قضايا وآراء

قطار إيران النووي ومحطة فيينا

| منذر عيد

تخوض دول الاتحاد الأوروبي المعنية بالاتفاق النووي الإيراني، أصالة، وعن الولايات المتحدة وكالة، سباقاً محموماً لإيقاف القطار النووي الإيراني الذي يسير بقوة دفع بنسبة تخصيب نووية وصلت إلى 60 بالمئة، في محطة فيينا، لإدراكها أن تجاوزه المحطة الأوروبية، سوف ينقل الملف إلى محطة أخرى، ولن يكتفي القطار الإيراني ما بعد فيينا بنسبة التخصيب السابقة، أثناء سيره.
إذا كانت تصريحات الطرفين، الإيراني والأوروبي، تعكس بشكل دقيق أجواء المحادثات، فإن الأمور تشي بخواتيم إيجابية، ما لم يدخل الشيطان في التفاصيل، حيث أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة بأن المفاوضات الجارية في فيينا مضت لغاية الآن في الطريق الصحيح ولكن لم يتم الوصول إلى المرحلة النهائية بعد، لتشاطره المتحدثة باسم الحكومة الألمانية ذات الرأي ولتؤكد بأن برلين ترى تقدماً وإرادة للمضي قدماً في المفاوضات.
تمضي أطراف الاتفاق النووي محادثاتها بكثير من التفاؤل، وأعينها ترنو إلى قرار وموقف الإدارة الأميركية، فيما يتعلق برفع جميع العقوبات، كخطوة تتمسك بها طهران وشرط لإيقاف عملية التخصيب، ومن ثم عودة أميركا إلى الاتفاق من دون شروط أو اتفاقية إضافية إلى اتفاق 2015، وهنا تكمن عقدة المنشار، فيقول زادة: الإدارة الأميركية تعلم أكثر من غيرها بأن إيران نفذت كل إجراءاتها في إطار نصوص الاتفاق النووي وستوقفها جميعها حينما ترفع أميركا كل إجراءات الحظر ونتمكن نحن من التحقق من ذلك.
تمسّك طهران بموقفها برفع العقوبات ومن ثم وقف التخصيب، وصل حكماً إلى مسامع الوفد الأميركي الذي يشارك في الحوار من مكان إقامته بفندق قريب، من دون أي اتصالات مباشرة مع الطرف الإيراني الذي يرفض التفاوض مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قبل رفع العقوبات، موقف يزيد من حرج إدارة بايدن، التي تدفع ثمن حماقة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي عمل على تلغيم طريق بايدن إلى الاتفاق النووي بانسحابه من الاتفاق عام 2018، وفرض ما يقرب من 1500 عقوبة على إيران، لتكرر الإدارة الجديدة ذات الإسطوانة، وآخرها تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، قبل أيام «إذا عادت إيران إلى التزاماتها في الاتفاق النووي، فنحن مستعدون للعودة إلى الاتفاق النووي والتزاماتنا»، تصريحات تعي الإدارة الأميركية أنها لن تؤتي أكلها، وإنما محاولة للضغط على طهران علها تحصل في ذلك على حل وسط يكون أقرب إلى مبدأ «خطوة مقابل خطوة» الأمر الذي يحفظ لها شيئاً من ماء الوجه، أو يمكّنها من المساومة في قضايا أخرى خارج الحدود الإيرانية، وخاصة بعد اعتبارها من فشل سياسة الضغط التي انتهجها ترامب، وأكد ذلك المسؤول السابق للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافير سولانا، حين قال: «ينبغي علينا أن نكون متفائلين بأنهم سيحققون النجاح لأن سياسة الضغوط القصوى التي فرضها ترامب منيت بهزيمة كبرى».
بخلاف التفاؤل الذي يخيم على اجتماع فيينا، تعبّر إسرائيل عن قلقها من عودة أميركا إلى الاتفاق، والذهاب خطوة أكثر جرأة بإجراء محادثات مباشرة مع الطرف الإيراني، وهو ما يمكن وصفه بالكابوس على قادة الاحتلال الإسرائيلي، ولتصف صحيفة «جيروزاليم بوست»، تصريحات المبعوث الأميركي للشؤون الإيرانية روبرت مالي، بشأن العودة إلى الاتفاق النووي من دون تغيير، بالمقلقة للغاية.
الحلول الجزئية، والخطط التدريجية، والاتفاقات المؤقتة مرفوضة لدى إيران، والعودة إلى المحادثات الماراتونية التي أفضت إلى اتفاق 2015 غير واردة أبداً في أجندة المفاوض الإيراني، ليعلن عباس عراقجي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، كبير المفاوضين الإيرانيين في اجتماعات اللجنة المشتركة للاتفاق النووي في فيينا أنه لن يكون هناك أي اتفاق مؤقت، والمفاوضات فقط على الخطوة النهائية في إلغاء العقوبات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن