الزراعة المحمية في طرطوس تحت مجهر الأرقام والتكاليف ومعاناة التسويق والخسائر المتلاحقة..!! … عثمان: لا دعم ولا بحوث وثمن الغرام الواحد من بذور البندورة يعادل سعر غرام الذهب
| هيثم يحيى محمد
بدأت الزراعات المحمية ضمن أنفاق بلاستيكية في طرطوس بشكل خاص واللاذقية وبعض الأماكن الأخرى بشكل عام في 1980 وتطورت بشكل تصاعدي بعد ذلك ووصلت للذروة بين عامي 2002-2010 ثم بدأت بالعد التنازلي.
وهي تعني الزراعة المغطاة والتي تزرع في الأوقات غير الطبيعية من (أمطار- وحرارة- ورياح… الخ). ويؤمن لها جميع المتطلبات من ماء وغذاء وتهوية وتدفئة أحياناً.
وتعود أسباب اللجوء لهذه الزراعة إلى ضرورة الاستفادة القصوى من المساحات الصغيرة في الساحل السوري وتفشي الأمراض المستعصية في الأراضي المكشوفة (فيوزاريوم- نيماتودا – أمراض فيروسية) (زعتره) والتي جعلت من المستحيل إمكانية الزراعة المكشوفة بشكل جيد للخضار وخاصة (البندورة – الخيار – الفليفلة – الكوسا) رغم استمرار المحاولات.
ولهذه الزراعة أهمية اقتصادية واجتماعية فأهميتها الاقتصادية تحقق دخلاً مقبولاً لمعظم العائلات وتؤمن مخزوناً غذائياً كاملاً للبلد خلال فصل الشتاء وتعود بالقطع النادر لمصلحة الاقتصاد الوطني أثناء التصدير.
أما اجتماعياً فهي تجعل المزارع مرتبطاً بالأرض وتستوعب عدداً كبيراً من العائلات المهجرة من الداخل سواء بسبب الأحداث أم بسبب الجفاف حيث يوجد نحو 8000 عائلة من (الحسكة –الرقة – حلب – دير الزور…. وإدلب) يقومون بالعمل في هذه الزراعات بطرطوس لوحدها
وللوقوف عند الأرقام المتعلقة بهذه الزراعة التقت «الوطن» المهندس شفيق عثمان رئيس لجنة حماية الزراعات المحمية في اتحاد غرف الزراعة السورية حيث أكد أن عدد البيوت البلاستيكية في المحافظة نحو مئة وأربعين ألف بيت منها نحو 57 ألف بيت غير مرخص منها بندورة 90387- فليفلة 18405- فاصولياء 2127- خيار 10528- باذنجان 13964- فريز 8855- كوسا 2500- موز 57- منغا 154- زينة جوري 422- غراس شتول 31. ويضيف إنه وبسبب الغلاء الفاحش للحديد والنايلون أصبح المزارع يلجأ إلى زراعة الأنفاق (حديد 6ملم ونايلون شفاف) يزرع تحتها (خيار – كوسا – فليفلة – باذنجان).
حالياً ومند سنتين لم ينشأ أي بيت بلاستيكي جديد لأن سعر كلفة البيت البلاستيكي الواحد 50 م عرض 8 م- (حديد– شريط– مجاري– نايلون– تنقيط– خيوط) يتجاوز 5 ملايين ليرة سورية.
والأصناف المزروعة هي البندورة التصديرية بالدرجة الأولى– مندلون– مجدلون- بستونا 107- الباذنجان (برشلونة-كرم-ثريا) تصديرية – الفليفلة (الحرة-الحلوة-الصفراء-الضراء) تصديرية.
والمعاملات الزراعية المطلوبة عديدة حيث يقوم المزارع بما يلي (حراثة الأرض ثلاث مرات وتسميد الطبيعي (ذبل)- إجراء عملية التعقيم (شمسي) أو (كيميائي)- زراعة الشتول- تغليف الشتول- إضافة المخصبات والأسمدة (p-k-N)- عمليات الرش (الفطري والحشري) وقائي وعلاجي- القطاف والتسويق وبسبب تكثيف الزراعة وتعدد الأمراض أحياناً تعاد الزراعة مرتين وثلاثة و…
وعن مدى دعم الدولة لهذا القطاع يجيب عثمان بالقول: لم يلاحظ أي تدخل من قبل مؤسسات الدولة سواء (وزارة الزراعة أم اتحاد الغرف الزراعية السورية).
وللأسف أمر هذه الزراعة متروك للقطاع الخاص (تجار– سوق الهال- شركات الأدوية والبذور والنايلون- وأصحاب المشاغل…).
علماً أنه تم تقديم مساعدات من بعض المنظمات الدولية (فاوMSP-)- نايلون – بذور – لمرة واحدة فقط.
أما عن دور البحث العلمي في تطوير هذا القطاع فيؤكد أنه لم يلاحظ أي دور علماً أنه لو تدخلت مراكز البحوث الزراعية في موضوع استنباط سلالات من البذور المتخصصة للزراعة المحمية لوفرت ملايين الدولارات أسوة بباقي الدول ولاسيما (الأردن) متسائلاً هل يعقل أن ثمن الغرام الواحد من بذور البندورة يعادل أحياناً سعر غرام الذهب؟ مطالباً بإيجاد مراكز بحوث متخصصة لهذا القطاع.
وعن دور الإرشاد الزراعي في تطوير الإنتاج كماً ونوعاً قال عثمان: إن دوره ضعيف جداً جداً والعمل الإرشادي إداري وضمن المكاتب فقط وبكل أسف- ويجب إعادة هيكلة عمل الوحدات الإرشادية وأن يكون 70 بالمئة من المتخصصين ميدانيين في الحقول وليس في المكاتب.
أما بخصوص تصدير الفائض من إنتاج هذه الزراعات فأجاب: يوجد في محافظة طرطوس نحو /42/ مركز توضيب وفرز لا يعمل منها حالياً سوى ثمانية فقط والباقي متوقف بسبب الظروف الراهنة وكل مركز يستقطب مالا يقل عن /100 عامل/ إضافة إلى تشغيل (المناشر- الكرتون- البرادات…) وخلال الأعوام 2000-2011 كان متوسط كميات التصدير من (البندورة فقط) من700 إلى 900 طن وسطياً خلال الموسم (من نيسان حتى حزيران) باليوم الواحد.
أما حالياً وبسبب إغلاق أغلب المنافذ الحدودية لا يتجاوز التصدير مئات الأطنان إلى العراق خلال عام2021 وإلى الخليج وإلى لبنان وإلى روسيا (رمان- بندورة- حمضيات).
ويؤكد عثمان أن أضراراً كبيرة لحقت بهذه الزراعة نتيجة الأزمة ومنها:
• الغلاء الفاحش لكل المتطلبات (يد عاملة– أجور نقل- مواد زراعية ومعدات) وعدم توافرها.
• خروج مالا يقل عن 20 بالمئة من البيوت البلاستيكية عن الخدمة لقلة اليد العاملة وعدم القدرة على التكلفة.
– سيطرة المواد المهربة (مبيدات– ومعقمات) من دون رقابة.
– إغلاق المنافذ الحدودية (وضعف التصدير).
وعن مقترحاته للاستمرار في هذه الزراعة وتطويرها ومنع تعرض المنتجين فيها للخسائر والمعاناة المختلفة خاصة في ضوء تدني أسعار مبيع إنتاجها لما دون التكلفة بكثير كما هو الحال في البندورة هذه الأيام قال المهندس شفيق عثمان هناك مقترحات عديدة أهمها:
* في مجال المواد الزراعية:
– الحد من التهريب ما أمكن وخاصة بالنسبة للمبيدات والتي أصبحت مسيطرة على الأسواق بنسبة90 بالمئة من دون رقيب أو حسيب.
– وضع حد للشركات المستوردة للبذور والمبيدات والمعدات وتخفيض هامش ربحها ومراقبتها ولابد من وجود مراكز للدولة منافسة كما كانت سابقاً.
– التدخل الفوري لمؤسسة التجارة الداخلية ووجودها على الأرض في جميع أسواق الهال كمنافس علماً أن هذا يوفر آلاف الفرص لليد العاملة وإعادة هيكلة العمل في أسواق الهال وطريقة التسعير وخفض كومسيون 7 بالمئة وعدم الحسم على الأوزان 3 بالمئة والتلاعب في الأوزان والأسعار وإعادة ثمن العبوات الفارغة 1800 ل.س للمزارع.
– أسوة بدول الجوار (الأردن- مصر) إيجاد شركات خاصة أو قطاع مشترك تقوم بتقديم جميع احتياجات الموسم وتتعهد بتسويقه وفق برنامج عمل متفق عليه.
– إيجاد شركات تقوم بجميع المخلفات النباتية الناجمة عن الزراعات المحمية وتقدر بآلاف الأطنان وتحويلها إلى أسمدة عضوية ومخصبات زراعية بدلاً من تلفها.
– إنشاء معامل للنايلون والعبوات البلاستيكية والفلين في الساحل السوري والإسراع في تجهيز مركز التوضيب في بانياس لما له من أهمية.
– فتح أسواق ومنافذ في الدول التي تسمح لنا بالتصدير لها ووجود لجان دائمة تبحث عن أسواق للتصدير.
– اعتبار الزراعة المحمية زراعة إستراتيجية أسوة بالقطن والقمح والشوندر وفتح مكتب لها في الساحل السوري.
– جعل التأمين على البيوت البلاستيكية إلزامياً وبنسب معقولة وأحد شروط الترخيص.
– اعتبار المواد الزراعية المستوردة مدعومة وتخفيض الرسوم الجمركية عليها ومراقبتها.
– إلغاء الحواجز أو الترفيق الحالي لما يخص المنتج كما يحدث الآن.
– إعطاء اللجنة المشكلة بقرار اتحاد الغرف الزراعية (لجنة حماية الزراعات المحمية) أولوية في إعطاء المعلومة والتواصل مع أصحاب القرار عند كل مستجد في هذا القطاع.