رياضة

مع نهاية الموسم الكروي.. ملاحظات لا بد منها … تغيير لوائح الدوري وإحداث نقلة نوعية بالتعامل مع المباريات

| ناصر النجار

أسدل الستار رسمياً على الموسم الكروي لعام 2020/2021 وحاز تشرين لقب الدوري للمرة الثانية توالياً وللمرة الرابعة بتاريخه، كما نال جبلة لقب كأس الجمهورية بتغلبه في النهائي على جاره حطين وهو اللقب الثاني لجبلة.

الحرية والساحل خسرا الرهان فهبطا إلى الدرجة الأولى وصعد عوضاً عنهما النواعير وعفرين، عودة النواعير إلى الدرجة الممتازة جاءت بعد موسم واحد من هبوطه، على حين يزور عفرين الدرجة الممتازة للمرة الثالثة في تاريخه.

هذه هي حصيلة الموسم بأكمله، وهي مبنية على الأرقام والأهداف والبطاقات الحمراء وركلات الجزاء، أما الحصيلة الحقيقية فهي مبنية على المبادئ والأهداف العليا التي على أساسها تبنى كرة القدم، فهذه التفاتتنا للدوري في حديث اليوم ونترك لغة الأرقام والبطاقات والجزاء إلى الذكريات التي تبقى مادة صحفية مشوقة، إنما لن تقدم ولن تؤخر في هذا الواقع الكروي الذي يعاني الإفلاس.

وفي المحصلة العامة وجدنا موسماً كروياً فاشلاً بامتياز رغم كل محاولات اتحاد كرة القدم إجراء عمليات تجميل و(مكياج) إلا أن الصورة بقيت بشعة لأسوأ موسم كروي على الإطلاق.

وربما كان منع الحضور الجماهيري للملاعب في أغلب مباريات مرحلة الإياب هو العصا السحرية التي أنقذت الموسم وأنقذت اتحاد كرة القدم من الكثير من المطبات وربما من الاستقالة.

ولا بد أمام كل هذا من سرد بعض الملاحظات على الموسم الكروي، علّ أموره تنصلح في المواسم القادمة.

ضغط متواصل

بعد نهاية هذا الموسم الكروي المحلي سيعيش اتحاد كرة القدم ضغطاً متواصلاً، هذا الضغط سيكون خارجياً من خلال الالتزامات الآسيوية والعربية، وهذا سيؤثر بشكل مباشر في الموسم الكروي القادم على صعيد الترتيب والمواعيد وإعادة البناء.

والضغط سيكون بمشاركة المنتخبات الوطنية بكأس العرب بكل الفئات، ومشاركة ناديي الوحدة وتشرين ببطولة الاتحاد الآسيوي، إضافة لمشاركة منتخبنا الأول بالتصفيات الآسيوية المقبلة القريبة في الشهر القادم.

هذا الضغط كما ذكرنا يستنفد الوقت ويستنفد الجهد، لذلك لن يكون اتحاد الكرة والمتنفذون فيه متفرغين لمراجعة الموسم الكروي وإعادة تقييم هذا الموسم، وتصحيح أخطائه وتقويم اعوجاجه.

ونحن نرى أن الخطأ الأول الذي يمارسه اتحاد كرة القدم منذ انتخابه قبل سنة ونصف السنة أنه غير حازم بقراراته، وأنه دائماً يفضل التعامل بالمراسلات، والمراسلات في أجوائنا الكروية تعني البيروقراطية، وهي تأخذ وقتاً ومماطلة وتستوجب تشكيل لجان ومستشارين، والمشكلة ليس بهذه الإجراءات كلها، إنما المشكلة في الوقت والأشخاص والفكر الذي يحدد طريقة التعامل مع الآليات، فعندما تمر مشكلة كبيرة، كما حدث في الشكوى ضد تشرين والكسوة في الموسم الماضي، والحادثة التي جرت هذا الموسم بين حرجلة وجبلة يجـب أن تمــر بأطوار كثيرة تستوجب مراحل تكوين ونمو وغير ذلك وصولاً إلى (موت) هذه المشكلة في المهد.

لذلك وجدنا أن اتحاد كرة القدم غير قادر على المواجهة وخصوصاً في القضايا الصعبة التي تتطلب إجراء حاسماً وحازماً، وربما أن سبب هذا التأخير يعود إلى أن اتحاد كرة القدم يدرس تداعيات القرار الذي سيتخذه وأثره على من يمنون على الاتحاد، وعلى من قد تصطدم مصالح اتحاد كرة القدم معهم، لذلك فإن عملية كسب الوقت تأتي جزءاً من مهمة هدفها (التمييع) وصولاً إلى قرار يرضي جميع الأطراف، أو قرار يكون ليس له أي تأثير في أحد!.

القرار الضائع

أهم شيء يجب أن يفعله اتحاد كرة القدم هو دراسة اللوائح الانضباطية ليكون قادراً على ضبط المخالفات التي تقع في المباريات الرياضية ونحن لا نريد المادة التي تخول اتحاد كرة القدم اتخاذ القرار المناسب مفعّلة على طول المباريات وعرضها، إنما نريدها صيغة جيدة لحالة خاصة جداً ليس فيها أي مادة قانونية، وتحدث في عالم كرة القدم لأول مرة.

