اقتصاد

احتياطات الإدارة من تجسس الساموراي

| د. سعـد بساطة

«الجدران لها آذان» مثل عن ضرورة الحذر من المتنصتين الذين يسعون خلف سرقة المعلومات. وسنتحدث الآن عن جواسيس المعـلومات!
نتوجه لمرابع الساموراي باليابان – القرن الخامس عشر حيث ظهر مقاتلو النينجا وعملهم كجهاز الاستخبارات بزمننا المعاصر يتركز على نقل المعلومات الإستراتيجية ومراقبة العدو ورصد تحركاته، وهدفهم الأساسي جمع المعلومات.
ويقول كتاب فن الحرب للصيني صن تزو: «إن العنصر الذي يعين الحاكم المحنك على تحقيق النصر والتي لا يمكن للرجال التقليديين تحقيقها، هو المعرفة المسبقة بأمور العدو». وتطبيق هذه المبادئ في القرن الحادي والعشرين فنجدها متمثلة في الحروب السيبرانية وأجهزة الاستخبارات العلمية والصناعية والتقنية.
وفقاً لتعريف التجسس الصناعي، أنه «سرقة إحدى الشركات أسرار شركة منافسة لها». ويميل هذا لتحقيق منفعة تجارية».
وما دام هناك تجارة، يظل هناك نوع من أنواع التجسس، حيث إن أشهرها وأقدمها يتمثل فيما قام به قس فرنسي في الصين. حيث كشف الأب دونتروكول عن أساليب تصنيع الخزف الصيني سنة 1712 بعد الميلاد، وأدى ذلك لانفجار تصنيع المنتج الصيني في أوروبا لاحقاً.
ومثال آخر حين شاركت فرنسا بسرقة التكنولوجيا البريطانية ونسخها. وقد ساءت الأمور للغاية، لدرجة أن بريطانية اضطرت إلى وضع تشريعات في محاولة منها لاحتواء المشكلة.
في المقابل، لم تُحجم بريطانيا عن التجسس الصناعي عندما كان ذلك مناسباً بالنسبة لها، والمثال الأكثر شهرة على ذلك حدث خلال القرن 19، حين خططت للحصول على أسرار الشاي الصيني. هنا وظّفت شركة الهند الشرقية بلندن عالماً اسكتلندياً لتهريب نبات الشاي وبذوره من الصين للهند الخاضعة للحكم البريطاني. ونجحت المهمة وبعـدها تجاوز إنتاج الشاي في الهند ما تنتجه الصين».
وقبل نهاية الحرب العالمية الثانية بعث الجاسوس الألماني «ريتشارد سيرج» العـامل في اليابان لحساب الاتحاد السوفييتي، رسائل بمعلومات عن بعض أوجه النشاط الاقتصادي الياباني ما غيَّر مسار الحرب.
في التسعينيات، كان عدد عاملي وكالة المخابرات الأميركية 25 ألف عميل، قلَّت الحاجة إليهم؛ فأصدر الرئيس الأميركي وقتها قراراً باستخدام مهاراتها وموظفيها وعملائها لخدمة الاتجاهات الاقتصادية!
وفي عام 2012 ألقت الشرطة اليابانية القبض على أشخاص في شركتي «يوكوهاما» وهيتايتشي» لتسريبهم أسراراً صناعية لشركات صناعية هندية.
المخابرات الأميركية تصف قدرات روسيا التجسسية بأنها الأكثر تطوراً في العالم، وهناك مئات الجواسيس الروس يعملون داخل الولايات المتحدة، وهم مشغولون بمحاولة سرقة الأسرار الاقتصادية الأميركية. ويواجه روسي أحكاماً بالسجن، بشحن إلكترونيات دقيقة أميركية، تبلغ قيمتها نحو 50 مليون دولار، بمعلومات نقلها تُستخدم في أنظمة الرادار والمراقبة والتكنولوجيا!
وسبق أن شكلت قضية التجسس الصناعي على الشركات الألمانية بوساطة وكالات حكومية صينية حيزاً كبيراً من مباحثات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع مسؤولين صينيين، وسبق أن أفصحت شركة «فولكسفاغن» الألمانية الشهيرة عن أن الشركة الصينية الشريكة «فاو»، نشأت من شركة مختلطة بين فولكسفاغن والدولة الصينية، قامت منذ أشهر عدة بالتجسس المنهجي لنسخ المحركات وعلب تغيير السرعة للمجموعة الألمانية..!
في عام 1997، تم تجريم رجل من واشنطن بتهمة سرقة الأسرار التجارية من شركة جيليت. ستيفن ديفيز، إذ سرق معلومات عن نظام حلاقة جديد تم تطويره من قبل الشركة.
خلال التسعينيات، اتهم موظف بشركة كوداك بالتجسس الصناعي. وكان الموظف هارولد ووردن، قد سرق مستندات سرية تقدر قيمتها بملايين الدولارات.
في الثمانينيات، فازت IBM بقضية محكمة ضد شركة هيتاشي، على خلفية التجسس على معلومات الكمبيوتر السرية لاثنين من موظفي الشركة اليابانية.
بالماضي كانت النينجا تسرق المعلومات وبيومنا ومع الانفجار المعلوماتي، أصبحت لكفاءات مميزة تستخلص أهم المعلومات وتحليلها ووضع التوصيات الصحيحة لصناع القرار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن