ثقافة وفن

ما قصة كوكب الشرق مع شريف باشا صبري؟ .. لماذا رفض الملك فاروق زواجها منه؟

| د. رحيم هادي الشمخي

عادت أم كلثوم.. عادت تحتل المساحة الأكبر في عالم الفن، فبعد رحيل سيدة الغناء العربي بحوالي نصف قرن عام 1975، لا تزال أم كلثوم شخصية مثيرة، وظاهرة لا تتكرر، وما زال الحديث عن حياتها وأعمالها، من خلال فيلم سينمائي، ومسلسل تلفزيوني يثير الشجن والذكريات، ويفجّر قضايا جديدة وعديدة حول عالم هذه الفنانة التي تتربع على عرش الغناء من أجيال وأجيال، أما حياتها ونشأتها وتطورها وموهبتها العبقرية وحنكتها وذكاؤها ودهاؤها فهي مادة غزيرة تجمع بين الطرافة والعبرة والمتعة في التجوال عبر الزمان والناس والأحوال في سياق محوره الإنسان والمشاعر والعواطف والشجن والأمل والأسى والشعر والموسيقا والغناء وحب الحياة.

حكاية أول زواج لأم كلثوم مثيرة، فالحب الذي جمعها بالشاعر أحمد رامي لم ينته نهاية سعيدة بالزواج، لأنها صممت على أن تبقى وفيّة لفنّها أولاً، واعتبرت أن الزواج سيحول بينها وبين إنجاز مشروعها الفني، ولهذا صممت على ألا تتزوج على الرغم من شعورها العاطفي القوي تجاه أحمد رامي، ولكن موقفها من الزواج لم يدم على هذه الحالة طويلاً، ففي مرحلة لاحقة كانت قد سمعت عن أرض زراعية يعرضها صاحبها للبيع، وأرادت هي الشراء، واتصلت بصاحب الأرض النبيل (عمرو إبراهيم) الذي رحّب بها وحضر اللقاء (شريف باشا صبري) خال الملك فاروق للتعرف إليها والتعبير عن إعجابه بصوتها وغنائها، وتتواصل العلاقة الودية فيقترح عليها النبيل (عمرو إبراهيم) أن تغنّي في عيد ميلاد الملك ويعلمها (شريف باشا صبري) أنه سوف يقترح على الملك منحها (نيشان الكمال)، وتعتذر أم كلثوم بلباقة، معلنة أنه لو كان جلالة الملك يرغب في منحها الوسام فليس المطلوب منها تقديم أغنية خاصة بعيد ميلاده قبل ذلك، فهي فنانة تعتز بنفسها.

وترتفع مكانة أم كلثوم لدى (شريف صبري) الذي يقع في حبها ويعلمها بذلك ويطلب منها الزواج وهذا هو أول عرض زواج توافق عليه الآنسة أم كلثوم، وجاء العرض بعد أن أنعم عليها الملك بالوسام ولقب (صاحبة العصمة) وتصبح أول وآخر مصرية تحصل على هذا التقدير، ومع أن أم كلثوم كانت متزوجة من الفن –حسب تعبيرها- طوال حياتها، لكنها أجبرت نفسها على قبول الزواج من خال الملك فاروق، فما السر في ذلك؟

كانت أم كلثوم قد تعرضت لأزمة صحية حادّة، والغريب أن طبيبها نصحها لعلاج هذه الأزمة بالزواج، كما أنها كانت تعاني مشكلات في الغدة الدرقية، وأن الخطر يهدد عينيها، وعندما تأكدت من صدق نيات (شريف صبري) نحوها وافقت وأعلنت الخبر في الصحف، وجاءها الحبيب المتيم (أحمد رامي) يستنكر ويتساءل: هل لأنه باشا وخال الملك؟ هل تريدين الدخول إلى العائلة الملكية؟ هل.. وهل؟

وتشعر أم كلثوم بأن من واجبها نحو الحبيب أحمد رامي أن تكشف له عن مرضها الذي لم تُعلم به أحداً، أما على الجانب الآخر فقد رفض الملك فاروق بشدّة فكرة زواج خاله من أم كلثوم وثار عليه كما ثار عليه الأمراء والنبلاء، وكانت هذه التطورات كافية ومناسبة لأم كلثوم لتتخلى عن فكرة الزواج من هذا الرجل الذي راح يلحّ عليها ويحاول إقناعها بأنه لن يستجيب للضغوط الملكية، إلا أنها أبلغته أنها لا ترغب في الدخول في صراع ومعارك مع الملك والعائلة وتنسحب بهدوء، لكنها هذه المرة كانت هي المبادرة في طلب الزواج، فقد كانت تجمعها بالموسيقار الفنان (محمود الشريف) صلات عديدة، وإضافة إلى الألحان الموسيقية كان لهما نشاط نقابي فني مشترك، وكان بالنسبة لها أفضل صديق ورفيق، وشعرت أنه الإنسان المناسب لها، فعرضت عليه الزواج منها، وعندما علمت أنه متزوج ثارت أم كلثوم وقالت له: كيف لم تخبرني؟ لكنه أخبرها أن زوجته مريضة، وعندما طلبت منه أن تزورها وبصحبتها أشهر الأطباء الذين من بينهم (حسن الحفناوي) الذي تعرفت عليه أم كلثوم في بيت الشريف، ليتم زواجها السعيد منه بعد أن اتفقا خلال مدة 3 أشهر، لتعيش أم كلثوم إلى جانبه لأنها بحاجة إلى طبيب يرعاها ويداوي مرضها، حتى وافاها الأجل المحتوم، وقصة أم كلثوم لم تنته بعد لأنها قصة الفن العربي كله.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن