قضايا وآراء

انتصارات أيار تصنعها إرادة الشعوب وثقافتها

| بقلم: د. سيد حميد رضا عصمتي - المستشار الثقافي الإيراني في سورية

التاريخ الناصع لا تصنعه هرولة المطبعين والمستسلمين، بل تصنعه إرادة المقاومين ودماء الشهداء الذين كتبوا النصر بأحرف من أروع الملاحم النضالية ليخلد التاريخ انتصاراتهم، وها هو شهر أيار يحتضن بين ثناياه مناسبات النصر المتعددة فمن مفتاح انتصارات الأمة في 25 أيار 2000 في لبنان الذي صنعه أبطال المقاومة الوطنية اللبنانية بكل قدرة واقتدار لتثبت للعدو قبل الصديق أن نهج المقاومة هو الخيار الإستراتيجي الوحيد القادر على كسر شوكة العدو الصهيوني المحتل الذي لا يعرف إلا لغة القوة ؛ إلى الانتصار في المعارك ضد الجماعات التكفيرية في حوض العاصي والقصير في 2013، وعلى مدى عامٍ ونصف عام تقريباً، تم تتوّيج المرحلة بتحرير بلدات القلمون السورية، وصولاً إلى معلولا في أيار 2014، واليوم تتوالى الانتصارات في زمن قد ولّت فيه الهزائم إلى غير رجعة بانتصار المقاومة الفلسطينية الذي تحقق في معركة «سيف القدس» على أيدي مجاهدي فصائل المقاومة الفلسطينية ضد كيان العدو الإسرائيلي حيث كشف وهم المطبعين وصفع مشروعهم الانبطاحي والاستسلامي ليبني مرحلة مقبلة مبشرة بالانتصارات القادمة والتي ستتوج بتحرير كامل الأراضي المحتلة.

في هذا الانتصار الذي تراكمت فيه الإنجازات وتحققت أهدافه تشكلت فيه نقطة تحول جديدة على مستوى الثقافة والوعي والهوية والساحة لدى الشعوب، وكذلك الثقة بالنفس والقدرة على تغيير الواقع، وإن مقاومة الاحتلال أو الاستعمار أمر ممكن وليس مستحيلاً. فقد أثبت الانتصار بأن:

– دماء الحاج الشهيد قاسم سليماني الذي كان له دور بارز في تسليح وتدريب مجاهدي المقاومة الفلسطينية أثمر عزاً ونصراً.

– مشروع استمرار الكيان الإسرائيلي إلى زوال مهما طال الأمد.

– المقاومة في فلسطين ومن ورائها شعبها بكل شرف وإرادة ونيابة عن الأمة بأكملها قادرة على سحق العدو وإلحاق الهزيمة به فضلا عن باقي دول وحركات محور المقاومة

هي ليست شعارات بل نتائج ملموسة واقعية أثبتت مصداقية محور المقاومة خلال الأعوام الماضية، فكما أثمر في فلسطين على جبهة غزة وبنور الصواريخ المشعة باسم هذا المحور أيضاً أينعت ثماره في العراق وأزهر في اليمن ليثبت أن زوال الكيان الصهيوني مسألة وقت ونتيجة حتمية.

يتحمل اليوم أهل الثقافة والإعلام وأصحاب القلم مسؤولية نشر ثقافة الانتصار على العدو وترسيخها من أجل حماية وحفظ الهوية والتاريخ ومن أجل محو ما تسلل من أفكار انهزامية إلى عقول شبابنا وأبنائنا ومن أجل إعادة تنظيم حياتنا على أساس التبعية والتقليد للغرب وغيره.

والأهم من ذلك هو إسقاط مشروع التطبيع الركن الأساس للسيطرة الإسرائيلية الذي هو من أخطر المعارك لكونه التهديد الإستراتيجي الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية. إلا أنه في هذه الجولة البطولية استطاعت المقاومة كسر المعادلات القديمة وإحداث قواعد جديدة للشعوب المستضعفة بالاعتماد على الثوابت في ثقافة المقاومة التي لا مجال فيها للهزيمة فكل ما يدور في الساحة هو انتصار أو طريق له، في ثقافة المقاومة لا مكان للعمل العشوائي بل هناك رسم للإستراتيجيات والتخطيط وأخذ القرار المبني على معرفة العدو وإستراتيجيته وأهدافه وتكتيكه وساحة المعركة، هذا ما هيأ أسباب النصر.

ولكن يجب التنبّه إلى أن العدو لن يكلّ ولن يرضى بالهزيمة بل سيعيد التخطيط تحت ستار جديد بشكل مشاريع فتنوية جديدة، لذا- هنا بيت القصيد- تأتي أهمية دور الأجهزة الثقافية الرسمية والنخب للتوعية ومواجهة الهجمة المقبلة التي تهدف إلى ضرب العلاقات الحيوية بين مكونات جبهة المقاومة والتشويش على ثقافتها لدى أبناء المجتمع وخاصةً الشباب ليؤثروا سلباً على الرأي العام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن