قضايا وآراء

روسيا وسورية وسياسة الخطين المتوازيين للإجهاز على الإرهاب

تحسين الحلبي :

إذا كان الدعم الجوي الروسي وأشكال الدعم العسكري الأخرى للجيش العربي السوري في الحرب على الإرهاب التكفيري بمختلف أسمائه وما أنجزه هذا الدعم خلال أسابيع قليلة قد كشف وفضح المخطط الأميركي لاستثمار داعش وتسخير المجموعات الإرهابية ضد سورية والمنطقة فإن دعوة وزير الخارجية الروسي لافروف للمجموعات المسلحة التي تعتبر نفسها منتمية (للجيش الحر) إلى الانضمام للقتال ضد داعش قد كشفت أن هذه المجموعات كانت هي الأخرى تراهن على بقاء داعش على غرار الخطة الأميركية ضد سورية ولذلك كان من الطبيعي ألا يتجاوب قادة هذه المجموعات مع دعوة لافروف ويفضلون الخضوع للمخطط الأميركي الذي بدأت تظهر فيه رغبة أميركية تسعى إلى إطالة زمن الحرب على داعش وغيرها.
لكن الكاتب السياسي الأميركي (ميشال كوفمان) يرى في دراسة نشرها في موقع (وور- أون- ذاروكس) أن روسيا تدرك خطورة المخطط الأميركي ولذلك تعمل على وضع الجميع في امتحان أمام الحرب على داعش وهذا ما يجعلها تدعو إلى الحوار مع السعودية وتركيا وقطر لضم هذه الدول إلى تنسيق مشترك ضد داعش رغم معرفتها بأن هذه الدول تدعم بالسر وأحياناً بالعلن المجموعات التكفيرية الإرهابية من داعش إلى بقية الأسماء المماثلة لأفكار داعش.
ويبدو أن واشنطن نفسها لم تستطع تجاهل هذه الدعوات الروسية وخصوصاً بعد محادثات لافروف مع جون كيري وزير الخارجية الأميركي الأخيرة والاتصالات التي أجراها الرئيس بوتين مع الرياض والدوحة وأنقرة وعمان في أعقاب قمته مع الرئيس الأسد… لكن السيناريوهات التي قد يحملها هذا النشاط الدبلوماسي السياسي الروسي مع كل هذه الأطراف الرسمية المكشوفة في دورها التخريبي في سورية لا تتوقع بنظر المراقبين وجود قدرة أميركية على عرقلة الهدف الروسي- السوري المشترك وهو إنجاز الإجهاز على مجموعات داعش وأنصارها خلال أشهر قليلة على المستوى الميداني لأن الدور الروسي ورسائله لتركيا والأردن بدأ يفرض على هاتين الدولتين جدول عمل لا يمكن لهما فيه الاستمرار في فتح حدودهما أمام المسلحين وتسللهم إلى سورية على غرار السنتين الماضيتين.
فقد أثبتت روسيا خلال أسابيع أنها قادرة على العمل العسكري المكثف ضد المجموعات الإرهابية الموجودة قرب حدود الدولتين وعلى الحوار مع قادة تركيا والأردن من أجل محاربة داعش في الوقت نفسه وهذا يعني أن خطة الإجهاز الروسية- السورية على الإرهاب التكفيري تسير على خطين متوازيين: أحدهما في الداخل السوري يظهر من استمرار الجيش السوري في تكثيف عملياته الميدانية مع دعوة الحكومة الروسية والسورية إلى انخراط الجميع في هذه الحرب على داعش، والخط الآخر خارجي تتولى القيام به موسكو بدعوتها قادة الدول المجاورة لسورية بالتعاون والتنسيق المشترك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن