ثقافة وفن

ثنائيات تمثيليّة جمعها الفن وبقيت محفورة في الوجدان .. فاتن حمامة وعمر الشريف… قبّلته فرمته مُغمى عليه

| سوسن صيداوي

في محطتنا هذه نجول في زمن الأبيض والأسود، زمن العمالقة الزمن الجميل، وما زلنا نقلّب الصفحات بين أكثر الثنائيات نجاحاً وحضوراً في عالم التمثيل، واليوم نقف عند سيدة الشاشة فاتن حمامة ولورنس العرب عمر الشريف، اللذين استطاعا أن يشكلا ثنائياً مهماً في السينما المصرية ولا يقل جمالاً وتكاتفاً في الواقع. فالخجل كان بادياً على (الولد الجديد) الذي وقف أمام النجمة السينمائية المشهورة، ولكنها شعرت بخوفه وبدّدته حباً وثقة ودعما لينطلق بشهرته إلى العالمية التي فرّقت بينهما بعدما دخلا القفص الذهبي. الانسجام الكبير والوفاق الفكري والعاطفي لم يكونا فقط حاضرين في الأداء بل أيضاً ذهب بهما في حياتهما. كيف تمّ اللقاء وبعض المحطات من حياة ثنائيتنا مع أهم الأعمال، نقدمها لكم في مقالنا هذا.

في اللقاء الأول

سحر العلاقة بين ثنائيتنا كانت كسحر اللقاء الأول، والذي كان في عام 1954 في اليوم الأول لبدء التصوير في فيلم «صراع في الوادي». حيث ذهبت فاتن إلى أستوديو الأهرام للتصوير ودخلت غرفة الماكياج وطلبت من المخرج يوسف شاهين إحضار «الولد الجديد» الذي سيقوم بالبطولة أمامها، وبعد لحظات دخل يوسف شاهين وخلفه شاب يسير وهو يتعثر في خطواته، وانحنى بأدب محيياً فاتن -كما شرحت سيدة الشاشة في حوار قديم لها- التي لمست خجله وخوفه منها مباشرة، ومن ثم حاولت أن تشجعه وتساعده حتى لا ينقل هذا الخجل على الشاشة، فطلبت منه الجلوس معها قبل التصوير وتحدثا عن السينما والفن والفنانين، والأمر المفاجئ بأن هذا الخجل تبدّل في أثناء التصوير، ولوحظ على لورنس الشاشة عمر الشريف بمشاهده التي تجمعه بفاتن، الحماسة والقوة وتأقلمه مع البلاتوه والتصوير رغم أنه يمثل أدواره الأولى.

وتروي فاتن حمامة في لقاء نادر على التلفزيون المصري، تفاصيل لقائها مع عمر الشريف قائلة: «تعرفت إلى عمر الشريف من خلال فيلم (صراع في الوادي)، حيث كان مرشحاً للبطولة الفنان شكري سرحان، ولكن حالت الظروف دون مشاركته، وتم ترشيح اسم عمر الشريف من خلال المخرج يوسف شاهين، وكانت هذه بداية التعارف بيني وبينه».

الانسجام بين حمامة وشريف والمواقف الطريفة التي جمعتهما خلال تصوير الفيلم، كانت سبباً لانتشار الكثير من الإشاعات حولهما، والكثير يعلم بأن فاتن حمامة كانت ترفض القبل في الأفلام، وكانت أول قبلة لها قدمتها في هذا الفيلم، ووافقت على أن تتبادلها مع عمر الشريف، وعند تصوير هذه القبلة كانت أحداث الفيلم تتطلب أن يُغمى على عمر الشريف، وبعد الانتهاء من تصوير هذا المشهد اكتشفوا أنه أغمي عليه فعلاً.

في هذه الفترة كانت فاتن حمامة متزوجة من زوجها الأول المخرج عز الدين ذو الفقار والكل يعلم بأن علاقتهما يسودها التوتر، وزاد الأمر سوءاً نجاح فيلم «صراع في الوادي» وانتشار الإشاعات حول وجود علاقة بين حمامة والشريف، ولكن بعد فترة تمّ الانفصال عن ذو الفقار. وطار إلى مسمع فاتن حمامة بأن عمر الشريف هو المروّج للشائعات، فاتصلت به وهي غاضبة، وسألته بأن يكفّ عن هذا الفعل، لكنّ الشريف أكد لها معتذرا بأنه يجهل مصدرها مثلها تماماً، ودعاها لإثبات حسن نيته لشرب الشاي معه واستجابت فاتن لدعوته.

الشاي ثم الزواج

التقت فاتن وعمر لشرب الشاي، وخلال هذا اللقاء شعرت حمامة بالحب تجاه عمر، لكنها تجاهلت ضربات قلبها وتمالكت نفسها، ولكن وخلال اللقاء الثاني الذي كان بحضور المخرج يوسف شاهين، طلب الشريف الزواج منها «ايه رأيك لو اتجوزنا»؟ السؤال أربكها وبقيت ملتزمة الصمت، ولكن يوسف شاهين كسر السكون الذي ساد وصرخ فرحا: «يبقى ألف مبروك عليكم». ولكن فاتن غادرت من دون أن تجيب بكلمة وذهبت إلى المنزل لتفكر.

في عام 1959وخلال حوار صحفي مع فاتن حمامة، توقفت بالحديث مفصلاً عن طلب الزواج منها بهذه الكلمات: «في إحدى الجلسات معاً لتناول الشاي، وبحضور مجموعة من الزملاء شعرت أن عمر الشريف يريد أن يقول شيئاً، وأحسست بأن هذا الشيء الذي يريد أن يقوله من الأهمية بمكان، حيث ظهر عليه الارتباك والانفعال».

ثم تابعت: «كان يفتح فمه ليقول كلمة بعينها، ثم يعود فيغلقه من دون أن يقول شيئاً، ولكنّه استجمع قواه وقال لي: «إيه رأيك لو اتجوزنا»؟ وعندها «شعرت بالارتباك، رغم أنني لم أكن أستسلم للارتباك في أحرج مواقف حياتي، وطغى علي انفعال غامر مبهم».

شمسها تخسف وجودي

رغم افتراق ثنائيتنا ووقوع الطلاق بينهما، إلا أن زواجهما استمر تقريبا 20 عاماً، وأثمر عنه ابنهما طارق، وفي أحد الحوارات مع عمر الشريف أكد أنه خدع فاتن في لقائه الأول، فبعد أن وقع اختيار المخرج يوسف شاهين عليه ليؤدي دور البطولة في فيلم «صراع في الوادي»، بقي أمر واحد أن تراه البطلة وهي فاتن وتوافق عليه، وبالفعل دعتهما لتناول كوب شاي في منزلها، ولشدة تمسّكه بالتجربة فكر أن أداءه التمثيلي قد يكون أقل من المتوقع ولا يؤهله لهذا الدور، فاختار أن يؤدي أمامها مشهداً من مسرحية «هاملت» لشكسبير، قائلاً: «كنت أعرف أنها لن تفهم كلمة واحدة من الحوار، وأن محاولتها متابعته قد تصرفها عن التدقيق في أدائي، وفعلاً راحت فاتن تتابع تمثيلي وهي تتظاهر بالاهتمام ثم أبدت موافقتها ففزت بالبطولة».

وأكمل في الحوار نفسه بأنه ورغم حبه الكبير لها وإيمانه بأن زواجه بها ساعده على استكمال مشواره، إلا أنه كان يتضايق من العمل معها، موضحاً «كان في أعماقي شعور دفين بأن شمسها تخسف وجودي، وعندما كنت أمثّل فيلماً مع غيرها من الممثلات أشعر بالحرية، أشعر ساعتها فقط أني ملك نفسي وأني البطل فعلاً».

الأعمال المشتركة

الأفلام الستة التي جمعت عمر الشريف وفاتن حمامة هي: صراع في الوادي (عام 1954) من إخراج يوسف شاهين. أيامنا الحلوة (عام 1955) والفيلم من إخراج حلمي حليم. صراع في الميناء (عام 1956) وهو من إخراج يوسف شاهين. لا أنام (عام 1957) وهو من إخراج صلاح أبو سيف. سيدة القصر (1958) والفيلم من إخراج كمال الشيخ. نهر الحب (عام 1960) من إخراج عز الدين ذو الفقار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن