من دفتر الوطن

نصف الكأس!!

| عصام داري

لاحظت أن معظم السوريين ينظرون إلى نصف الكأس الفارغ ولا يعطون النصف الملآن أدنى التفاتة، مع أن هذا النصف ملآن بالفعل، وهذا الأمر في علم النفس يؤدي إلى الكثير من الأمراض منها الكآبة والحزن والتوحد وغير ذلك!.
وكي نتجنب الأمراض النفسية تعالوا معي للتعرف على موجودات الكأس الملآن وكيفية الإفادة من كل شيء جميل في حياتنا ونحن لا نلاحظه!.
تخالجني اليوم مشاعر الطمأنينة والأمان على الرغم من كل ما يحيط بي شخصياً، وبنا جميعاً، من مشاكل لا حصر لها، ربما لأنني بدأت نهاري بالاستماع إلى أغنية المطربة المصرية الجميلة التي تقول فيها:
ماضاقت إلا ما فرجت دي مابتفضلش على حالها
وزي ماحلوة وقت الفرح لازم ف زعلها نقبلها
نعم، لقد ضاقت كثيراً على السوريين الذين عانوا من الإرهاب والحصار والعقوبات والاحتلالات الملونة من الشمال والشرق والجنوب، لكننا نغني مع ياسمين علي (ما ضاقت إلا ما فرجت) وبالمناسبة يقول المثل(الصبر مفتاح الفرج) وهل هناك صبر أكثر وأكبر من صبر السوريين على بلواهم ومشاكلهم ومعاناتهم التي طالت وتطاولت؟.
وقبل أن أنهي سبب مشاعر الطمأنينة والسلام التي احتلتني منذ الصباح عندما استمعت إلى أغنية (ما ضاقت إلا ما فرجت) يجب علي الإشارة إلى مقطع من الأغنية يجعلنا ننظر إلى النصف الملآن من الكأس، إذ تقول كلمات الأغنية:
(والحمد لله دي أكتر كلمة بتريح وبتطمن قلوب الناس)
في نصف الكأس الملآن أجد رغيف خبز يكفيني ليوم كامل، مع أي شيء موجود في البراد أو حتى في (النملية) هل تتذكرون النملية اليوم عندما لم نكن نعرف شيئاً اسمه البراد إلا من وسائل الإعلام؟.
الأوضاع الراهنة التي ستمر ويأتي بعدها الفرج، في هذه الأوضاع نجد أنفسنا مضطرين لشد الأحزمة على البطون كي نسهم في تجاوز الألم والفاقة والجوع، لكن علينا أن نرى غيرنا يشد الأحزمة أيضاً!.
المواطن يشد الأحزمة منذ سنوات، فلماذا لا تشد الحكومة أحزمتها وبدلاً من وجود ثلاثين وزيراً أو أكثر لماذا لا نكتفي بخمسة عشر وزيراً ونوفر سيارات وبنزين وبدلات ومصروفات لا معنى لها؟.
نحتاج إلى وزارة للخارجية، فالدبلوماسية سلاحنا الدبلوماسي الرديف للجانب العسكري، وإلى جانب الدفاع والخارجية نحتاج إلى وزارة واحدة للنفط والموارد الباطنية بما فيها المياه الجوفية والسطحية، ووزارة للزراعة وأخرى للصناعة ووزارة للرياضة والشباب، وللشؤون الاجتماعية والعمل.
ويمكن الجمع بين وزارتي الثقافة والسياحة لتصبح وزارة واحدة كما كان ذلك سابقاً وكانت تلك الوزارة تسمى (وزارة السياحة والثقافة والإرشاد القومي). والأمر نفسه ينطبق على وزارتي التربية والتعليم العالي لتصبح (وزارة التربية والتعليم) والاستغناء عن الوزارات بلا حقيبة، وبذلك نوفر العديد من الحقائب بحيث توزع تلك الحقائب على تلاميذ المدارس الفقراء!.
تصوروا كم سيكون حجم التوفير في المكاتب والسيارات للوزراء والمدراء وزوجاتهم وأولادهم وأقاربهم وجيرانهم، وكم سنوفر من مادة البنزين في حال اعتمدنا على وزارة صغيرة العدد كبيرة الإنتاجية؟ قد يكون ما أطالب به حلماً من أحلام اليقظة، لكنه حلم قابل للتحقق فيما إذا كنا نريد الخروج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة.
وأنا أرى فيما طرحته آنفاً النصف الملآن من الكأس، وربما هو نصف الحل، والنصف الآخر هو الغناء مع ياسمين علي:
ساعات الشدة لما تزيد.. بنتعلم دروس منها..
هل تعلمتم دروساً إضافية في سنوات الجمر والنار؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن