قضايا وآراء

الصين لاعب جديد تحتاجه المنطقة وفلسطين

| سيلفا رزوق

لم تغير الصين بوصلتها السياسية تجاه الكثير من القضايا الدولية ولاسيما القضايا المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط، وشكلت قرارات الأمم المتحدة الأساس القانوني الذي استندت إليه بكين في مقارباتها لما يجري في منطقتنا لعقود، وخاصة القضية الفلسطينية.
السياسة الخارجية الصينية التي طالما اتصفت بالهدوء في مقارباتها لمختلف القضايا التي تشغل العالم، شهدت في الآونة الأخيرة اندفاعة مختلفة تجاه منطقتنا، عبّرت عنها الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الصيني وانغ يي في آذار الفائت لست دول في منطقة الشرق الأوسط، حرصت من خلالها بكين على تأكيد اهتمامها بتطوير علاقاتها مع دول المنطقة والمساهمة في إحلال الأمن والاستقرار فيها عبر طرح مبادرة ذات خمس نقاط خصت فيها القضية الفلسطينية بجانب مهم منها.
الخطوة الصينية تجاه منطقتنا لم تتوقف عند هذه الحدود، بل كشف التصعيد الأخير والعدوان الذي شنته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، عن موقف متقدم للصين فيما يخص نظرتها لكيفية إنهاء العدوان على الفلسطينيين، وتحركت الخارجية الصينية باتجاه التواصل مع جميع الأطراف المعنية كما تحركت في مجلس الأمن، وأكدت من على المنبر الأممي أن السلام لن يتحقق في المنطقة برمتها من دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وبرزت تصريحات لافتة لوزير الخارجية الصيني أدان فيها بشدة أعمال العنف بحق المدنيين، مطالباً إسرائيل بالالتزام الجدي بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ووقف هدم منازل الفلسطينيين وطردهم، ووقف توسيع المستوطنات، ومنع أعمال العنف والتهديد والاستفزاز ضد المسلمين، وصيانة واحترام الوضعية التاريخية للمقدسات الدينية في القدس.
تحرك الصين خلال فترة العدوان على غزة لم يتوقف مع توقف العدوان، بل حرصت بكين على تأكيد موقفها الجديد في المنطقة، وأعلن المتحدث باسم وكالة التعاون في مجال التنمية الدولية في الصين، أن الجانب الصيني سيقدم مساعدات إنسانية طارئة في أقرب وقت ممكن، وفقاً لاحتياجات الجانب الفلسطيني، من أجل مساعدة فلسطين في تقديم العناية الطبية للمصابين والمتضررين، وفي العمل الخاص بتوفير المأوى للاجئين الذين فقدوا بيوتهم، وهذه الخطوة جاءت للتأكيد أن دور الصين سيستمر على نحو مغاير لما عهدته المنطقة في المرحلة القادمة.
دخول الصين على خط الوساطة في منطقتنا والدور الجديد لبكين، ولاسيما إزاء القضية الفلسطينية، وحرصها الشديد على تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة، وفقاً للأسس والمعايير الدولية، وبحثها عن ديناميكيات جديدة للتفاعل مع قضايا الشرق الأوسط وما يحمله هذا التفاعل من رافعة تاريخية ربطت الجانبين لقرون، كل ذلك كشف بلا شك عن نقلة نوعية في السياسة الخارجية الصينية، تحتاجها المنطقة بشدة، لإعادة التوازن المفقود منذ سنوات طويلة، نتيجة سيطرة الإرادة الأميركية الداعم المطلق لإسرائيل على مفاصل القرار الدولي وما أنتجه ذلك من تفاقم للمشكلات والأزمات التي دفعت المنطقة ثمناً باهظاً لها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن