على الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «بالقاتل الذي ستتم معاقبته»، وعلى الرغم من حالة التوتر السائدة بين البلدين منذ تولي بايدن الرئاسة، إلا أن الرئيس الأميركي يعلم جيداً، على ما يبدو، أن حوار بلاده مع الجانب الروسي أمر حتمي لحل قضايا الاستقرار الإستراتيجي التي لا تؤثر على روسيا وأميركا فحسب، بل تؤثر على القضايا العالمية. فقد أجرى الرئيس بايدن مكالمة هاتفية مع الرئيس بوتين يقترح فيها إقامة اجتماع قمة محتمل في الأشهر القليلة القادمة في بلد ثالث.
لم تختلف قضايا الاستقرار الإستراتيجي بين البلدين كثيراً في عهد بايدن عما كانت عليه في عهد سلفه ترامب، ففي أوائل شهر نيسان عام 2019 حصل لقاء بين الرئيس بوتين ووزير الخارجية الأميركي آنذاك مايك بومبيو في سوتشي لمناقشة قضايا الاستقرار الإستراتيجي، وكانت أبرز هذه القضايا توسع حلف «ناتو» في أوروبا والملف النووي الإيراني ومسألة أوكرانيا وكوريا الديمقراطية وحرب اليمن وليبيا وسورية والقضية الفلسطينية واتفاقيات الحد من التسلح، قد نضيف عليها الآن الحرب الأفغانية وتغيير المناخ.
وحسب بيان البيت الأبيض تحدث الرئيس بايدن خلال المكالمة الهاتفية مع الرئيس بوتين حول أوكرانيا وسيادتها واستقلالها، إذ أبدى بايدن قلقه حول التحركات العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا والتي تعتبر الأكبر منذ عام 2014، وقال بايدن إن هناك دراسة لاحتمالات الرد على التدخل الروسي في حال حصوله وإمكانية استخدام سلاح أميركا في أي مواجهة بين الطرفين، كما أكد الرئيس الأميركي أنه يدعم إقامة مفاوضات إضافية مع الروس حول الحد من التسلح، خاصة أن بايدن بعد توليه السلطة في كانون الثاني الماضي وافق مع الرئيس الروسي على تمديد معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية النووية «ستارت الجديدة»، وكانت هذه المعاهدة قد أبرمت بين روسيا في عهد الرئيس دميتري ميدفيديف وأميركا في عهد باراك أوباما عام 2010 تمديداً للاتفاق الموقع عام 1991 في موسكو، بالإضافة إلى ذلك أوضح بايدن أن واشنطن لن تتردد في الدفاع عن مصالحها القومية بما في ذلك الرد على الهجمات السيبرانية والتدخل في الانتخابات، حسب المزاعم الأميركية.
في نهاية بيان البيت الأبيض حول المكالمة الهاتفية بين الرئيسين أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي أن «ما يريده الرئيس بايدن هو علاقة مستقرة ومتوقعة مع موسكو لا علاقة ثقة».
رغب كل من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والرئيس بوتين بالتوصل إلى لغة مشتركة لمحاولة حل قضايا الاستقرار الإستراتيجي، ما بدا واضحاً في عدة لقاءات جمعت الطرفين على مستوى القمة أو على مستوى وزراء الخارجية في العامين 2018 و2019، إلا أن هذه الرغبة، على ما يبدو، ليست موجودة عند الرئيس الحالي جو بايدن ما قد يطرح تساؤلات عدة حول إمكانية التوصل إلى استقرار إستراتيجي، وهو ما قد يؤثر في حل مشكلات عالمية عالقة بما فيها قضايا الشرق الأوسط.