العمل باللوائح ضروري جداً، واللوائح هذه باتت مفصلة على مقاس الأشخاص وحدودهم ونفوذهم، مثلاً: هناك الكثير من الشخصيات المهمة الموجودة على رأس القيادة في العديد من الأندية، ولأن هذه الشخصيات بشر وتخطئ فإننا نجد اتحاد كرة القدم يلجأ من باب الخجل والاعتذار إلى اتخاذ أدنى عقوبة موجودة في المادة ذاتها، علماً أن المخالفة قد تكون تستوجب الإيقاف لمدة سنة.

ونجد بالمقابل لاعبين وكوادر ليس لهم أي داعم وعندما يخطئون تنفذ عليهم العقوبة الأكثر صرامة في اللائحة التأديبية لاتحاد كرة القدم من المادة ذاتها التي تتضمن عقوبة الإيقاف لمدة مباراة أو اثنتين أو أربع وصولاً للسنة، وتفسيرها يعود لاتحاد كرة القدم وحسب مزاجيته والأشخاص المخالفين وتبعيتهم.

بصريح العبارة وحتى لا تقع لجان الانضباط بخانة الاجتهاد والتأويل والتفسير وفتح المزاد على الأصحاب والأحباب فإننا نقترح وهو اقتراح محق وعادل ومن الضروري تنفيذه، أن يتم تفصيل الحالات بشكل واضح وصريح بحيث كل حالة نجد أمامها العقوبة المناسبة من دون أن أي اجتهاد أو تفسير، والقصة ليست (كيمياء) فحالات كرة القدم في العالم كله وليست في سورية فحسب محصورة ومعروفة، وإذا كان كراس اتحاد كرة القدم الخاص باللائحة الانضباطية يضم 50 صفحة فلا بأس إن تجاوز المئة صفحة ما دام أنه يصل بنا إلى العدالة المطلقة وإلى اتخاذ القرار بسرعة وسهولة ويسر.

المراقب الآلي

الخلاف الأزلي في اتحاد كرة القدم يكمن في تقرير المباراة، المراقب والحكام بشر قد يصيبون وقد يخطئون، وإضافة إلى ذلك فإن شعبنا معروف بنزعته العاطفية، لذلك دوماً تكون التقارير مخففة وبعضها غير حقيقية، (فتبويس الشوارب) موجود وهناك أمور أخرى لا نود التطرق إليها موجودة تجعل المراقب أو الحكم يخفف لهجته في كتابة التقارير، وكم من حالات شاهدناها على شاشة التلفزيون لم نشاهدها في تقارير الحكام والمراقبين.

وهذا أمر واضح ومعروف ولا يحتاج إلى أدلة وشواهد، واخترع اتحاد كرة القدم وظيفة ثالثة بمسمى المنسق العام للمباراة لم نعرف حتى الآن ما مهمته، ولكن الذي نعرفه أن أجور المباريات ارتفعت بوجود شخص إضافي وكأن هذا المنصب الجديد (تنفيعة) للأصحاب والمقربين، وخصوصاً أننا لم نجد فيهم الكفاءة المطلوبة أو الخبرة المطلوبة، ووجودهم ليس له أي معنى وخصوصاً في حالة منع الجماهير من ارتياد الملاعب، لذلك فالمقترح أن يتم الاعتماد على التصوير ونقل المباريات لتكون هذه أدلة إضافية، إما تدعم تقرير الحكم والمراقب أو أنها تضيف أشياء أغفلت في التقارير.

هناك الكثير من التقنيات الإضافية القادرة على مراقبة المباريات وضبط تصرفات كل من في الملعب، وعلينا العمل على وجودها في ملاعبنا من أجل رسم العدالة بدقة لتكون صورة المباريات جميلة لا ظالم فيها ولا مظلوم ولا فاجر فيها ولا مدعوم.

قضايا التحكيم

منذ موسمين اتحاد كرة القدم يعاني الوضع التحكيمي وهو في أسوأ أيامه، ومن خلال المتابعات والتحقيق والتدقيق وجدنا أن اتحاد كرة القدم وتحديداً لجنة الحكام العليا تستخدم بحدود 150 حكماً في مباريات النشاط الرسمي سواء في الدرجة الممتازة رجالاً وشباباً أم الدرجة الأولى رجالاً وشباباً أو في دوري السيدات أو النهائيات في الدرجة الثانية.

وبعد موسمين كاملين في عهدة هذا الاتحاد من المفترض أن تتضح صورة الحكام بشكل مباشر وأن تختفي الأخطاء المؤثرة تماماً أو أنها تقل لدرجة كبيرة، نحن لا ننكر أن الأخطاء هي ملح كرة القدم، لكن لا بد من تدارك موضوع الأخطاء التي تغير نتيجة المباراة أو تؤثر في مجرياتها.

الاقتراح هنا أن يتم انتقاء عدد محدود من الحكام لقيادة فرق الدرجة الممتازة، كذلك انتقاء عدد آخر للدرجة الأولى، وغيرهم لباقي المباريات، كما يحدث في كل الدوريات في العالم، المشكلة عندنا تتعلق بالمكسب والمنفعة، والحكم المدعوم يجب أن يدير في أسبوع واحد مباراة في الدرجة الممتازة وأخرى بالشباب وثالثة بالدرجة الأولى ورابعة قد تكون بشباب الأولى أو السيدات أو الدرجة الأولى في مجموعة أخرى.

فالغاية والهدف أن يحصل الحكم المرضي عنه على قيادة أكبر عدد من المباريات ليحصل على أكبر مبلغ من المال في أسبوع واحد.

للأسف هذا الأمر حقيقة، ولكن إذا وزعنا الحكام على الدوريات وقررنا أن الحكم الذي يخطئ في الممتاز يهبط إلى الدرجة الأولى أو الشباب، والذي يتميز في الدرجات الدنيا يصعد إلى الدرجات العليا، نظام صعود وهبوط ومكافآت أيضاً متعلق بالأداء والتميز، هذه إحدى الحالات التي ترفع مستوى الحكام في قطرنا.

من جهة أخرى فإن النشاط المحلي قد انتهى، وهمُّ اتحاد كرة سينصّب على المنتخبات الوطنية، لذلك فإن همّ لجنة الحكام يجب أن ينصب على الاهتمام بالحكام في هذه الأوقات، عبر إقامة معسكرات ودورات صقل وترقية بشكل دائم بكل المحافظات السورية.

نقطة الخلاف داخل اتحاد كرة القدم والتي تنعكس على الحالة التحكيمية يجب أن تنتهي لمصلحة اللعبة، ولا بد من أن تزال العقبات والضغائن والمصالح الشخصية حتى تتنفس كرة القدم، وإلا فاستقيلوا أفضل لكم ولنا.

فشل جديد

دوري الأولى بعدده الواسع الكبير ومجموعاته المتعددة انتهى بتأهل عفرين والنواعير وفشل المجد والمحافظة بالعبور للموسم الثاني على التوالي.

نظام الدوري غير ملب على الإطلاق ويضم في جنباته فرقاً عديدة وكثيرة، بعضها لا يملك مقومات كرة القدم ووجودها.

في المقام الأول فإن همّ أغلب الفرق البقاء في الدوري فقط وعدم الهبوط إلى الدرجة الثانية، والقليل من الفرق التي ترغب في المنافسة، ونجد أن المنافسة تمر بمرحلتين أو ثلاث، المرحلة الأولى: تأتي في الأدوار الأولى ونجد المتنافسين على التأهل إلى الدور الثاني كثراً، في الدور الثاني تتقلص أعداد المنافسة، ليبقى الجدّيون فقط ولا يتجاوز عددهم الأربعة، الدوري يجب أن يقلص عدده للنصف لأن كل الأندية عندما طلبت توزيع الفرق على خمس مجموعات كانت شكواها مالية، لذلك نقول: من لا يستطيع الإنفاق على كرة القدم فعليه أن يلغيها أو أن يهبط إلى الدرجات التي تتناسب مع إمكانيات الفريق.

النقطة الأهم التي يجب أن يستوعبها الفريقان المتأهلان أن الدوري الممتاز يختلف كثيراً عن دوري الأولى وخصوصاً من ناحية النفقات والمصاريف، وهو طويل وعدد مبارياته كثير، فمن يعرف أنه غير قادر على هذه المواجهة فعليه أن ينسحب من الآن ويلعب بدرجة تتوافق مع إمكانياته، وهذا أفضل من المطبات والعقبات التي ممكن أن يتعرض لها الفريق طوال الموسم.

المهم لا بد من التحضير منذ الآن ليكون الحضور إيجابياً ومفيداً وليثبت الوافدان الجديدان، أنهما أهل للممتاز ولدوري المحترفين.

كأس الجمهورية

كأس الجمهورية كان يختصر الكثير من مشكلات كرة القدم بصورة واحدة في مباراة نهائي الكأس التي فاز بها جبلة بركلات الترجيح.

فالمستوى الفني كان سيئاً فلم يقدم الفريقان العرض المطلوب الذي يليق بختام بطولة مهمة ورسمية، لذلك كانت المباراة تحاكي مستوى فريق الدوري وأغلب مبارياته.

على مستوى التنظيم فقد شهدنا الفوضى في أبهى صورها، وزاد فيها انقطاع الكهرباء لمدة نصف ساعة أمام حشد من المسؤولين، وفوضى أخرى عند التتويج، ولا يفوتنا ذكره أن عدداً كبيراً من جمهور الفريقين قد اقتحم الملعب لمتابعة المباراة النهائية متحدين الحجر على الملاعب ودخول الملعب عنوة، الجمهور عاشق للصميم لفريقه، هذا الحب الجم دفعه لفعل ذلك، ولولا العديد من الإجراءات المتخذة لوجدنا الملعب مملوءاً عن آخره بالمشجعين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن