لمسته على لوحات الحبر الجاف تجعلها تفيض حيوية. ولوحات البورتريه يلتقط فيها أدق انفعالات الشخصية التي رسمها فتكاد تقطر غضباً لوحته التي رسمها عن الفنان عادل إمام.
يختار لوحات البورتريه وفق معاييره فهو يرسم أصحاب الإرث الثقافي الذين يعتز بهم ويحب أعمالهم.
إنه ليس فنانا فقط وإنما صاحب ورشة رسم تعليمية للصغار والكبار. مع الرسام بشار سليمان كان لي هذا اللقاء:
من ماجستير تقنيات تعليم إلى عالم الرسم بآفاقه المتعددة، هذه السنوات الدراسية، ما ترتيبها في خبرتك وتجربتك؟
دراستي في كلية التربية كان لها أثر كبير ومهم في جميع مفاصل حياتي اللاحقة حتى بعد التفرغ لفن الرسم لفترة من الزمن، فمن خلال دراستي الأكاديمية اكتسبت قدرة على تعويد نفسي على التعلم الذاتي والبحث عن كل ما يتعلق بالعمل الذي أمارسه، وفي مراحل لاحقة عادت المهارات التي اكتسبتها في سنوات الدراسة لتدخل في إطار عملي جنباً إلى جنب مع المهارات الفنية وذلك حين دخلت بمجال تدريس الرسم والخط والتدريب. باختصار لم يكن هناك انفصال أو تناقض بين ما زودتني به دراستي الأكاديمية وما اشتغلت به في الفن في وقت لاحق.
حدثنا عن مرسمك، فأنت تجري دورات رسم للصغار والكبار؟
الحقيقة هو ليس مرسمي الخاص فلم تهيأ الظروف حتى الآن لإقامة ورشتي المستقلة في الرسم، لكن قمت بهذه التجربة في معهد صديقي الأستاذ «سامر العاتكي» للموسيقا وخصصنا جزءاً من المعهد لدورات الرسم والخط وكانت هذه التجربة غنية جداً.. فالمدرب أو المعلم يكتسب من متعلميه مثلما يكسبهم. وبشكل عام فإن إعطاء المعرفة أو الخبرة لشخص آخر هو عمل عظيم وممتع جداً وكانت أجمل اللحظات حين أحس بتطور ملموس للمتدربين في المرسم وتحسن واضح في مهاراتهم.
مع من تفضّل العمل مع الصغار أم الكبار. بعبارة أخرى أين تجد الشغف أكبر في العمل مع الصغار أم مع الكبار؟
الشغف موجود مع جميع الفئات العمرية.. للأطفال عالمهم الخاص والحقيقة إنّ ابتسامتهم ومتعتهم خلال العمل كانت تمدني بدافع كبير لاكتشاف عوالمهم اللامحدودة وصياغتهم الطفولية لما يرون على الورق.. أما بخصوص الكبار فالأمر مختلف لكنه ليس بأقل متعة وبصراحة فوجئت بالحماس والإقبال على تعلم رسم الوجوه وبعض المتدربين كانوا أكبر مني سناً وينتمون لبيئات عمل ودراسات أكاديمية مختلفة وقد جمعهم شغف الرسم في قاعتي المتواضعة، كل هذا ترك عميق الأثر في نفسي وزادني رغبة في تقديم المزيد.
ترسم بالحبر الجاف وقلة من يرسمون به – إن لم أكن مخطئة- فما الذي تقوله لوحة الحبر الجاف ولا تقوله غيرها؟
لوحة الحبر الجاف تنشأ من أداة بسيطة جداً ثمنها جداً متواضع لكن تفاعلها مع حساسية اليد يعطي عدداً لا نهاية له من درجات الظل، ومن هنا ينشأ التحدي بالنسبة للرسام الذي يجب أن يطوع يده، وهذه الأداة التي تبدو فجة بعض الشيء لإعطاء عمل فني بمواصفات إضاءة وظلال صحيحة يفرغ فيها الرسام كل طاقته ويضبط قدراته بالمستوى المطلوب.
تختار في البورتريه شخصيات لها إرثها الإنساني؟
اختيار البورتريه للرسم يعتمد على عدة عوامل، أهمها الانفعال والحالة الذهنية التي يحملها الشخص موضوع الرسم وكيفية إظهار هذه الحالة في البورتريه وجعل الناظر يحسها بالقدر المطلوب من الوضوح ومن النظرة الأولى، أما بالنسبة لكون هذه الشخصيات معروفة أو ذات إرث فهو أمر اختياري وبعض الشخصيات تستحق الرسم لهذا السبب وتستحق أن تُخلد بأعمال فنية.
فاز البورتريه الذي أنجزته بالحبر الجاف بالمرتبة الرابعة في مسابقة أوروبية سنوية بمشاركة آلاف الرسامين من مختلف دول العالم، هذا النجاح كيف استقبله قلبك؟
ربما كان هذا أهم إنجاز في عام 2019، والحقيقة أنّي لم أتوقّع الوصول لإحدى المراتب الأولى في المسابقة بسبب مشاركة آلاف الرّسّامين فيها ومن مختلف دول العالم، لذا كان وقع هذا النجاح عظيماً ودفعني لمزيد من العمل نحو تطوير القدرات والأسلوب في أعمالي.
ماذا عن عملك في مجال التدريب عن بعد؟
التجربة ما زالت حديثة جداً فهناك تجارب فردية متفرقة مع طلابي بعد أزمة الكورونا لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم والوصول لمستويات أعلى، وهناك أيضاً تجربة رسمية مع مؤسسة متخصصة بالتدريب عن بعد ووصلت من خلال هذه التجارب مجتمعة للقناعة بإمكانية التدريب على المهارة عن بعد بكل ما تحتاجه عملية التدريب من مفردات سواء في الشرح أم الوسائل الإيضاحية أو متابعة المتدربين خلال العمل وأسعى قريباً لتعميم هذه التجربة بشكل أكبر.