من دفتر الوطن

مملكة المال

| عبد الفتاح العوض

هل نحتاج إلى دراسة لنثبت أن قلة المال تسبب الاضطرابات النفسية؟
البديهيات لا تحتاج إلى دراسات.
مناسبة هذه المقدمة أن صديقاً قال لي تعقيباً على زاوية مملكة العوام. أن النخب والعوام يعملون أجراء عند المال.
هو قالها بهذه الفجاجة ردّاً على ما نقلته، على اعتبار أن ابن خلدون قال: إن العامة في خدمة الخاصة.
الصديق الغاضب يعتقد أن النخب ليسوا سلة واحدة.. وأن نخبة النخبة هم أصحاب المال والباقون أيضاً يعملون لديهم.
لا يمكنك أن تجادل في هذا المنطق بمنطق مضاد، ربما التعميم ليس صالحاً هنا حسب الزمان.
عُرض على مجموعتين من الأشخاص واحدة للأغنياء وواحدة للناس من الطبقة
المتوسطة سؤال مباشر… هل البشر يتصرفون بعقلانية مع المال؟
الأغنياء قالوا: إن الأفراد عقلانيون لأن السلوكيات تحكمها المعايير الاجتماعية والقوانين الوضعية، والمال يحتاج لعقل يديره.
أما أصحاب الدخل المتوسط فقالوا: إن الناس في علاقاتهم بالمال ليسوا عقلانيين سواء عندما ينفقون أم يدخرون، وشخصية الإنسان في علاقته مع المال مقسمة نظرياً مثلما التقسيم الذي أنجزه فرويد.
الهو تبحث عن اللذة والرغبات غير المشروعة.
الأنا هي الجانب العقلاني الذي يزن الأمور المالية طبقاً لقواعد اقتصادية، أما الأنا الأعلى فالجانب الأخلاقي هو الذي يحكم العلاقة مع المال.
لا أحد يستطيع أن يدعي أن علاقته مع المال علاقة واضحة تماماً، لكن الشيء المؤكد الذي لا شك فيه هو أن قلة المال والشعور بالحاجة يجعلان الإنسان مهما حاول تجنبهما في غاية من الاضطرابات النفسية التي تنعكس على سلوكه.
لكن أن يكون المال هو سيد المجتمعات وأن يكون العالم مملكة للمال يكون فيه الملك المعظم فإن ذلك محل نقاش.
أعود إلى السؤال فيما إذا كان البشر يتعاملون بمنطق في علاقاتهم مع المال.
عالم النفس «كانيمان الحائز على جائزة نوبل عام 2002 توصل إلى نتيجة أن البشر لا يدركون سبب إنفاقهم، مستشهداً بأن معظم الناس يذهبون للتسوق وهم في مزاج سيئ.
معظم السوريين لا يحتاجون إلى منطق لإنفاق المال،… فهم لا يملكونه بل يحتاجون لمنطق من نوع خاص حتى يتدبروا حياتهم من دونه.
وفكرة أن العالم محكوم بالمال ورجال المال هم الذين يسيطرون على المشهد بما فيهم المسؤولون.
السلطة تجلب المال… لكن المال يجلب السلطة والمال معاً.
هل بقية النخب تشتغل أجراء عند أصحاب المال أيضاً؟
لا أحب أن أصدّق ذلك!!

أقول:
– عندما كنت صغيراً كنت أظن أن المال أهم ما في الوجود واليوم بعد أن كبرت أعلم أنني كنت على حق.
– المال لا يصنع السعادة هذا ما يتفق عليه الفقراء جميعاً.
– صحيح أن المال لا يشتري الحب، لكنه يمنحك فرصة للتفاوض.
– أولئك الذين يعتقدون أن المال يستطيع فعل كل شيء غالباً مستعدون لفعل أي شيء من أجل المال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن