نشرت صحيفة «النيويورك تايمز» قبل أيام مقالاً للسيناتور الديمقراطي والمنافس السابق لجو بايدن في الانتخابات الرئاسية بيرني ساندرز، ينتقد فيه الحكومات الأميركية المتعاقبة «لدفاعها المستمر عن إسرائيل دون أن تتعامل مع جوهر المشكلة الذي لا يكمن في صواريخ حماس بل هو مرتبط بالممارسات العنصرية للحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وفي الداخل الإسرائيلي».
وفي الكونغرس ولأول مرة في تاريخه، تخصص ساعة للتضامن مع فلسطين، وجه خلالها نحو اثني عشر نائباً ديمقراطياً انتقادات لطريقة تعامل الإدارة الأميركية مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي الشارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي هناك تعاطف ودعم لحقوق الفلسطينيين واحتجاجات كبيرة على طريقة تعامل الإدارة الأميركية مع القضية الفلسطينية.
أحداث لا تعتبر مألوفة عند الحديث عن إسرائيل وفلسطين ما قد يكون دليلاً على أن هناك تغييراً واضحاً في الداخل الأميركي وخاصة في الكونغرس والإعلام فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تقليدياً يتفق الحزبان على الدفاع المطلق عن إسرائيل، لكن يبدو أن هذا التيار التقليدي تراجع قليلاً لمصلحة حركة جديدة متعاطفة مع الفلسطينيين، وهذا التعاطف واضح في الشارع الأميركي عموماً وفي صفوف الديمقراطيين خصوصاً، لعل هذا التعاطف يعود إلى وجود جيل جديد من الأميركيين من أصول فلسطينية منخرطين بالعمل السياسي على عكس الجيل الأول والثاني من المهاجرين العرب الذين بقوا بعيدين عن السياسة، فهناك نواب في الكونغرس من الأميركيين الفلسطينيين كالنائب رشيدة طالبي عن ولاية ديترويت، كما أن الناخب العربي الأميركي أصبح يشارك في الانتخابات الأميركية بشكل أقوى وأكثر فعالية ما جعله يشكل عامل ضغط لا بأس به قد يكون سبباً في نجاح نائب أو خسارته الانتخابات، بالإضافة إلى التغيير الديموغرافي هناك هو تغيير في المواقف داخل الحزب الديمقراطي، وقد تكون النائب إليزابيث وارين عن ولاية ماساتشوستس خير دليل على تغيير المواقف، ففي العام 2014 دافعت السيناتور وارين عن القصف الإسرائيلي للمدارس في قطاع غزة ما وضعها إلى أقصى اليمين من إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما آنذاك، والآن وبعد مرور سبع سنوات تغير موقف السيناتور وارين حيث قالت إنها تدعم وضع قيود على المساعدات العسكرية لإسرائيل، وبعدها بعدة أسابيع كانت من بين مجموعة النواب التي انتقدت طرد الفلسطينيين من بيوتهم في حي الشيخ جراح المقدسي.
مع كل هذه التحركات المطالبة بوقف تسليح إسرائيل، أبلغ الرئيس بايدن الكونغرس قبل أيام أنه وافق على بيع أسلحة دقيقة لإسرائيل بقيمة 735 مليون دولار، فهل سيستطيع هذا التوجه الجديد داخل الحزب الديمقراطي الضغط على البيت الأبيض لتغيير سياساته تجاه إسرائيل؟
بعد أكثر من سبعين عاماً على نكبة فلسطين وإنشاء إسرائيل، أصبح لفلسطين ساعة تضامن في الكونغرس الأميركي، فكم سنحتاج من الوقت ليعترف المشرع الأميركي بأن حياة الفلسطينيين مهمة؟