية التجارة الحرة في أقرب وقت ممكن، معبّراً عن ثقته بأن تحظى المبادرة الصينية ذات النقاط الخمس بشأن تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط بدعم المجلس.
وزير خارجية الصين حَطَّ في طهران وأكد أن الصين وإيران شريكان حميمان تربط بينهما صداقة تاريخية، حيث ظلت الصين تنظر إلى هذه العلاقات من المنظور الإستراتيجي والبعيد المدى.
وخلال اللقاء الذي جمعه مع مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي لاريجاني في طهران، اعتبر وانغ يي أنه مهما كانت التغيرات في الأوضاع الدولية والإقليمية، فستتمسك الصين بسياسة الصداقة تجاه إيران بكل ثبات، مؤكداً أن العلاقات الصينية الإيرانية عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة.
مستشار الدولة- وزير الخارجية الصيني وخلال مباحثات مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في طهران، قال: إن «الصين وإيران حافظتا على الاتصال والتواصل الوثيق وتبادلتا التفاهم والدعم منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما قبل 50 عاماً، حيث تتعمق الثقة السياسية المتبادلة باستمرار».
كما أكد وانغ يي خلال لقائه الرئيس الإيراني حسن روحاني أن الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين وإيران صمدت أمام اختبار تقلبات الأوضاع الدولية، وإرادة الصين لتطوير العلاقات الصينية- الإيرانية ولن تتغير مهما كانت تغيرات الأوضاع في العالم.
وزير الخارجية الصيني ونظيره الإيراني وقّعا على وثيقة خطة التعاون الشامل بين إيران والصين لمدة 25 سنة، وتظهر نسخة من وثيقة «برنامج التعاون الشامل بين جمهورية الصين الشعبية والجمهورية الإسلامية الإيرانية»، المستقبل المتوقع للشراكة بين طهران وبكين في الأعوام الـ25 المقبلة، حيث تحتوي الوثيقة على بنود تشمل التعاون في جميع القطاعات الاقتصادية؛ الصناعية والزراعية والسياحية والتجارية، والأمنية والعسكرية والائتمانية، كما تتضمن تبادل الخبرات في تدريب القوى العاملة، والتعاون التكنولوجي، فضلاً عن التعاون العسكري لتعزيز القدرات الإستراتيجية، والتشاور في القضايا المطروحة في المحافل الدولية.
وتتضمن الأهداف الأساسية في الوثيقة نقاطاً تشمل أن تكون الصين «مستورداً مستمراً للنفط الخام الإيراني»، و«الارتقاء بمكانة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مبادرة الطريق والحزام من خلال تطوير النقل المتعدد الجودة بما في ذلك شبكات السكك الحديدية والطريق السريع والطرقات البرية والبحرية والجوية».
ومن طهران إلى عمان حيث أكد وانغ يي من العاصمة مسقط، خلال لقائه نائب رئيس الوزراء العماني لشؤون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد أن كلاً من الصين وعمان دولة ذات حضارة عريقة ومحبة للسلام. وكان طريق الحرير البحري القديم فاتحةً للتواصل الودي بين الشعبين ورابطةً للصداقة التاريخية بين الأمة الصينية والأمة العربية.
وخلال المحادثات التي جمعته مع وزير الخارجية العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي في مسقط أكد وانغ يي، أن الصين باعتبارها صديقاً حميماً وشريكاً طيباً لدول الشرق الأوسط والخليج، ستقف بحزم إلى جانب شعوب الشرق الأوسط، وتدعم تحقيق الأمن والأمان الدائمين والتنمية والازدهار في دول المنطقة.
عضو مجلس الدولة – وزير الخارجية الصيني كشف من الإمارات محطته ماقبل الأخيرة أن الصين والدول العربية توصلت إلى اتفاق بشأن اقتراح مشترك لمبادرة تعاون في مجال أمن البيانات، ما يشير إلى رغبة الجانبين في المشاركة بفعالية في صياغة قواعد الاقتصاد الرقمي العالمي، وخلال لقائه أمس مع نظيره الإماراتي عبد اللـه بن زايد آل نهيان، خلال زيارته للإمارات في إطار الجولة الشرق أوسطية التي يقوم بها، أكد وانغ أن العلاقات بين الصين والإمارات تقوم على مستوى عالٍ من الثقة المتبادلة والصداقة التقليدية الراسخة.
جولة المسؤول الصيني الكبير اختتمت من المنامة حيث التقى وانغ يي العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، وأكد أن بعض المحاولات لتسييس قضية حقوق الإنسان أمر يستحق درجة عالية من الحيطة والحذر. حيث تستخدم بعض القوى الغربية حقوق الإنسان ذريعة للتدخل التعسفي في الشؤون الداخلية وتقويض الاستقرار للدول الأخرى، وتعد هذه التصرفات انتهاكاً لقيمة حقوق الإنسان، مبيناً أنه يجب على جميع الدول أن ترفع راية عدم التدخل في الشؤون الداخلية بشكل مشترك، والحفاظ على مقاصد ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية. وعلى الدول الكبرى لعب دور رائد في هذا الصدد.
زيارة وزير خارجية الصين التاريخية والإستراتيجية، جاءت ضمن سياق اشتغلت عليه الصين طويلاً، حيث لا تزال بكين تتخذ موقفاً متوازناً وواضحاً، تجاه كل ما يحيط بمنطقتنا من تحديات، لتكون اللبنة الأساسية لهذه العلاقات صلبة بما يكفي لاستمراريتها والبناء عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن