في 12 نيسان الجاري نشرت مجلة «أنتي وور» الإلكترونية الأميركية تحليلا للكاتب السياسي الأميركي الشهير تيد كاربينتر أحد أهم الباحثين في «معهد كاتو للدراسات السياسية والعسكرية» ومؤلف عشرة كتب من بينها «الحرب المقبلة مع الصين» وكتاب: «حلف الأطلسي: الديناصور الخطير».
ويرى كاربنتر في تحليله للسياسة الأميركية الخطرة تجاه موضوع أوكرانيا أنه منذ قيام الرئيس الأميركي باراك أوباما بتقديم الدعم للمجموعات اليمينية المتشددة في أوكرانيا الغربية عام 2014 ونجاحها في إسقاط الحكومة الأوكرانية المنتخبة الموالية لروسيا اعتقدت الإدارة الأميركية أن لها الحق الآن بإملاء سياستها على كل أوروبا الشرقية ضد روسيا لكن «إسراع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا الشهر بحشد قوات كبيرة على الحدود الغربية لأوكرانيا جعل روسيا تهدد حلفاء الولايات المتحدة في أوكرانيا وفرض على الإدارة الأميركية دراسة كيفية التصرف والتدخل في هذا الواقع الجديد».
يرى كاربنتر أن سياسة بايدين بدت سخيفة بل خطيرة فعند مرحلة معينة «سترسم روسيا خطا على الرمل وإذا ما تجاوزته الولايات المتحدة فإن النتيجة يحتمل أن تصل إلى المواجهة النووية».
ويضيف: إن بايدين يرتكب خطأ إذا كرر سياسة الرئيس جورج دبليو بوش حين تعهد بدعم رئيس جورجيا ساكاشفيلي في عام 2008 وحرضه ضد موسكو وظن ساكاشفيلي أن جورجيا مهمة جداً للولايات المتحدة ولن تخذلها وستقف إلى جانبها هي وحلف الأطلسي في أي اشتباك مع روسيا فقام ساكاشفيلي بهجوم عسكري على منطقة متنازع عليها وكان ينتشر فيها جنود روس لحفظ السلام في منطقة جنوب اوسيتيا فاضطرت موسكو إلى الرد على هذا التحرك العسكري الذي سقط فيه جنود روس وجعلت الجنود الجورجيين ينسحبون بعد ضربات موجعة إلى حد اقتربت فيه القوات الروسية من عاصمة جورجيا دون أن تتحرك إدارة بوش ولا قوات الأطلسي وأجبر ساكاشفيلي بعد ذلك على التوقيع على اتفاق مهين له.
هذه التجربة التي هزمت فيها موسكو بوش والأطلسي لم يتعظ بايدين منها على ما يبدو وقد تجره في ظل ظروف ميزان القوى الراهن بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وروسيا والصين وحلفائهما من جهة أخرى إلى نتائج لا تخدم المصالح الأميركية في البحر الأسود ولا في بحر الصين فالولايات المتحدة أصبحت تتحدث بموجب تصريحات وزارة الدفاع الأميركية عن الإعداد لحرب محتملة ضد الصين في جنوب شرق آسيا وبحر الصين وجزر الفيليبين وحرب محتملة أخرى ضد روسيا في البحر الأسود وفي منطقة القطب الشمالي التي تعد النرويج لها تدريبات عسكرية في العام المقبل يشارك فيها لأول مرة 40 ألفاً من جنود حلف الأطلسي والولايات المتحدة وبريطانيا وجميع الدول الإسكندنافية علما أن آخر مناورة من هذا القبيل شارك فيها عشرة آلاف جندي فقط وهذا ما يدل على أن السياسة الأميركية تتجه نحو حشد أكبر عدد من الدول لفرض سياساتها على الدول الكبرى والإقليمية المناهضة لهيمنتها وخاصة لأن إدارة بايدين تريد منع إيجاد نظام عالمي تشارك في إعداده والتوصل إليه روسيا والصين وحلفاؤهما.
من الواضح أن بؤرة هذا الصراع العالمي يتركز النشاط فيها على أهم منطقتين اقتصاديتين جيوإستراتيجيتين وهما منطقة الشرق الأوسط ومنطقة بحر الصين وجنوب شرق آسيا فالولايات المتحدة تتابع بقلق شديد تدهور قوتها ونفوذها في هاتين المنطقتين وتخشى على خسارة مصالحها فيهما أمام الصين وروسيا ولذلك يحاول بايدين إيجاد بؤرة توتر ساخن في منطقة ثالثة مثل البحر الأسود والقطب الشمالي لتطويق روسيا بمناورات عسكرية للاستفراد بها في هاتين الجبهتين بموجب ما يشير إليه بعض المحللين الأوروبيين منذ فوز بايدين ومؤشرات سياسته المقبلة تجاه روسيا والصين.