انتقدت وسائل إعلام إسرائيلية التقصير الحكومي بعد مقتل وإصابة عشرات المستوطنين بتدافع في صفد شمال فلسطين المحتلة.
صحيفة «معاريف» اعتبرت أن «إسرائيل» تُدار «بقوّة القصور الذاتي» في ظلّ انهيار الخدمة الحكومية وشغور المناصب، متهمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بإتقان التنصُّل من المسؤولية.
وقتل وجرح عشرات المستوطنين في انهيار منصّة في جبل الجرمق، مساء يوم الخميس الماضي، بسبب التدافع خلال احتفال المستوطنين بأحد الأعياد اليهوديّة.
ورجحت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن الحادث الذي أسفر عن وفاة 45 شخصاً وإصابة أكثر من 150 آخرين سيؤدي إلى توجيه أسئلة حادة إلى المسؤولين السياسيين والمدنيين والأمنيين الذين شاركوا في منح الموافقة على إجراء هذه الفعالية والتخطيط لها وضمان الأمن خلالها، وسط توقعات بتشكيل لجنة تحقيق حكومية رسمية بهدف الكشف عن ملابسات الحادث وتحديد المسؤولين عنه.
وأفادت تقارير إخبارية إسرائيلية متعددة مساء أمس الجمعة أن مشرعين يمثلون الحركات الدينية اليهودية الأرثوذكسية مارسوا قبيل الحفل ضغوطاً مكثفة من أجل منع فرض قيود على عدد المشاركين فيه.
ونقلت القناة الـ13 الإسرائيلية عن مسؤولين مطلعين على التحقيق الجاري في الحادث تأكيدهم أن وزراء في الحكومة الإسرائيلية ضغطوا على الشرطة كي تسمح لأعداد أكبر من الناس بدخول ضريح شمعون بار يوحاي في جبل الجرمق، واصفين ذلك «تعويضاً» عن إلغاء الحفل في العام الماضي على خلفية تفشي فيروس كورونا آنذاك.
بدورها، أكدت القناة الـ12 أن وزير الداخلية ورئيس حزب «شاس» اليهودي الأرثوذكسي، أرييه درعي، وجه قبيل الحفل رسالة إلى وزير الأمن الداخلي، أمير أوهانا، شدد فيها على ضرورة «السماح لكل من يرغب في الوصول إلى ميرون (الاسم العبري لجبل الجرمق) بفعل ذلك».
وذكرت القناة أن أوهانا الذي يشرف على الشرطة وافق على هذا الطلب وقرر عدم فرض أي قيود على عدد المشاركين، على الرغم من تحذيرات مسؤولين صحيين قلقين من خطر انتشار فيروس كورونا بين المشاركين.
ولفتت القناة إلى أن وزير الخدمات الدينية، يعقوب أفيتان، زار جبل الجرمق قبل نحو أسبوعين من المأساة للإشراف على التحضيرات للحفل، وأعرب عن ارتياحه من «مهنية» هذه الاستعدادات، وشكر وزير الداخلية درعي على جهوده للتمكين من إقامة الحفل هذا العام دون أي قيود، قائلاً: «آمل أن يكون كل شيء على ما يرام بعون الرب».
وكان كل من درعي وأوهانا ووزيرة المواصلات، ميري ريغيف، قد أعربوا علناً قبيل الحفل عن دعمهم للسماح بإقامته بهذا الحجم.
في هذا السياق، دعا النائب في الكنيست عن القائمة المشتركة، أيمن عودة، إلى إقالة درعي من منصب وزير الداخلية، بينما طلب أوهانا بنفسه فتح تحقيق مستقل في «جميع النواحي المتعلقة بتخطيط الفعالية والتحضيرات لها وتوزيع المسؤوليات، والبنى التحتية».
بدورها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية «كان» عن مصادر في الشرطة تأكيدها تعرض الشرطة لضغوطات سياسية غير مسبوقة لتنظيم الفعالية بغض النظر عن عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة المشاركين فيها، وألقت اللوم على مسؤولين في وزارة الخدمات الدينية الذين صدقوا على إقامة الحفل.
وأكدت القناة الـ12 أن تحقيقاً شرطياً أولياً يظهر «فشل جميع الأطراف المعنية بتنظيم الحفل».
ويأتي ذلك على الرغم من تحذير جهات رسمية مختلفة، منها الشرطة، غير مرة في السنوات الأخيرة من أن البنى التحتية في جبل الجرمق ليست مخصصة لاستقبال مثل هذه الأعداد الهائلة من الزائرين، وقد يؤدي ذلك إلى مأساة.
وحتى الآن، أقر مسؤول واحد فقط في إسرائيل بتحمله المسؤولية عن حادث التدافع المأساوي، وهو قائد المنطقة الشمالية في الشرطة، شمعون لافي، الذي كان يشرف على الاستعدادات الأمنية للحفل.