ثقافة وفن

«الكندوش».. لماذا لم يعجب رواد الفيس بوك؟ … لم يخرج عمّا قُدّم في البيئة الشامية ولم يحمل إنجازاً

| سارة سلامة

رغم الهجوم غير المسبوق الذي مني به مسلسل «الكندوش» على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه يقدم حالة بصرية مبهرة وفرجة بمستوى عال وحرفية متقنة، تعيدنا إلى حارات الشام القديمة وتعرض لعدد كبير منها، ويبين العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة في ذلك العصر، إلا أن المراهنة عليه وضعته في حالة حرجة، أي إننا لا نستطيع القول إن المسلسل خرج عما قُدم سابقا في إطار البيئة الشامية، أو أنه حمل إنجازاً مختلفاً، فمنذ مسلسل «أيام شامية» لعراب هذه البيئة بسام الملا، كانت التفاصيل هي ذاتها تركز على العرض والفرجة مع غياب للحكاية والحدث والتشويق والشغف، وهذه هي مشكلة العمل الأساسية، غياب القصة بشكلها التقليدي، واختفاء التصعيد التشويقي المعتاد، وذلك حال الدراما الشامية منذ نشأتها فهي لا تحمل سوى حكاية بسيطة.

جمع القامات الفنية

هذا الواقع الذي عاينه حسام تحسين بيك في نصه وهو ليس كاتباً بل ممثل مخضرم ومؤد ومغن له خصوصية عند المشاهد، عندما يقص لنا حكاية فإنها تشبه مرحلته التي عايشها، لا شك أن هذه التجربة كانت تحتاج إلى رؤية معاصرة تحمل التشويق، لأن زمن العرض والفرجة من دون أحداث مفصلية شائقة قد ولى، وذلك ما جعل العمل يتعرض لأحكام حاصرته على السوشال ميديا منذ انطلاقة عرضه على القنوات، وخاصة أن الحلقات السبع الأولى منه مرت باهتة من دون أي حدث يذكر مع استعراض مبالغ فيه للشخصيات.
وربما لولا مراهنات كاتبه وبعض الممثلين بأنه سيكسر نمطية أعمال البيئة ويقدم رؤية جديدة لها، لسلك طريقه بكل انسيابية، من خلال مقومات لها علاقة بمستوى الصورة والموسيقا والبذخ الإنتاجي واجتماع القامات الفنية، التي جعلته يحمل تيمة خاصة، وأيضاً إعطاء الفرصة للممثلين الشباب بأدوار بطولة، هذا يحسب لشركة «MP»، في أولى تجاربها حيث استقطبت الخريجين بعكس الكثير من الشركات التي تركض وراء التسويق وتختار الأسماء المكرسة فقط من دون فتح الطريق للمواهب الشابة.

قدم الشام بحقيقتها

بيد أن «الكندوش» (تأليف حسام تحسين بيك – إخراج سمير حسين- إنتاج MB ــ بطولة: أيمن زيدان، سلاف فواخرجي، صباح الجزائري، سامية الجزائري، أيمن رضا، شكران مرتجى، همام رضا، هافال حمدي، فايز قزق، أندريه سكاف، فاتح سلمان، ومريم علي)، بالمنظور العام يقدم دفعة من المشاعر والأحاسيس ويحض على القيم الاجتماعية والأخلاق التي كانت سائدة في ذلك الزمن، وتتطور أحداثه بشكل تصاعدي، حيث بدأ بحالة تمهيدية ومن ثم أخذ بالتصاعد، ربما كان اختلافه وتميزه ليس على مستوى التصعيد والحبكة والتشويق العالي إنما على مستوى تقديم الشام بحالتها الحقيقية إلى حد ما، حيث نرى الشخصيات التي تدرس الطب في الخارج واللباس المختلف والنساء اللواتي يعشقن، كما يعرض لمجموعة من العلاقات الاجتماعية الحميمة، وأيضاً الشخصيات الأمية أو التي تحكمها عاداتها وتقاليدها ورجعيتها بمكان معين.

كما نلحظ الاهتمام بالمؤثرات والمهارات الفنية التي تعتبر قيمة مضافة كالموسيقا العالية بما تحمله من طرح صوفي، التي أعادنا بها عامر خياط إلى «التغريبة الفلسطينية»، وصوت معين شريف على الشارة والفواصل، ويمكننا القول إن مستوى العمل اختلف نسبياً بعد الحلقة العاشرة وبدأ الحدث بالتصعيد والتواتر ربما ليذهب باتجاه التشويق الإضافي رويداً رويداً.

حالة العشق مع المكان

كما أنه قدم واحدة من الأسماء المكرسة والخالدة بوقعها المختلف عن وقع أي زميلة لها النجمة سامية الجزائري، وهي امرأة في عقدها الثامن من العمر قدمت الكثير في تاريخ حياتها، تجسد دورها بطريقة تحمل التكنيك العالي، والتحكم بعضلات الوجه، وردات الفعل المتباينة، واللعب على طبقة الصوت، ومن خلال شخصية «أم مصطفى»، تكون سيدة الكوميديا السورية وواحدة من أيقونات الشاشة حاضرة بأسلوبية مختلفة وبمكان عظيم في «الكندوش»، وأعاد النجم المخضرم أيمن زيدان إلى الشاشة بعد غياب دام 5 أعوام، في ظهور خاص حول رجل دمشقي غني يدعى عزمي بيك، يحبه الجميع، ويبادلهم شعور الحب المتأصل فيه، فالقصة قائمة على هذا الحب الذي يحكي عن حالة العشق بين العاشقين والمكان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن