قضايا وآراء

لماذا تعاني أميركا من العنف المسلح؟

| دينا دخل الله

على الرغم من تباهي الولايات المتحدة بديمقراطيتها وطريقة عيشها، حتى أنها تحاول تصديرها إلى العالم تحت اسم «الطريقة الأميركية في الحياة»، إلا أن المجتمع الأميركي يعاني مشكلات كثيرة لعل أهمها وأكثرها تأثيراً في حياة الناس، إلى جانب العنصرية، مشكلة العنف. ففي أميركا يقتل كل يوم نحو مئة شخص بسلاح ناري والأمثلة على ذلك كثيرة، كالهجوم الذي حصل مؤخراً على متجر لبيع الأطعمة في ولاية كولورادو، وقتل ثمانية أشخاص بالرصاص في مدينة أتلانتا جورجيا.
وفي كل مرة تحصل فيها حادثة كهذه، يسارع السياسيون والإعلاميون وأصحاب النفوذ إلى تحليل الحادثة وربطها بالمرض العقلي أو التطرف الإسلامي أو العنصرية البيضاء أو حتى ألعاب الفيديو، ثم تهدأ النفوس وتوضع المشكلة جانباً من دون حل جذري إلى أن تعود المشكلة وتطفو من جديد مع حادثة قتل جديدة. لكن لماذا هذا العنف؟
ترى دراسات عدة أن السبب الأساسي لانتشار العنف المسلح في المجتمع الأميركي هو الانتشار الكبير للأسلحة النارية، إذ أظهر استطلاع أجري عام 2018 أن هناك 393 مليون قطعة سلاح في الولايات المتحدة، أي أكثر من قطعة سلاح لكل أميركي، فأميركا تحتوي على 46 بالمئة من مجمل الأسلحة التي يملكها مدنيون في العالم، وبما أن سبب العنف المسلح معروف، فلماذا لا يفعل أصحاب القرار والمشرعون الأميركيون شيئاً لمنعه؟
سؤال حاول الكاتب سبنسر بوكات- ليندل الإجابة عنه في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز بعنوان: «لماذا لا تستطيع أميركا حل معضلة العنف المسلح؟»، ويرى الكاتب أن هناك أسباباً كثيرة لذلك لعل أهمها:
1- سيكولوجيا السلاح: حيث أظهرت دراسة نشرت في مجلة «العلوم الاجتماعية» عام 2017 أن الأشخاص الذين لا يملكون سلاحاً يعتبرون السلاح السبب وراء العنف في حين يعتبر مالكو السلاح أنه سبب العنف ويعود إلى الثقافة المنتشرة وسوء التربية.
2- لا اهتمام كافياً بالقضية: فالأشخاص الذين يدعمون وضع قيود على بيع وامتلاك السلاح لا يضعون القضية ضمن أولوياتهم على عكس الأشخاص الذين يدعمون وجود السلاح فهم أكثر تركيزاً واهتماماً.
3- سيطرة الأقلية على الكونغرس: من خلال فرض حصول أي اقتراح على 60 صوتاً في مجلس الشيوخ لإقراره. ما يجعل الولايات الأصغر والداعمة للسلاح في موقف قوي.
4- الجمعية الوطنية للسلاح أي لوبي «لوبي السلاح»، كانت أكثر اعتدالاً في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، لكن في عام 1977 سيطرت على الجمعية مجموعة متشددة، ويرى مناصرو السلاح أن الجمعية لا تفرض على الناس دعم السلاح بل هي تعكس رغبات الأشخاص الذين يدعمون السلاح منذ البداية.
5- التعديل الثاني في الدستور: إذ يرى مناصرو السيطرة على السلاح أن هذا التعديل كان لحماية حقوق ميليشيا الولايات في امتلاك السلاح وليس للأفراد، ولكن مع بدايات القرن العشرين تحول التعديل ليشمل الأفراد.
لم تتغير خطة الديمقراطيين للسيطرة على العنف منذ 25 عاماً، فهل سيتمكن الرئيس جو بايدن وحزبه المسيطر على الكونغرس من تمرير القوانين التي يريدونها؟ وهل ستكون هذه القوانين كافية لإنهاء ظاهرة العنف المسلح في الولايات المتحدة؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن