من دفتر الوطن

اليزيديون المظلومون

| حسن م. يوسف

خلال الأسابيع الماضية تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي قصة شابة يزيدية تدعى فريدة عباس تم سبيها في عام 2014من قبل إرهابيي تنظيم داعش، وتناوب ستة من الإرهابيين على اغتصابها، لكن الشاب الذي كان يحبها قبل سبيها، رفض التخلي عنها وبقي بجانبها حتى تأهلت نفسياً، وقد تزوجا مؤخراً.
والحق أن أبناء الأقلية اليزيدية قد تعرضوا لضروب فظيعة من الاضطهاد والمعاناة بعد أن سيطر إرهابيو داعش عام 2014 على منطقة سنجار الواقعة على بعد 120 كم غربي الموصل، وبسبب اتهام الدواعش لهم بالكفر، تم قتل المئات من الرجال، واختطاف الآلاف من النساء والفتيات والفتيان من الأقلية اليزيدية. وتفيد الدراسات الميدانية أنه تم انتزاع الأبناء من أمهاتهم، وتدريبهم على القتال مع الجماعة المسلحة بعد غسل عقولهم عقائدياً، وتم سبي النساء والفتيات بدءاً من سن التاسعة، حيث تم بيعهن كجوار، كما تعرضت الكثيرات منهن للتعذيب والاغتصاب وغيره من صنوف العنف الجنسي.
ذكرتني هذه النهاية المفرحة لقصة فريدة عباس المحزنة، بكتاب «اليزيدية واليزيديون» للصديق الباحث الدكتور خلف الجراد، الذي صدر قبل ستة عشر عاماً عن دار الحوار باللاذقية، وتكرم الدكتور خلف مؤخراً بإهدائي نسخة منه. انكببت على الكتاب أقرأه بفضول وعندما انتهيت منه انتابني شعور عميق بالامتنان للدكتور خلف الجراد للجهد التنويري المبذول في كتابه.
يعلن الدكتور خلف الجراد في مقدمة كتابه أنه «يطمح في تقديم دراسة تحليلية شاملة، لعلها تشكل مساهمة علمية معقولة في فهم المنظومة النسقية والفكرية للعقيدة اليزيدية» والحق أن الدكتور خلف قد نجح في تبديد ضباب سوء الفهم المحيط بالعقيدة اليزيدية من خلال تقديمها « كظاهرة تاريخية- اجتماعية– ثقافية– قومية تشكل ناظماً تأطيرياً مع المقدس… بعيداً عن اليقين الجامد والأفكار الشخصية المسبقة».
وقد استوقفني قول الباحث اليزيدي درويش حسو إن: «الأسس الزردشتية لليزيدية تقوم على المبادئ «الإلهية» الثلاثة التالية: أولاً: الأفكار الجيدة والسليمة. ثانياً: الكلام الجيد والسليم. ثالثاً: الأعمال الجيدة والسليمة» وهذه قواسم مشتركة بين كل الأديان.
صحيح أنني لست عالماً في الأديان إلا أنني أؤمن بمقولة إن: الطرق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق». وهذه المقولة تتسق مع ما جاء في القرآن الكريم الآية 118 من سورة هود: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ».
والحقيقة أن هذا العالم فيه الكثير من الديانات الغريبة، كديانة القتل الرحيم، التي أسس كنيستها كريس كوردا في ولاية ماساشوستس الأميركية، وهي تسعى لـ«إعادة التوازن بين البشر وباقي الكائنات»، ويقوم إيمانها على أربعة أعمدة، هي: الانتحار، الإجهاض، أكل لحوم الموتى، وأي فعل جنسي لا يهدف إلى التكاثر.
وهناك الديانة «المارادونية» التي تؤله دييجو مارادونا نجم كرة القدم الأرجنتينية في الثمانينيات.
وهناك ديانة « ساينتولوجي»، التي أسسها كاتب الخيال العلمي الأميركي رون هابرد، وهي تقوم على عبادة الكائنات الفضائية، ومن أتباعها كل من الممثلين الأميركيين توم كروز، وجون ترافولتا.
في الختام أود أن أهنئ الشابة اليزيدية فريدة عباس بزواجها، كما أود أن أشد على يد حبيبها الذي لم يتخل عنها لأن العالم ظلمها، فتلك هي الرجولة الحقة. كما أود التذكير بقول إيليا أبو ماضي: «ما دمت محترماً حقي فأنت أخي آمنت بالله أم آمنت بالحجر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن