لم يجد وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال بيني غانتس سوى الاعتراف بأن «منظومة الدفاعات الجوية الإسرائيلية المضادة للصواريخ فشلت في تعقب الصاروخ السوري في ليل 22 نيسان الجاري وفشلت في إسقاطه وهذا ما جعله يصل إلى منطقة قريبة من المفاعل النووي في ديمونا» بموجب ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أول من أمس ويحاول رئيس معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي ورئيس قسم المخابرات العسكرية سابقاً الجنرال عاموس يادلين في الصحيفة نفسها تبرير الفشل الإسرائيلي بالقول إن «المنظومات الدفاعية الجوية الإسرائيلية المضادة للصواريخ لا تتمكن عادة من إسقاط الصواريخ الموجهة ضد سلاح الجو أو نحو إسرائيل بدرجة مئة بالمئة بل بدرجة 85 بالمئة» وينضم إليه المحلل العسكري الإسرائيلي للصحيفة نفسها رون بن يشاي فيحاول تبرير امتناع قيادة الجيش الإسرائيلي عن الكشف عن أسباب هذا الفشل للإسرائيليين بقوله إن «معرفة أسباب هذا الفشل يحتاج إلى عدة أيام من التدقيق والبحث».
ويذكر أن هذا الفشل أو الهزيمة الإسرائيلية في ميدان الدفاع الجوي جرت في ظروف كانت فيها، بموجب ما يقول يشاي، جبهة الجولان المحتل في قمة جهوزيتها من هذه الناحية لأن قيادة الجبهة هناك كانت قد استنفرت بسبب الهجوم الجوي الإسرائيلي المعد في الليلة نفسها لضرب أهداف داخل سورية.
وبالمقابل يقول إيلي بار أون في مجلة الأبحاث الإسرائيلية «إنتاج المعرفة» الصادرة بالعبرية في 23 نيسان الجاري تحت عنوان «ماذا يجب على إسرائيل أن تتعلمه من الفشل أمام الصاروخ السوري» إن «الصاروخ السوري الذي تفجر فوق منطقة ديمونا كان الجيش الإسرائيلي قد اعترف بمحاولة إصابته لكنه أخفق في هذه المهمة والحظ وحده أدى إلى عدم انفجاره في هدف خطير في جنوب إسرائيل وإلا فإن إسرائيل كلها ستصبح في اليوم التالي في واقع مختلف وغير مسبوق».
ويضيف بار أون إن «دوي الانفجارات وصل إلى منطقة القدس وأراد الجيش طمأنة الإسرائيليين فأعلن أن الصاروخ السوري لم يستهدف ضرب المفاعل النووي في ديمونا بل لم يكن موجهاً نحو تلك المنطقة» ويسخر بار أون من هذا الإعلان فيقول «لكن ما يقوله الجيش الإسرائيلي يصعب الوثوق بصحته».
وعن الدرس الذي يتعين على إسرائيل تعلمه يقول بار أون: «من المهم أن تدرك إسرائيل أن العالم كله يفتقر لدفاع مضاد للصواريخ والقذائف الثقيلة والبعيدة المدى وهذا يعد من بين أهم المواضيع التي يتعين على إسرائيل وضعها بالحسبان في هذه الأوقات. وحين يطلقون على إسرائيل قذيفة غراد خفيفة فإن عدم إدراك النتيجة يؤدي إلى خطأ كبير ولو انطلقت القذيفة من غزة فإن ذلك يجردنا من الشعور بالأمن فكيف في زمن الحرب حين تتساقط صواريخ ثقيلة».
ويشير بار أون إلى أزمة الجمهور الاستيطاني حين يجد نفسه معرضا لهذه الصواريخ ويرى أن «انطلاق صاروخ من مكان بعيد جداً مثلما جرى مع الصاروخ السوري وبارتفاع كبير فوق الهدف فإن ذلك سيجعلنا نحتاج إلى ما هو أكبر من منظومة القبة الحديدية بل منظومات أضخم منها وبصواريخ مضادة كبيرة جداً وسريعة وتكلف أموالاً طائلة وأن ذلك يتطلب وجود أعداد كثيرة من هذه المنظومات لكي يزداد احتمال فعاليتها».
ولا شك أن الفزع الذي أصاب قيادة الجيش الإسرائيلي وامتناعها الإعلان عن سبب وصول الصاروخ السوري إلى أبعد نقطة في الخريطة الإسرائيلية عكس نفسه على شكل ذعر أشد عند المستوطنين الإسرائيليين الذين شاهدوا بأعينهم أن أي هدف في إسرائيل يعد الآن قابلاً للإصابة وخاصة تلك الأهداف الإستراتيجية مثل مفاعل نووي أو قاعدة للصواريخ النووية الإسرائيلية أو مؤسسات وقواعد الجيش الإسرائيلي المنتشرة على مساحة ضيقة العرض ولا يزيد مدى طولها من الأراضي السورية أو اللبنانية على طول خريطة إسرائيل عن 300 كلم.
وهذا ما يثبت أن إسرائيل لا يمكنها حتى أمام جبهة الشمال وحدها الصمود أمام صواريخ هذه الجبهة وخاصة حين تستخدم قوى محور المقاومة الصواريخ ذات الدقة المؤكدة بإصابة الهدف وتحديداً نحو الأهداف الإسرائيلية القابلة للإصابة في تلك المساحة الضيقة لإسرائيل وما تضمه من كثافة سكانية على منتصفها الشمالي والأوسط.