ثقافة وفن

«ابن البلد» أحمد الزين يعزز وجدانيته وأخلاقه … برع في أدوار القوة والسطوة والشر لأنه يكره أصحابها وجاءت بعيدة عن الفلسفة والتكلف

| سوسن صيداوي

في موضوعنا نطرح بداية هذه التساؤلات: هل يمكننا أن نتحكم بمكنوناتنا، بمعنى هل يستطيع أي شخص أن يكون طيب القلب؟، وبالوقت نفسه يمكنه أن يتبدّل ليصبح غليظ القلب أو شريراً؟ أو هل يمكنه عبر جهاز تحكم أن يبدل حاله إلى حال آخر؟
فطرية الخير والشر في البشر لم يُحسم جدلها حتى اليوم، ولكن من الذي يجعلنا نصدق بأن في سوادنا الداخلي هنالك دائماً نقطة بيضاء، وفي كلّ بياضنا لابدّ من وجود نقطة سوداء وستظهر بمناسبة ما، لربما يأتي الجواب كالتالي: بأن السادة الممثلين على المسرح أو في السينما أو في الدراما التلفزيونية، هم من يجعلوننا نصدق، ولكن بشرط أن يكون الممثل حقيقياً لا يعرف المراوغة أو الكذب، والتمثيل مهنته الوحيدة وقوت رزقه، لهذا لا مجال للمساومة أو التنازلات عنده، وممن يحمل هذه الصفات نقف اليوم عند قامة ناهز صاحبها السبعين عاماً، في مشوار فني حافل تنوع بين الدراما والكوميديا، ونتحدث عن الممثل ابن البلد أحمد الزين الذي أطلّ علينا في الموسم الرمضاني بمسلسل «للموت» بشخصية «عبد اللـه أحمد ضاهر» الرجل الطيب.

بين الحقيقة والواقع

يدرس أحمد الزين الشخصية جيداً ويستحضر كل التواريخ مع الظروف المحيطة ليقولبها ولتصل إلينا في صدق غير مبالغ فيه وبعيد عن الفلسفة والتكلف أو الادعاء. ولكن في هذا الموسم هناك اختلاف واضح عما قدمه الفنان خلال السنوات العشر الماضية، فلقد جاءت أدواره مجسّدة للقوة والسطوة والظلم أو الغرور، بمكان برع فيه «الزين» بتقديم أدوار الشر، والتي عبر بأحد حواراته بأنه يكره حقاً أصحابها، ونذكر من هذه الأعمال: عندما يبكي التراب، قيامة البنادق، بلاد العز، وما فيي، وأخيراً في شخصية «سليمان السعيد» (زعيم العشيرة ومهرب مخدرات) في مسلسل «الهيبة​». لكنه يختلف في الشخصية موضوع الحديث في شخصية «عبد اللـه أحمد ضاهر»، لأنها تعكس حقيقته من حيث أصالته ورقة قلبه وحسن تعامله مع الآخرين وتقديره لنفسه ولمن هو محيط به، كيف لا فهو -وبحسب قوله- لا يمثل بل يتقمّص الدور حين يحبه، والدور الذي لا يعيشه، يعتذر عنه بأدب واحترام، لذلك بحسب أهل الاختصاص الزين لم يقدم عملاً فاشلاً حتى الآن.

وبالنسبة لشخصية «عبد الله» جسّد لنا ابن البلد الشخصية الطيبة بأسلوب السهل الممتنع، وجعلنا-انطلاقا من خبرته وذكائه- نصدقه ونتمسك بقيمه الأخلاقية وموقفه حتى ولو وجده البعض أنه أمر مبالغ فيه في زمن شحّ فيه الخير والعطاء، إلا أن ما يبرر هذه النخوة أنها أصل متجذر في عاداتنا الحياتية، وما تعودنا عليه من حسن الأخلاق والحميّة والغيرة في مساعدة غيرنا، وكيف إذا كانت المساعدة هي لأهل الحي الذي يعيش فيه «عبد الله» ويعمل به من خلال محل بيع الخضراوات، إذ يبيع موجودات محله بأسعار معقولة رغم هبوط سعر الليرة اللبنانية. هذا من جانب ومن جانب آخر نجده ملتزما بصديقه وجاره «أبو محمود» وبأفراد عائلته، لإعطائهم المال لدفع تكاليف الطبابة ويدفع خفية عنهم ثمن اشتراك «الدش». ونراه رجلاً مخلصاً ومتمسكاً بحب حياته «حنان» التي تلعب دورها الممثلة القديرة ​رندة كعدي​، حيث بقي ملتزماً معها بتربية ابن أختها المتوفاة، ومنتظراً إياها لتقبل الزواج منه حتى ولو ملأ الشيب شعرهما. عدا إحجامه عن بيع منزله وسخطه وطرده المستمر لـ «جابر» الذي يعمل كوسيط، من أجل دفع أهل الحي لبيع منازلهم، إضافة إلى الكثير من المواقف الأخرى.

وتجدر الإشارة إلى أننا شاهدنا في الحلقة 12 من مسلسل «للموت» مشهد إصابة «عبد الله» بأزمة قلبية إثر تمنّع «حنان» عن الزواج به، بحجة أنها في عمر كبير وهي تخجل من الإقدام على هذه الخطوة خوفاً من كلام الناس، وحين كان الزين يحضّر لمشهد الذبحة القلبية قبل تصويره المشهد بثلاثة أيام، أصيب بذبحة قلبية ونقل إلى المستشفى، وبعد خروجه رفض لزوم المنزل حتى يتعافى، بل نزل على موقع التصوير وتابع تصوير مشاهده بمواعيدها، وأعاد تمثيل ما حصل معه تماماً أمام الكاميرا.

في المسلسل

أخيراً مسلسل «للموت» من إنتاج إيغل – جمال سنان، ومن إخراج فيليب أسمر، قصة وسيناريو وحوار الكاتبة نديم جابر، ويشارك في البطولة إلى جانب أحمد الزين نخبة مهمة من النجوم المتميزين في الدراما اللبنانية والسورية، ونذكر منهم: محمد الأحمد، ماغي أبو غصن، دانييلا رحمة، باسم مغنية، خالد القيش، رندة كعدي، ختام اللحام، خالد السيد، فادي أبو سمرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن