في الثاني من أيار الجاري نشر الناشط الأميركي المناهض للحروب ورئيس النادي السياسي الذي يطلق عليه «أوقفوا حلف الأطلسي» ريك روزوف، تحليلاً يتوقع فيه حدوث نوع من التوتر في العلاقات بين تركيا ودول عديدة في المنطقة بعد التهديد الذي أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نيته شن هجوم على منطقة شمال العراق الجبلية بحجة ضرب المجموعات الكردية المناهضة له هناك وبناء قواعد عسكرية للجيش التركي في بعض المناطق، وتحدثت تقارير أوروبية عن وجود نشاط عسكري تركي للإعداد لنشاط في مناطق سورية وعراقية بل أيضاً في اليمن وهذه الأطراف تعد من الدول الحليفة لإيران، الأمر الذي سيثير توتراً في العلاقات الإيرانية التركية إن قامت تركيا بتنفيذ تهديدات ضدها.
ويبدو أن أي انفراج متوقع بين واشنطن وإيران حول الموضوع النووي وتخفيض الحصار على إيران، لا يسر السياسة الأردوغانية في تركيا لأن هذه التهديدات الأردوغانية بدأت تظهر بشكل متزايد بعد موافقة الرئيس الأميركي جو بايدين على انتهاج سياسة الحوار وتخفيض العقوبات عن طهران وعودة واشنطن إلى اتفاقية خمسة زائد واحد وإبعاد مظاهر التوتر بين طهران وواشنطن.
لقد وجد أردوغان أن سياسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ضد إيران كانت تناسب أغراضه في المنطقة وشجعته إدارة ترامب خلال 2017 -2020 على التدخل في تركيا وفي ناغورني قره باغ، كما أنه سارع بعد فوز بايدين إلى إبعاد الخلافات بينه وبين إسرائيل وأرسل سفيراً إلى تل أبيب وازداد الاهتمام الإسرائيلي بالعلاقات مع تركيا إلى حد جعل أردوغان يدعو وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس لحضور مؤتمر في تركيا يمثل فيه إسرائيل في حزيران المقبل وسيستغل وجوده لكي يبعث برسائل إلى الحكومة الإسرائيلية.
يشير روزوف إلى أن تركيا بدأت تخشى من زيادة قدرة «الحشد الشعبي» في العراق وتضعه ضمن حسابها كقوة مناهضة لسياسة أردوغان ضد العراق، فهو يشعر أنها لن تقبل مع بقية القوى العراقية المناهضة للوجود العسكري الأميركي بوجود أي قواعد عسكرية تركية داخل أراضي العراق ولا شك أن أردوغان يدرك أن من لا يقبل بوجود قواعد أميركية لن يقبل بأي تهديد عسكري تركي لأراض العراق سواء في شماله أم وسطه.
ولذلك يزداد اعتقاد بعض المحللين ومنهم روزوف نفسه، أن أردوغان سيرتكب خطأً فادحاً إذا ما تسبب بتوتير العلاقات مع طهران لأن حلف الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة، عملٍ طوال سنوات على تجنب أي مسبب للصدام مع طهران لأنه سيلحق الضرر بمصالحها وتدفع ثمناً باهظاً إذا ما حصل أي صدام بين دولة عضو بالأطلسي مع إيران، وهذا يعني أن أردوغان سيرتكب خطأ فادحاً إذا ما اعتقد أن عضوية الحلف ستجعل أوروبا تقف إلى جانبه في أي توتير للوضع ضد دولة إقليمية مثل إيران، ويذكر أن الأنباء نقلت في 28 شباط الماضي عن المجلة الالكترونية الإيرانية الصادرة بالإنكليزية «ايرنا – أي آر» أن إيران كانت قد طلبت من تركيا أن تمنع أي مجموعات إرهابية من التسلل إلى الأراضي الإيرانية.
ومع ذلك ثمة من يحذر أردوغان من سياسة تهديد دول المنطقة وخاصة أن روسيا والصين أصبحتا الدولتين الحليفتين لكل من إيران وسورية والمقاومة ولن تسمحا بتوتير الأجواء مع حلفائهما المركزيين في منطقة الشرق الأوسط.
هناك من يستنتج أن أردوغان لا قدرة له إلا على التهديد والتوتير ولا يمكن أن ينتقل إلى الأعمال الحربية ضد الجيش الإيراني أو الجيش العراقي أو الجيش السوري لأنه يدرك وجود خطوط حمراء إقليمية ودولية لم يعد بمقدوره تجاوزها بعد انتصار سورية وحلفائها في الحرب التي تلقى فيها أردوغان هزيمة واضحة.