كشفت مصادر أهلية وأخرى معارضة مقربة من الميليشيات المسلحة التي يمولها النظام التركي في المناطق التي يحتلها شمال غرب وشمال شرق سورية، أن استخبارات الأخير خفضت «رواتب» تلك الميليشيات بنسب متفاوتة، وصل بعضها إلى النصف، بذريعة توقف المهام القتالية الموكلة إليهم.
وقالت المصادر لـ «الوطن»: إن نيات النظام التركي بتأخير صرف «مستحقات» الميليشيات عن أشهر الربع الأول من السنة، تكشفت بتقليصها بنسب كبيرة بلغت الثلث تقريبا، كمعدل وسطي، بعد أن جرى صرف جزء منها عبر المعتمدين الماليين، الذين تشرف الاستخبارات التركية على عملهم، في وقت سابق من الشهر الماضي، إلا أن صرف باقي الأجور لبعض الميليشيات أماط اللثام عن عزم النظام التركي تخفيض الأموال المخصصة للإنفاق على مرتزقته عن طريق «الرواتب» الشهرية.
وتوقعت المصادر، استمرار تخفيض الرواتب في الفترة المقبلة في ظل عجز مالي تسببت به الدول الداعمة للإرهابيين في سورية مثل قطر، ومرد جزء كبير من العجز إلى التكلفة الباهظة التي يتسبب بها تدخل النظام التركي في مناطق الحروب حول العالم عبر مرتزقته السوريين كما في ليبيا وأذربيجان وأوكرانيا.
ولفتت إلى أن تخفيض الأجور شمل المرتزقة السوريين الذين يقاتلون خارج سورية لمصلحة نظام رجب طيب أردوغان وأجندته العدوانية التوسعية، الأمر الذي سينعكس سلباً على أدائهم القتالي ويشجعهم على التمرد على مشغلهم التركي، كما حدث في طرابلس الليبية التي امتنع المرتزقة فيها عن القتال مطلع العام الجاري، على خلفية اجتزاء قسم كبير من «رواتبهم»، فجرى نقلهم إلى تركيا.
وبينت المصادر، أن الاستخبارات التركية أبلغت بشكل شفهي المعتمدين بخفض «مستحقات» الميليشيات العاملة في منطقة «خفض التصعيد» في إدلب وفي المناطق التي تحتلها في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي إضافة إلى مناطق شرق الفرات، ولم تكلف نفسها إخطار متزعمي الميليشيات بذلك.
وأشارت المصادر إلى أن النظام التركي من الممكن أن يتعمد الضغط على مرتزقته للقبول بأجور أقل من القتال في ليبيا في حال زجهم في جبهات قتال أخرى، كما يجري راهناً بعد تجنيد وإرسال أعداد لا بأس بها إلى أوكرانيا لمنازلة الجيش الروسي في المناطق الحدودية المتنازع عليها بين البلدين خلال الأزمة الحالية التي تعصف بينهما.
وجراء ذلك، خرج مئات الإرهابيين من ميليشيات تركيا في تظاهرات منددة بتخفيض «رواتبهم» بعد انتشار الخبر في صفوفهم، على الرغم من أن عدداً كبيراً من معتمدي الرواتب لم يقبضوا بعد وحتى أمس الاعتمادات المالية عن الفترة المنصرمة من السنة الحالية والخاصة بالرواتب والمكافآت المالية الوهمية التي وعد بها النظام التركي مرتزقته.
وحمل متظاهرو إدلب وجرابلس وإعزاز والباب وعفرين ومارع، من ميليشيات ما يدعى «الجيش الوطني»، الذي شكله النظام التركي في المناطق المحتلة، لافتات كتب عليها «نريد أن يعيّد أطفالنا» «وتكفي الوعود الكاذبة.. نريد رواتبنا» ولماذا الاستهزاء بتضحياتنا، أعطونا رواتبنا كاملة».
وقالت مصادر أهلية متابعة للتظاهرات لـ «الوطن»: إن حالة من الغضب العارم تسود أوساط المتظاهرين من الميليشيات ليس فقط من عدم تسليمهم «رواتبهم» أو تقليصها، إنما لأن متزعميهم نأوا عن المشاركة بالتظاهرات، إذ الانطباع السائد بأن هؤلاء جنوا مرابح ومغانم كثيرة غير شرعية تغنيهم عن طلب «مستحقاتهم» من مشغلهم التركي.